+ A
A -
أحمد القديدي كاتب تونسي
التأم مجلس وزراء الخارجية العرب في الدوحة برئاسة دولة قطر على غير عادة التئامه في دولة المقر مصر، وهو ما يدل على جرعات المرونة والتغيير التي طرأت على أشغال الجامعة بالنظر إلى مقتضيات التحولات العميقة التي اجتاحت مجال العلاقات الدولية والعربية البينية خاصة.. وبعد أن مرت الشعوب العربية بمطبات قاسية وواجهت تحديات صعبة زعزعت منها الموروث من العادات السياسية والمواقف التقليدية وردود الفعل الحضارية.. وهي مؤشرات حميدة أن تتعظ الأمم بعبر التاريخ الحديث وتغير من سلوكياتها في عالم سريع التقلبات لا يعترف بالأيدي المرتعشة وبالشعوب المغيبة وبالدول المتخلفة.
ونعتقد أن دولة قطر هي التي استشعرت منذ سنوات ضرورة إدخال تنقيحات وتعديلات على ميثاق جامعة الدول العربية، لإيمانها أن هذا البيت يظل رغم الأعاصير بيت جميع العرب من محيطهم إلى خليجهم ويظل السقف الأمين الواقي لكل الشعوب العربية.. وسبق للخارجية القطرية عام 2018 أن أعدت مشروع تغييرات عميقة في ميثاق الجامعة وأساليب عملها حتى تكون جامعة للشعوب لا لسان الدول مثل الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا الصدد استقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ووزراء الخارجية ورؤساء الوفود المشاركين في الاجتماع التشاوري واجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية «بشأن تطورات ملف سد النهضة»، وهو الملف الأكثر إلحاحا عربيا وإفريقيا بالنظر إلى أنه يتعلق بشعبين عربيين شقيقين هما مصر والسودان، بل يهدد في صورة عدم استعجال حله بقيام حرب عربية - إفريقية لا داعي لها في هذا الظرف التاريخي، بل ستكون ذات آثار كارثية على العرب والأفارقة.
فالأمر خطير وجلل لأن أثيوبيا تتهيأ للقيام بملء سد النهضة بمياه النيل دون التنسيق مع دولة عبور النيل أي السودان ودولة مصب النيل أي مصر. وكما يعلم الجميع فإن مياه النيل هي التي تشكل شريان الحياة بالنسبة للشعبين العربيين ويمثل تدفق النهر الخالد أهم مورد زراعي أي اقتصادي وحيوي لهما. وفي هذه المقابلة رحب سمو الأمير بضيوف الدوحة معربا عن تمنياته لهم بالتوفيق والنجاح في اجتماعاتهم كما جرى استعراض عدد من الموضوعات المتعلقة بمسيرة العمل العربي المشترك والسبل الكفيلة بتعزيزه وتطويره بالإضافة إلى تطورات الأوضاع على الساحتين العربية والعالمية.
من جهة ثانية تسلم صاحب السمو رسالة خطية من أخيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، تتصل بدعم العلاقات بين البلدين وأوجه تعزيزها وتطويرها لما فيه خير ومصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، إضافة إلى أبرز المستجدات الإقليمية والدولية.
تندرج هذه التحركات القطرية والعربية ضمن العزم المشترك على مجابهة المخاطر الكبرى المهددة لجميع العرب، وآخرها العدوان الإسرائيلي على غزة والقدس، ودعوة العرب للأشقاء الفلسطينيين أن يتحدوا، وتقرر السعي إلى رفع قضية العدوان إلى مجلس الأمن عن طريق تونس العضوة في المجلس. كما تداول وزراء الخارجية العرب حول الوضع في ليبيا، وهو لا يزال هشا، وقرروا الاصطفاف وراء الشرعية الليبية حتى يكتمل لهذه الدولة مسارها الانتقالي الديمقراطي بانتخابات رئاسية وتشريعية يوم 24 ديسمبر المقبل.. ولم ينس العرب أيضا وضع الشعوب اليمني والسوري والعراقي وأيضا الحالة الوبائية في البلدان العربية الأكثر فقرا أو في حاجة إلى توفير اللقاحات بسرعة..
ونذكر في هذا الصدد ما كان قد تفضل به صاحب السمو في منتدى بطرسبورغ منذ أيام من ضرورة وواجب توفير اللقاحات للشعوب المحتاجة في هذه الظروف الاستثنائية القاسية، وهو سلوك أخلاقي من القيادة القطرية مشهود لها به من كل الجهات الدولية.
ثم إن معالم وساطة قطرية ناجعة في قضية سد النهضة أصبحت مطلوبة بالنظر إلى العلاقات الطيبة التي تتمتع بها الدبلوماسية القطرية مع كل الأطراف كما كان الحال مع الوساطة الخيرة بين الولايات المتحدة وطالبان.
أما اليوم، فاللقاء العربي يتم على خلفية استمرار العربدة الصهيونية المارقة عن القانون، حيث لم يتغير سلوك الدولة العبرية بعد رحيل نتانياهو، وشهدنا على ما يسمى يوم الرايات الثلاثاء الماضي، حيث استباح المتطرفون الصهاينة باحات الأقصى بتشجيع واضح من السلطة وتم إيقاف شباب فلسطيني تظاهر من أجل حقوق شعبه.
copy short url   نسخ
18/06/2021
318