+ A
A -
بيّن فضيلة الداعية عبدالله بن محمد النعمة أن القلب أشرف أعضاء ابن آدم وأعظمها، وأنه منبع الإيمان والمشاعر، ومصدر النيات ومحرك الأخلاق وموجه التصرفات، إذا صلح في الإنسان صلحت سائر أعماله وأقواله واستقامت سائر أفكاره وأخلاقه، وإذا فسد في الإنسان فسد منه الظاهر والباطن، وقد جعله الله تعالى وعاء للخير والرشاد أو وعاء للشر والفساد، ولذا كان من أكثر دعاء النبي «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»، فالقلب هو موضع نظر الله سبحانه من عبده.
وقال الداعية عبدالله بن محمد النعمة في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب: عباد الله... هذه يد المنون تتخطف الأرواح من أجسادها، تتخطفها وهي راقدة في منامها، تعاجلها وهي تمشي في طرقاتها، تقبضها وهي مُكبّة على أعمالها، تتخطفها وتعاجلها في غير إنذار أو إشعار، «فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ»، ها هو ابن آدم يصبح سليما معافى في صحته وحُلّته، ثم يمسي بين أطباق الثرى قد حيل بينه وبين الأحباب والأصحاب، صح عند البخاري: «وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك».
وأضاف الخطيب: القلب أشرف أعضاء ابن آدم وأعظمها، إنه منبع الإيمان والمشاعر، ومصدر النيات ومحرك الأخلاق وموجه التصرفات، إذا صلح في الإنسان صلحت سائر أعماله وأقواله واستقامت سائر أفكاره وأخلاقه، وإذا فسد في الإنسان فسد منه الظاهر والباطن، وقد ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير أنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب». جعله الله تعالى وعاء للخير والرشاد أو وعاء للشر والفساد، ولذا كان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» فالقلب يا عباد الله هو موضع نظر الله سبحانه من عبده، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم»، فيا عجبا من أقوام صرفوا جل اهتمامهم في تحسين ظواهرهم وغفلوا عن قلوبهم وأفئدتهم، وما أصدق ما قاله ابن القيم -رحمه الله.
وأوضح الداعية عبدالله النعمة أن الفضل عند الله ليس بصورة الأعمال بل بحقائق الإيمان، ولذا تميزت القلوب إلى ثلاثة أقسام كما ذكر ذلك ابن القيم -رحمه الله تعالى- «قلب سليم يكون صاحبه مستسلما لله في أقواله وأفعاله وسره وعلانيته وظاهره وباطنه فهو إن أحب، أحب لله، وإن غضب، غضب لله، وإن منع، منع لله، وإن أعطى، أعطى لله، وقلب سلم من كل شبهة وشهوة قلب سكنه الإيمان وحل فيه اليقين، ميزانه الدقيق رضوان الله ومطلبه طاعة ربه، أصحاب هذه القلوب يُبحث عنهم ويُطلبون، ففي مخالطتهم دواء وفي مصاحبتهم عافية وفي مؤاخاتهم نجاة، قال الله في شأنهم «وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»، قلب طاهر ناصح لله تعالى في خلقه مستقيما على طاعته وعبادته.
وأردف: ولأجل هذا يا عباد الله كان من أعظم ما وصف الله به أهل الجنة من النعيم أن قال سبحانه: «وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى? سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ»، وعند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير» يعني في رقتها وخشوعها وخضوعها لله وخوفها منه، ضعيفة أنهكها الخوف والحذر.
وذكر الخطيب أن ثاني أقسام القلوب: هو القلب الميت، قلب لا حياة فيه، قلب الهوى إمامه والشهوة قائده والجهل سائقه والغفلة مركبه، وقد قال الله تعالى فيمن هذا تشبيها له بالموتى في عدم الانتفاع بالمواعظ والآيات: «إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى? يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ».
وثالثها: القلب المريض الذي يتجاذبه نور إيمان وظلمة شهوات، فيه إشراقة خير وعواصف أهواء، فللشيطان هناك إقبال وإدبار، والحرب دول وسجال، وإنما الأعمال بالخواتيم.
وحث الداعية النعمة المسلمين قائلا: عباد الله في صلاح القلوب نجاة وفي صلاحها سعادة وطمأنينة، والسبيل إلى ذلك في القرب من الله في توحيده وطاعته وعبادته، في ذكره تلاوة كتابه «الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»، في إكرام المسكين والعطف على المسكين، روى أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال له إن أردت أن تلين قلبك فأطعم اليتيم وامسح رأس المسكين، في اللين مع الناس والتلطف معهم معاملة وتحدثا رفقا بهم والتماسا للعذر والبعد عن التعنيف والجفاء، روى الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حُرّم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس»، وروى ابن ماجه عن عبدالله بن عمر قال: «قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد».
copy short url   نسخ
19/06/2021
1202