+ A
A -
وجدان عبدالعزيز كاتب عراقي
نعرف أن الديمقراطية تعني نظام حكم، حيث تكون السلطة العليا بيد الشعب، الذي يمارس سلطاته بشكلٍ مباشرٍ، أو عن طريق مجموعة من الأشخاص يتمّ انتخابهم لتمثيل الشّعب بالاعتماد على عمليةٍ انتخابيّةٍ حرةٍ، حيث ترفض الديمقراطية جعل السلطة كاملةً ومُركَّزة في شخصٍ واحد، أو على مجموعة من الأشخاص كالحكم الدكتاتوري، أو (حكم الأقليات)، ولقد وضعت شروط معينة للشكل الديمقراطي، ومنها إجراء انتخابات حرة ونزيهة، لكن لا بد أن يسبق الانتخابات أن تطبق إجراءات مهمة تعمق ضرورة الذهاب إلى صندوق الانتخاب: منها حرية الحصول على المعلومات من مصادرها المتعددة، وحرية التعبير، والأمر الآخر حرية التنظيم وتشكيل مؤسسات مستقلة وأخيرا وهو الأهم: إجراء انتخابات حرة ونزيهة، كما أسلفنا، حيث إن هذا الإجراء يمثل: ذروة الديمقراطية، لكنه لا يعني بالضبط الديمقراطية، ولا ينتجها، كون الديمقراطية ليست مجرد انتخابات، لكنها جدا ضرورية كونها تمنح المواطنين فرصة إخضاع قادتهم للمساءلة، من خلال تصويتهم ضد المسؤولين، الذين يشغلون المناصب، أو التوعّد بمحاسبة من ينجحون في الفوز بالانتخابات، حيث توجد الآلية التي تضمن التداول السلمي للسلطة السياسية، لأنها تشكّل عنصراً أساسياً لأي نظام ديمقراطي يعمل على تحسين ظروف العيش، من خلال ربط مصالح الناخبين بمصالح الحكومات، وإفساح المجال أمام المواطنين لاختيار الممثّلين الذين يعكسون إرادتهم.
من هنا تسهم الانتخابات النزيهة في تحقيق أهداف التنمية على المدى الطويل، إذ ترسخ دعائم الحكم، الذي يستجيب لاحتياجات شعبه، وبالتالي تنظيم عملية اتخاذ القرارات وعمل مؤسسات الحكم من خلال الاستناد إلى مبدأ حكم القانون، أي تقييد سلطة الحكومة بدستور يخضع له الحكام والمحكومون على قدم المساواة، ويوفر آليات محددة لصنع القرارات، وأخرى للمساءلة السياسية، وقيام نظام قضائي مستقل لحماية مبدأ حكم القانون وصيانة حريات الأفراد وحقوقهم والنظر في مدى دستورية القوانين. هذا فضلاً عن ضمان عدم خضوع السياسيين المنتخبين الذين يمارسون وظيفة السلطة السياسية لسيطرة، أو مراقبة هيئات غير منتخبة، كالمؤسسات العسكرية، أو الأمنية، أو الدينية، وكذا مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ووجود آليات للتوازن بين تلك السلطات.. وبهذا ضمن المواطن حقا أساسيا وهو أن يشارك في الحكم وإدارة الشؤون العامة لبلاده.
كما يحقّ له أن ينتخِب ويُنتخَب في انتخابات دورية من دون التعرّض لأي تمييز، لأنّ إرادة الشعب التي يعبّر عنها في صناديق الاقتراع هي مصدر السلطة في الحكم الديمقراطي، حيث نصّت المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك المادة (25) من الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى صكوك دولية أخرى حول حقوق الإنسان، على تلك المفاهيم التي يتمحور حولها المبدأ القائل بأنّ الانتخابات هي ملك الشعب، وأبرز مقومات الديمقراطية الحقّة.
copy short url   نسخ
25/06/2021
393