+ A
A -
بقلم: د. بثينة حسن الأنصاري
خبيرة تطوير التخطيط الاستراتيجي والموارد البشرية
شرُفت بعضوية مجلس رابطة خريجي مركز قطر للقيادات للدورة الانتخابية 2021 - 2023، وعليه أتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى كل من منحوني أصواتهم، ووضعوا ثقتهم في شخصي، وإن شاء الله سأكون عند حسن ظنهم بي، وبقدر ما تشكل هذه الثقة أو هذا الفوز من مسؤولية كبيرة؛ فإنه يلقي على عاتقي وعلى عاتق كل الزملاء مهام جليلة، تحت قيادة وإشراف سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس إدارة المركز، القيادية الفريدة التي هي بلا شك مصدر الإلهام لكل من انتسب للمركز في الماضي ومنتسب له في الحاضر وينتسب إليه مستقبلا، كيف لا وقد تابعنا جميعا عملية انتقال قطاع المتاحف في الدولة تحت قيادتها هذه النقلة النوعية التي جعلته في مصاف أهم قطاعات المتاحف في العالم، مما يعتبر نقلة نوعية في عالم التقدم والتطور والإنجاز، وحديثا للقاصي والداني.
إن العمل ضمن فريق قيادي مبدع ومفكر، وقادر على ابتكار حلول ناجحة للتحديات فيه متعة لا توصف، متعة المعرفة، ومتعة التحديث، ومتعة العمل بروح الفريق، ومتعة النجاحات وتحقيق الإنجازات، فنحن في مركز قطر للقيادات نستشعر ونشعر بهذه المتعة مع سعادة الشيخة المياسة كونها رئيسا لمجلس إدارة المركز، وسعادة الشيخ الدكتور عبدالله بن علي بن سعود آل ثاني نائب رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب، ومع زملائي رئيس ونائب الرئيس وأعضاء الرابطة، وإن شاء الله سوف نعمل بجد واجتهاد من أجل خدمة وطننا الغالي الذي أعطانا بلا حدود.
إن اسم المركز وحده كاف للإعلان عن دوره المنوط به وعن أهدافه ورسالته ورؤيته، ولقد لخصها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بالقول: «لا يمكننا إنجاز النهضة وإيصال وطننا إلى مصاف الدول المتقدمة إذا لم نولِ الإنسان جل اهتمامنا، فهو عماد أية نهضة»، فهذه العبارة جامعة مانعة، تشرح في إيجاز غير مخل ما يجب أن يكتسبه المواطن القطري من الآن فصاعدا، لأن الشواهد كلها تقول إن عالم ما بعد كورونا عالم متسارع حافل بالتحديات، يكتنفه الكثير من الصعوبات التي تواجهها الدول، إن لم تعد له رأس المال البشري إعدادا متميزا قائما على المعرفة مستشرفا للمستقبل، راسما طريق النجاح والتقدم، لذلك أرى أن مركز قطر للقيادات هو بحق أحد أهم الأدوات الأساسية التي تُعِد الإنسان القطري إعدادا سليما، فيكتسب من برامجه الصفات القيادية التي تساعده على أن يكون ماهرا نابها قويا في اتخاذ القرارات، فهذا العالم لا يعترف بالضعفاء الفوضويِّين، وإنما بالأقوياء المُنظَّمين، فمن خلال المركز ندعو كل شاب بل كل قطري إلى أن يهتم بذاته فيُنمّي مهاراته، ويرفع مستوى قدراته، ويتحلى بالصفات التي تجعله قائدا ناجحا في حياته، حتى يمضي في طريقه نحو القمة بعزيمة ونشاط وهمة.
المركز بحسب توصيفه على موقعه الإلكتروني منصة وطنية للتميز في مجال القيادة، تم تأسيسه في عام 2010 بمبادرة كريمة من حضرة صاحب السمو الأمير المفدى حفظه الله ورعاه، بهدف تطوير المهارات وصقل المواهب القيادية والإدارية رفيعة المستوى لدى المهنيين القطريين والقطريات الذين يشغلون مناصب تنفيذية في مؤسسات حكومية، وكذلك في مؤسسات القطاعين العام والخاص وفي كل موقع يعمل من أجل التنمية المستدامة، فعلى كل مواطن في أي موقع يريد التميز والتفرد أن يتوجه بفكره وإرادته للاستفادة من هذه الفرصة، فلقد أثبتت التجارب في الدول المتقدمة وتلك التي حققت نقلات نوعية نحو الازدهار الصناعي والاقتصادي والإداري أن أفضل استثمار هو الاستثمار في رأس المال البشري، فالنجاح فيه يقود إلى النجاح في كل شيء قولا واحدا دون لبس أو غموض، وقيادتنا الحكيمة لم تبخل على المركز، فوفرت له الدعم بكل أنواعه، فاستطاع أن يخرِّج حتى الآن ثماني دفعات، وأكثر من ثمانمائة خريج وخريجة متسلحين بالمؤهلات التعليمية التي تمكنهم من ابتكار حلول استثنائية غير تقليدية لأية تحديات تفاجئهم في حياتهم وفي مجالات عملهم، ويرجع الفضل في هذا التميز إلى حرص المركز على تحديث برامجه أولا بأول، وفقا لأفضل المعايير العالمية، والأكثر من هذا أنه يتولى تقديم برامج صُمِّمت خصيصا لقطاعات معينة منها برنامج «سند» الذي يعد نتيجة لشراكة المركز مع قيادة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة القطرية، وبرنامج «بصمتي» بالتعاون مع المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي، وبرنامج «قيادات» مع هيئة الأشغال العامة ومن أهم ما أنجزه المركز إطلاقه مع جورجتاون برنامج الماجستير التنفيذي في القيادة والسياسة والابتكار، وعلى استعداد لتقديم المزيد من هذه البرامج المبتكرة بهدف التركيز والإتقان والإلمام بكل ما يلزم القطاع من مؤهلات تعليمية وعلمية، وعلاوة على هذا يهتم المركز بالتنسيق مع نخبة متميزة من شراكات محلية مثل جامعة قطر وجهاز التخطيط والإحصاء وعدد من البنوك ومعهد الجزيرة للإعلام والقطاعات الحيوية الكبرى في الدولة كقطاعات الطاقة والنقل والصحة، وبالتأكيد التنسيق مع شراكات إقليمية ودولية، من أجل تقديم برامج تطوير القيادات الوطنية بشكل يتيح التفاعل المباشر ونقل المعرفة بين المنتسبين والأكاديميين والخبراء والأساتذة المتخصصين من أعرق الجامعات الذين يفدون إلى البلاد خصيصا لتقديم برامج تعليمية غير تقليدية فائقة الجودة، ومن الجامعات التي تم التعاون معها في هذا الصدد جامعة كامبريدج، كلية بوث لإدارة الأعمال بجامعة شيكاغو، وجامعة ديوك، وجامعة هارفارد، وجامعة جورجتاون، وكلية اتش إي سي باريس، وجامعة أوكسفورد وغيرها، فضلا عن الزيارات التي ينظمها المركز إلى العديد من دول العالم المشهود لها بالنهوض والتقدم والنمو والنجاح مثل الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، وسنغافورة، والصين، وكوريا الجنوبية وغيرها، فكانت النتيجة أن من تخرجوا منه يتولون مناصب قيادية في أماكن عملهم، ومشهود لهم بالدقة والتنظيم في إدارة الفرق والأقسام والإدارات التي يتولون مسؤوليتها، ومشهود لهم بالتأثير في الآخرين وبالرؤية الثاقبة، وصناعة الحدث والقدرة على اتخاذ القرارات السليمة في الأوقات المناسبة، وبث روح الحماسة في نفوس من يعملون تحت قيادتهم، والثقافة الواسعة والتخطيط القائم على المعرفة، كل هذا مع الالتزام بالعامل الأخلاقي والترابط الاجتماعي.
وما كان لهذا التميز أن يتم لولا فعالية البرامج التعليمية التي يعتمدها المركز لإكساب المنتسبين المهارات التي تميزهم في مسيرة عملهم المهنية وهي ثلاثة برامج قيادية على النحو التالي: برنامج القيادات التنفيذية، والقيادات المستقبلية، والقيادات الحكومية، وتتضمن هذه البرامج وحدات تدريبية ولقاءات مع شخصيات قيادية فاعلة ذات تأثير من مختلف القطاعات، كما تتضمن رحلات تعليمية لمراكز اقتصادية وسياسية دولية.
بعد أن أثبت خريجو المركز وجودهم في المواقع التي يشغلونها فإن مؤسسات الدولة سواء من القطاع العام أو الخاص مدعوة لأن تستفيد من مخرجات المركز، فتفتح الأبواب مشرعة أمام من يتخرجون منه، فهم من العناصر البشرية المنوط بهم المشاركة في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 والذين تعتمد عليهم الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، أدعو كل المؤسسات الكبرى في الدولة أن تحدد نسبة معينة من وظائفها تسند إلى الخريجين من المركز، وأذكر هنا عندما سئل مدير شركة أمازون عن سبب انتقال الشركة من مجرد فكرة إلى صرح تجاري دولي في وقت وجيز كان جوابه: «لأن اهتمامنا في السنوات الأولى كان منصبا على تنمية رأس المال البشري، كان منصبا على اختيار عناصر انتظمت من قبل في برامج قيادية أكسبتهم معرفة التأثير في الآخرين بسهولة، لأن من ينتظمون في برامج أو دورات تعليمية من هذا النوع يستطيعون قيادة أنفسهم قبل قيادة غيرهم، وقيادة النفس تعني أن الإنسان منظم في حياته، ملم بمسؤولياته، لا يتردد في قراراته، مذهل في إبداعاته وابتكاراته، وهذا ما تجدونه في كل منتسب لشركتنا».
وأنا أقول وهذه الصفات تتوفر حرفيا في من يتخرجون من مركز قطر للقيادات، لأن اختيارهم يجري بناء على عملية تقييم دقيقة تعتمد على معايير عالية تأخذ في الاعتبار المؤهلات العلمية، والخبرات المهنية، واجتياز اختبارات الكفاءة والمقابلات الشخصية، لأن الهدف النهائي هو تحسين حياة جميع المواطنين القطريين ومساعدتهم في تطوير إمكاناتهم بما يتماشى مع أهدافهم الشخصية وأهداف الدولة في التنمية، انسجاما مع رؤية قطر الوطنية 2030، وخطط التنمية المنبثقة عنها، والتي هي مراحل تنموية تفضي في النهاية إلى ما نصبو إليه، وهو النهوض والارتقاء بوطننا من أجل مستقبل مزدهر، ومن أجل قطر منارة وحضارة ينظر إليها العالم بإعجاب، وتكون مصدر إلهام لمن ينشدون التطور والرقي، ويريدون العيش وفق أساليب الحياة الحديثة في أمن وسلام.
copy short url   نسخ
14/06/2021
4024