+ A
A -
الدوحة الوطن
شهدت ساحة جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب بالدوحة وقفة احتجاجية نظمها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تضامنا مع القدس وغزة وفلسطين، حيث توافدت أعداد غفيرة من مختلف أنحاء الدولة، مواطنين ومقيمين، رجالاً ونساء شيوخا وشبابا، للمشاركة في المهرجان التضامني مع القدس وغزة وفلسطين، الذي دعا إليه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بمشاركة شخصيات من قطر وفلسطين على رأسهم رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، والأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فضيلة الشيخ الدكتور علي محيى الدين القره داغي.
وفي كلمته قال فضيلة الشيخ الدكتور علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين:
نجتمع اليوم على هذه الأرض الطيبة قطر الحبيبة كعبة المضيوم لنصرة المسجد الأقصى قبلتنا الأولى حيث حاول الاحتلال ومستوطنوه أن يقتحموه، ويدنسوه، ويعيثوا فيه فساداً ولكن المرابطين والمرابطات دافعوا ولا يزالون يدافعون عنه بصدورهم العارية.
نجتمع اليوم لأجل أهل الشيخ جراح الذين يحاول الاحتلال والمستوطنون إخراجهم من أرضهم وديارهم ظلماً وعدواناً.
نجتمع اليوم لأجل المظلومين في غزة العزة والشرف، غزة البطولة والفداء، فنرى أن قافلة من الشهداء الأبطال من النساء والأطفال التحقت بمن سبقوهم بالإيمان والشهادة، لتروي بدمائهم الزكية الأرض المباركة لتقوي شجرة الجهاد والمقاومة ضد المحتلين الغاصبين، فهذه بداية النهوض والنصر بإذن الله تعالى.
وأضاف: إن ما يُرى على أرض فلسطين كلها وفي القدس وغزة العزة من القتل والتدمير جرائم حرب وجرائم وحشية، وجرائم إرهاب دولة مدججة بأحدث الأسلحة والطائرات والدبابات والصواريخ ضد شعب أعزل، يدمر ما شاء من العمارات والأبراج المدنية، ويقتل دون رحمة وبدم بارد النساء والأطفال، حيث بلغ عدد الشهداء حتى ظهر هذا اليوم 139 وبينهم 39 من الأطفال، و22 من النساء، بل تم قتل المتظاهرين المسالمين حتى بلغ عدد شهدائهم أكثر من عشرة، ومئات المصابين، كل ذلك أمام مرأى ومسمع العالم دون حراك قوي يمنع المحتل الظالم ويردعه عن ظلمه.
بل إننا – مع الأسف الشديد – نرى بعض الدول الكبرى تصنف الظالم الإرهابي المحتل بأنه مظلوم يدافع عن نفسه، والمظلوم المدافع عن نفسه على أنه إرهابي ظالم، إنها ازدواجية في المعايير.
وقال: أمام هذا الوضع المؤلم والمأساوي، نحن المجتمعين ممن يعيشون على هذه الأرض الطيبة قطر كعبة المضيوم صاحبة المواقف المشرفة، المجتمعين في هذا المكان الطيب من علماء الأمة، ومن علماء قطر، ومن هذا التجمع الكبير الذي يمثل أهل قطر، ومعظم شعوب العالم الإسلامي نقف مساندين ومناصرين بكل ما أوتينا لقضيتنا الأولى، وللأقصى، وللقدس، ولغزة العزة، وللضفة وفلسطين المنتفضة، ونقف مع المدافعين والمقاومين والمرابطين والمرابطات بكل ما أوتينا، ونقول بالروح والدم نفديك يا أقصى، والأقصى أقصى أولوياتنا.
وكل شيء يهون أمام قبلتنا الأولى ومسرى حبيبنا المصطفى، وأن الأقصى مرتبط بالمسجد الحرام حرمةً ودفاعاً فقال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى? بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ? إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) (الإسراء).
ونطالب بما يأتي:
أولاً: التنديد الشديد والاستنكار القوي لهذه الجرائم الشنيعة ضد أهلنا في فلسطين كلها في الأقصى، والضفة، والداخل، وبخاصة في غزة.
ثانياً: نطالب بوقف هذه الحرب الإجرامية فوراً، ونطالب الأمم المتحدة بتصنيفها من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ثالثاً: مطالبة أمتنا الإسلامية والعربية حكاماً وحكومات وعلماء ومفكرين وبخاصة الشعوب بالوقوف بكل إمكانياتها المادية والمعنوية والدبلوماسية والسياسية مع الحق الفلسطيني العربي الإسلامي، ومع قضيتنا الأولى، مع المسجد الأقصى وقبلتنا الأولى، ومع الشعب الفلسطيني.
رابعاً: مطالبة جميع وسائل الإعلام وبجميع اللغات أن تكشف جرائم المحتلين في فلسطين الحرّة بصورة عامة وفي القدس، وغزة بصورة خاصة، وتكشف زيف دعواهم في المظلومية، فهذا شرط سابق للنصر كما قال رب العالمين (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) (الإسراء).
خامساً: مطالبة الأمم المتحدة وجميع المنظمات الحقوقية والإنسانية بالقيام بواجبهم نحو ما يحدث في فلسطين المحتلة وبخاصة في القدس وغزة والضفة، وإيقاف هذه الجرائم الوحشية.
سادساً: كشفت الأحداث الأخيرة أن قضية فلسطين هي جوهر الصراع في المنطقة وأن الاحتلال هو سبب الصراع والإرهاب والمشاكل والفتن، وأنه لا يعرف قوة الحق والمنطق، وإنما يعتمد على منطق القوة.
سابعاً: أن وعد الله الحق، ثم وعد السنن والتاريخ مع الحق، مع الحق الفلسطيني الإسلامي، فالنصوص القرآنية قد حسمت بأن النصر في فلسطين يتحقق لعباده أولي البأس الشديد، كما في بداية سورة الإسراء وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) رواه أحمد باسناد صحيح.
ثامناً: نطالب منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية بعقد مؤتمر على مستوى القمة يركز على الخطوات العملية في دعم قضيتنا الأولى ومنع العدوان الغاشم، ولا نريد منهم مجرد التنديدات وإنما وضع خريطة طريق للخطوات العملية.
تاسعاً: نقدر ونشكر كل الدول والشعوب والمنظمات التي وقفت مع الحق ضد الظلم والاحتلال ونطالب الآخرين الذين يقفون مع الباطل بالتراجع فالرجوع إلى الحق أولى من المضي على الباطل.
عاشرا: إن على علماء الأمة واجباً كبيراً نحو قضيتهم الأولى، لذلك يجب أن يتحركوا التحرك المطلوب كما فعلوا ذلك في عصر نور الدين الزنكي، وصلاح الدين الأيوبي، وبما أن وزارات الأوقاف والشؤون الدينية هي المسؤولة عن الأئمة والخطباء فيقع عليها أيضا واجب أكبر في التوجيه والترشيد والتحريك، وإني أبشركم بأن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يضم عشرات الألاف من العلماء، وعشرات من الجمعيات والروابط العلمائية قام ويقوم بواجبه نحو أمته ووضع خطة عملية لذلك.
وأخيراً لا يسعنا ونحن على هذه الأرض الطيبة قطر إلا أن نشكر قطر قيادةً لمواقفها المشرفة، وشعباً لما يقوم به من دعم ومساندة لكل مافيه خير الأمة.
من جانبه أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إن ما يجري اليوم في فلسطين من جنوبها إلى شمالها هو ملحمة جديدة من ملاحم البطولة والعزة لتسجيل ثلاث حقائق ممهورة بالدم والكرامة أولها أن أساس الصراع مع المحتل الصهيوني هو القدس والمسجد الأقصى، لافتا إلى أن القدس كانت ولا تزال وستبقى ملهمة للأجيال ومفجرة للانتفاضات ملهمة للكتائب.
وقال هنية في كلمته التي ألقاها أثناء مشاركته في المهرجان التضامني مع الشعب الفلسطيني بالعاصمة القطرية الدوحة مساء أمس «لقد عاث الصهاينة في هذه الأرض الطاهرة المباركة وظنوا أنهم قادرون عليها وقادرون على تهجير أهلنا في حي الشيخ جراح وقادرون على التقسيم الزمني والمكاني للمسجد الأقصى، وحذرناهم مرارا وتكرارا ليس فقط بالكلام والحديث وإنما بالانتفاضة تلو الانتفاضة، وقلنا لهم إن المسجد الأقصى قبلتنا وعقيدتنا ومفجر ثوراتنا».
وتابع: «نعم، حذرناهم وقلنا لهم إن المسجد الأقصى المبارك خط أحمر، قلنا لهم ارفعوا أيديكم الآثمة عن القدس، وعن المسجد الأقصى وعن أهلنا في حي الشيخ جراح.. وأنا أقول: نتانياهو لا تلعب بالنار!».
وبين أن التحذير جاء أيضا بأن القدس ستفجر الغضب ليس في غرة وحدها ولا بالضفة فقط ولا بفلسطين الداخل وإنما بالمنطقة كلها، مشددا على أن عنوان المعركة اليوم وعنوان الحرب اليوم وعنوان الانتفاضة اليوم وعنوان الدم اليوم هو القدس، القدس، القدس رابطة الأرض بالسماء ولذلك انتفض الشعب الفلسطيني والأمة لحماية القدس والأقصى.
وطمأن الجماهير بأن المحتل الذي أراد وسعى ليغير معالم القدس والأقصى ويحطم حلقات التاريخ والجغرافيا وقف أمام شعب جبار الذي يعيش على أرض فلسطين وزحفوا من الضفة الغربية ومن غرة عياش ومن مناطق الـ48 ليدافعوا عن الأقصى، مشيرا إلى أن المسلمين والعرب والفلسطينيين لا يعرفون في معاركهم مع العدو كرا وفرا وإنما كر وكر.
وقال هنية: «هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعرفها كل إنسان؛ أن عنوان الصراع مع الاحتلال هو القدس والأقصى، لن يهدأ لنا بال ولن نستريح حتى نحرر قدسنا وأقصانا كما حررهما صلاح الدين.. وهذا الجيل قادر على ذلك»، قائلا «واحنا وهم والزمن طويل، والأرض لنا والقدس لنا».
وحول الحقيقة الثانية المقاومة، بين أن المقاومة هي الخيار الاستراتيجي للتحرير التي بنت قدراتها ورسخت أقدامها في كل أرض فلسطين وعنوانها اليوم في غزة، مشيرا إلى أن المقاومة في غزة لبت النداء وكانت للقدس من الأوفياء وأعطت قرارها بضرورة التراجع عما يفعله الصهيوني في القدس والشيخ جراح.
وشدد على أن المقاومة لن تظل مكتوفة الأيادي، حيث إنه غير مسموح للاحتلال من الآن فصاعدًا الاعتداء في القدس أو أن يستبيحوا المسجد الأقصى المبارك، واصفا المقاومة الجبارة العتية بأنها رصيد استراتيجي للقدس وكل أرض فلسطين.
وأكد هنية أن المقاومة اليوم ليس لديها مطالب تتعلق بغزة أو تتعلق بكتائب المقاومة وإنما عنوان معركتها القدس والشيخ جراح والضفة وحق العودة وكل أرض فلسطين.
وقال هنية إن المقاومة أقصر الطرق نحو القدس، وغزة اليوم وهي تخوض هذه المعركة هي درع القدس شاء من شاء وأبى من أبى، هذه المعركة هي عنوان القدس وعنوان كل معركة، ومنطلق ومفجر كل انتفاضة، مضيفا أن هذا الجيش المجرم يقتل النساء والأطفال بطائرات «إف 16» ويرتكب المجازر ويعتقد أن هذه المجازر سترد المقاومة لكن خاب وخسر.
وشدد على أن الميدان هو الحقيقة وله كلمة الفصل في حسم هذه المواجهة مع المحتل الذي استباح القدس والأقصى والشيخ جراح، المقاومة لن تتراجع مطلقاً وستحمل السيف وستبقى سيف القدس والأقصى.
غزة المحاصرة التي مضى على حصارها 15 سنة اليوم تفرض نظام منع التجول على كل أرجاء الكيان الصهيوني، فصواريخ القسام والمقاومة والجاهد وكل الفصائل جعلت الكيان يحترق.
وحول ما تملكه فصائل المقاومة وما تملكه كتائب القسام، قال هنية إن هذا ما رأيتموه ورآه العالم، وما خفي أعظم.
وكشف هنية عن إزالة الفواصل الجغرافية داخل فلسطين التاريخية، مؤكداً أن القدس توحدنا كشعب فلسطيني وتوحدنا كشعوب عربية وإسلامية، وتوحدنا كشعوب العالم.
وأضاف: إنهم ظنوا أن سبعين عاماً أو يزيد يمكن أن يقتل روح الانتماء لأبناء شعبنا في داخل الأرض المحتلة عام 48، ولكن اليوم الأهل في 48 هم الذين يدافعون عن المسجد الأقصى المبارك، وهم الذين ينتفضون في وجه المحتل وفي وجه المستوطنين.
وأكد أن فلسطين موحدة وشعوبنا العربية والإسلامية موحدة، ولقد رأينا بالأمس أشقاءنا أبناء الأردن الشقيق والشعب اللبناني وهم يزحفون تجاه الحدود، مضيفاً زحفت الجماهير من هذه البلدان صوب القدس وصوب فلسطين، هذه الدول المحيطة بفلسطين، مصر وما أدراك ما مصر، مصر صلاح الدين وقطز، موجها التحية لكل أبناء الشعوب العربية والإسلامية، التي تشارك في هذا التظاهرة الضخمة الكبيرة، التي هي رسالة وفاء للقدس والأقصى.
وثمن هنية قطر ووقفتها بجانب القضية الفلسطينية، وقال إن قطر التي تحتضن أبناء هذا الشعب الوفي الأبي ومنذ صاحب السمو الأمير الوالد (حفظه الله) وسار على إثره حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مشيراً إلى أن الأمير الوالد عندما زار غزة أمر بإعمارها، فقطر منذ بدء الحصار على غزة وهي تقف في قلب غزة.
وختم هنية كلمته للجماهير قائلا: اطمئنوا على إخوانكم في القدس وفي فلسطين وفي غزة الأبية، اطمئنوا على كتائبكم على قسامكم، على قائد أركان المقاومة محمد الضيف وإخوانه جميعاً.
copy short url   نسخ
16/05/2021
798