+ A
A -
كمال عبد اللطيف كاتب مغربي
تجري في المشهد الحزبي المغربي، منذ أشهر، حركة مرتبطة بأفق الاستحقاقات التشريعية المقبلة (أكتوبر 2021)، إذ تعرف مكوّناته كثيراً من المواقف المتضاربة وكثيراً من الغليان. يبرز ذلك في ارتفاع وتيرة الصراع بين أحزاب الأغلبية وأحزاب المعارضة، بل تعدّت درجة الغليان الثنائية المذكورة، ورسمت مظاهر أخرى شملت، بدرجات من التفاوت، مختلف مكوّنات المشهد السياسي المغربي، الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني الاجتماعية والحقوقية. وتتخلل الراهن المغربي، في أبعاده المختلفة، عواصف جائحة كورونا، في صورها المرتبطة بالتدابير والإجراءات الصحية، وبمختلف الآثار التي ترتّبت عنها في الاقتصاد والمجتمع. كما تخلّلته نقاشاتٌ مرتبطةٌ بالتقرير الذي أعدّته اللجنة المكلّفة بالنموذج التنموي، لتجاوز مآزق الخيارات التنموية التي تمّ تنفيذها في العقدين الماضيين، وترتّب عنها تراجعٌ واضحٌ في مسلسل التقدّم والعدالة والتنمية.
وسط مظاهر الغليان ذات الصبغة الانتخابية، لا نعثر في أدبيات الأحزاب على ما يبرز كيفيات تصوّرها للاّ متوقع من الظواهر والأحداث.. وهي لم تتمكّن من بناء ما يطوّر أداءها السياسي، في ضوء المتغيرات المرتبطة بموضوع الجائحة وتبعاتها، وكأنّ أمر تدبير اللاّ متوقّع لا علاقة له بالسياسات العامة.. واليوم، نلاحظ أنّ النقاش المفتوح في وسائط التواصل الاجتماعي في موضوع تقرير النموذج التنموي بدأ يتجاوز المخاتلات وردود الفعل المؤسسية والمؤسساتية، التي تؤشّر إلى غياب التفكير النقدي الجادّ في مشروع يتعلق بالخيارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولا يجد في المشهد الحزبي المواقف التي تشير إلى حدوده وحدود مقترحاته، وطغيان المجاملات والمواقف المحسوبة بطريقة نفعية، خصوصاً أنّه أعدّ باعتباره البديل القادر على وضع مغرب 2035 في طريق يؤهّله لتجاوز الانسداد التنموي الحاصل في سياساته العامة.
لم تنشأ في المشهد السياسي المغربي، ونحن على أبواب استحقاقات انتخابية، التصوّرات والأفكار والخيارات التي تسمح بحصول نقلة نوعية في الثقافة السياسية المغربية، ويواجه المشهد الحزبي منذ أشهر تحدّيات سياسية عديدة، يتم تغييبها في النقاشات ، كما يتم السكوت عليها في سجالات المستقيلين والعائدين من أطر وقيادات الأحزاب، إذ تغيّب بحسابات مختلفة لتنجز في النهاية أدواراً محدّدة. لا نجد في الخطابات المواكبة لمشهدنا السياسي والحزبي، ما يكشف التصوّرات الجديدة المواكبة للتحوّلات الحاصلة في المغرب.
{ العربي الجديد
copy short url   نسخ
11/06/2021
188