+ A
A -
الدوحة الوطن
«سيروا في الأرض» عمل فنيّ أخير للفنان العالمي الشهير مقبول فدا حسين يُكرّس مكانة قطر على خريطة الفنون في العالم، هذا ما أجمع عليه نخبة من الخبراء الدوليين خلال العرض الحصري الأول للفيلم الوثائقي الحائز على عدّة جوائز، والذي سلطت مؤسسة قطر من خلاله الضوء على حياة الفنان الراحل وعبقريته، وذلك في الذكرى السنوية العاشرة لرحيله.
ويَعتبر العديد من الخبراء والنقّاد والقيّمين على المعارض الفنية حول العالم أن هذا العمل هو التحفة التي توّج بها حسين أعماله وذلك قبل وفاته في عام 2011، حيث تجسّد في هذا العمل الابتكار الذي يقود سيرورة الحضارة الإنسانية بالمنطقة العربية عبر تجربة إبداعية متعددة الأبعاد. يُعدّ هذا العمل الفنّي الأكثر طموحًا في مسيرة مقبول فدا حسين أكثر الفنانين المثيرين للجدل في العالم، وقد تحوًل هذا الطُموح إلى واقع من خلال عمل فنيّ اتخذ من المدينة التعليمية التابعة لمؤسسة قطر مقرّاً دائمًا له.
وفي سبيل إتاحة الفرصة للعالم لاستكشاف عالَم هذا الفنان المبدع، نظمّت مؤسسة قطر بالشراكة مع مجلة «سكايل» فعالية افتراضية بعنوان «فنان جريء شغوف بالثقافة: إحياء إرث مقبول فدا حسين»، تخلّلها عرض فيلم وثائقي تناول الإبداع في عالم حُسين، من إنتاج شركة «فيلم هاوس» القطرية؛ تبعه جلسة نقاشية ركّز فيها المتحدثون على العناصر التي تجعل من مقبول فدا حسين شخصية عالمية، ومِن «سيروا في الأرض»، عملًا فنيًا مميزًا للغاية.
يروي العرض الحصريّ الأول للفيلم الوثائقي «سيروا في الأرض»، الحائز على جوائز عدّة، مسيرة الفنان مقبول فدا حسين، ويُسلّط الضوء على حياته الشخصية والمهنية من خلال عمله الفنيّ الأخير.
وقد وصف رانجيت هوسكوتيه، شاعر وناقد فني ومنظِّر ثقافي وأمين معارض مستقلّ، جاذبية هذا الفنان بـ«العالمية»، معتبرًا:«أنه أحد الفنانين القلائل الذين قاموا بالتواصل مع الفنون من مختلف العوامل»، مضيفًا خلال مشاركته في الجلسة النقاشية:«بالنسبة لي، يعكس سيروا في الأرض رغبة حسين في إنشاء تركيب فنيّ منفتح على العالم يتسم بالتفاعل ويتطلع لاستقطاب الناس بطريقة متعددة الأبعاد نحو الفنّ. فقد استمدّ حُسين الإلهام من المغامرة الإنسانية المستمرة والعظيمة؛ ولا يزال عمله الأخير ينطقُ بالنيابة عنه، فهذا العمل الذي يتخذ من مؤسسة قطر مقرًا له يخُاطب العالم بانفتاح، ويجعلنا نُدرك أنه يُمثل القمّة في الرؤية الإبداعية لمقبول فدا حُسين».
بدورها سلّطت ليلى ابراهيم باشا، اختصاصي أول فنون في مؤسسة قطر، والمشرفة على مشروع «سيروا في الأرض» خلال حديثها في الجلسة النقاشية، الضوء، على تأثير هذا الفنان في العالم وإرثه الفنية قائلةً: «البحث والدراسة في كتابات الفنان مقبول فدا حسين ورسوماته دفعني لأُدرك أنه لم يكن يعمل على تجسيد إبداعاته فحسب، بل كان يتطلع إلى إحداث تأثير طويل الأمد في المجتمعات من حوله».
أضافت: «أبدع حُسين في كلّ مجال سواء في الرسم، الأفلام، الأثاث، اللوحات الإعلانية السينمائية؛ ناهيك عن أنه كان كاتبًا مبدعًا. لقد جمع كلّ هذه العناصر معًا في عمل فنيّ واحد تجسّد في سيروا في الأرض، حيث استكمل رحلته الفنية. نعم يحمل هذا العمل الكثير من التعقيدات، لكننا في مؤسسة قطر سعداء جدًا لأننا تمكنّا من استكمال هذا العمل الفني الذي يحمل عنوان سيروا في الأرض بالطريقة التي كان يتصوّرها تمامًا».
تابعت: «في مؤسسة قطر يُعتبر هذا العمل الرائع في غاية الأهمية لأنه يعكس الجانب التربوي للفنّ، ويُظهر كيف تنتقل المعرفة بين المجتمعات، وكيف يمكن للجميع أن ينهلوا من هذه المعرفة وأن يُشاهدوها بالعين المجردة. نحن على ثقة أن سيروا في الأرض لن يكون وجهة محلية فحسب بل عالمية سيقصدها زوّار دولة قطر من مختلف أنحاء العالم، إنه تحفة فنية لا بّد وأن تستمتع بكلّ تفاصيلها حتى ولو كُنت في زيارة إلى قطر لساعات قليلة فهي ستكون بلا شكّ تجربة رائدة وفريدة من نوعها».
من جانبه، قال بوز كريشناماتشاري، فنان وأمين معارض ورئيس مؤسسة «كوشي بينالي»: «أن رؤية سيروا في الأرض أتت بثمارها بالطريقة التي كان يرغب حُسين بها»، واصفًا إياها بـ«المذهلة»، معتبرًا أن حُسين كان «كريمًا، عاطفيًا، ولا يمتلك الكثير من الصبر»، وقال إنه «فنان عظيم لا يمكن التنبؤ بإبداعاته»، موضحًا: «لا يُمكنك أن تقرأ أفكار حُسين، أو أن تتوقع ما سيقوم به، وهذه هي أحد الأسباب الحقيقية التي ساهمت في استمراريته. أعماله خالدة، ولكنّها معاصرة دائمًا؛ لو تسنّى له إكمال مسيرته، لرأَيتهُ يعمل اليوم جنبًا إلى جنب مع العلماء والشركات الناشئة لابتكار كُلّ ما هو جديد».
في هذا الإطار، اعتبر ديميتري يوري، مخرج في شركة «فيلم هاوس» وحائز على جوائز عالمية، أن هذا الفيلم الوثائقي هو بمثابة فرصة تم اغتنامها لبلورة حياة حُسين في 10 دقائق، قائلًا: «سعينا من خلال هذا الفيلم الوثائقي إلى سرد قصته بالطريقة التي سيكون بها سعيدًا، وأن نُظهره كما هو مبدًعا، وكما يُريد لنا أن نكون. ما أدهشني هو أنه كان مراقِبًا للعالم وللتجربة الإنسانية، وحرصنا على نقل هذه التجربة إلى العالم من خلال هذا الفيلم. إن التمعّن في عمله الأخير يجعلك تشعر أنك تُشاهد لقطات من سيرورة الحياة تُعرض أمامك. لا زلتُ أفكر في الشعور الذي انتابني وأنا أتصوّر كيفية مشاهدة هذه الشخصية للحظات واللقطات التي نختبرها يوميًا. لقد تمكّن حُسين من رؤية أجمل الأشياء وأكثرها تعقيدًا على الإطلاق وهذا يظهر بقوة من خلال سيروا في الأرض».
copy short url   نسخ
13/06/2021
362