+ A
A -
في إطار احتفال العالم باليوم العالمي للأسرة الذي يوافق 15 مايو من كل عام ولأن الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع، يتيح الاحتفال بهذا اليوم الفرصة لتعزيز الوعي بالمسائل المتعلقة بالأسر وزيادة المعرفة بالعمليات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية المؤثرة فيها. وفي هذا الإطار، نستعرض لكم آراء بعض أساتذة جامعة قطر حول أهمية الأسرة ودورها في تنمية المجتمع.
في البداية، قالت د. فاطمة الكبيسي، رئيس قسم العلوم الاجتماعية عن دور جامعة قطر في تعزيز دور الأسرة: «تهتم جامعه قطر بتعزيز دور الأسرة باعتبارها المؤسسة الأكاديمية الوطنية، حيث تطرح جامعة قطر مقررات عديدة للطلاب حول الأسرة، مثل مقرر العلاقات الأسرية وقانون الأسرة وعلم اجتماع عائلي، وغيرها من المقررات التي تهتم بالأسرة وتوضح دورها الهام، كما أن المراكز البحثية في جامعه قطر تهتم بقضايا الأسرة المختلفة، هذا وقد قام العديد من أساتذة جامعه قطر بدراسة قضايا الأسرة المختلفة من نواح مختلفة والحصول على منحة أسرة التي يطرحها معهد الدوحة للدراسات الأسرية».
من جانبه، تحدث د. محمد الخلف، محاضر في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة قطر، حول الأهمية الكبيرة التي يوليها المجتمع الدولي للأسرة، حيث إنها الركيزة الأساسية لبناء المجتمعات، ويظهر ذلك في العديد من الجهود المبذولة من أجل الوصول لمستقبل أفضل، فقد عزز المجتمع الدولي قدرة العديد من المؤسسات المجتمعية ذات الشأن المعنية بالعمل مع الأسر ومتابعتها، وتم التركيز على العمل الوقائي والتنموي والعلاجي من خلال التحليل الدقيق لمختلف المستويات الأسرية، والوقوف على الاحتياجات ذات الأولوية، حيث دفع المجتمع الدولي المؤسسات المجتمعية على الأخذ بالنماذج العلمية الانتقائية للتدخل مع المشكلات الاسرية المعاصرة مما يؤكد على التوافق بين الرؤي الدولية والوطنية في الاهتمام بالأسرة وتوفير كافة سبل الحماية والدعم وصولاً إلى أسر متوازنة ذات فعالية.
وقال د. محمود رضوان، محاضر بقسم العلوم الاجتماعية بجامعة قطر: «الأسرة هي نواة المجتمع ويعتمد عليها المجتمع بشكل أساسي في الحفاظ على تماسكه وتنميته، وتتعدد التحديات التي تواجه الأسرة في عصر تطور التكنولوجيا والعولمة، فمنها التحديات الاجتماعية التي تتمثل في ضعف العلاقات والتواصل داخل محيط الأسرة ومشكلة العزلة النفسية والاجتماعية، واضطراب العلاقات الاجتماعية بين الزوجين وبينهما وبين الأبناء والاغتراب الواضح بين أفراد الأسرة، والانشغال بالألعاب الإلكترونية التي باتت ظاهرة خطرة تؤدي إلى الإدمان وانعدام المسؤولية، وتحديات تعليمية ومعرفية حيث لم يعد التعليم التقليدي هو المصدر الوحيد للعلم والمعرفة وأصبحت المعرفة في هذا العصر في متناول الجميع ولا توجد مصداقية في هذه المعرفة، بالإضافة لتحديات دينية ترتبط بالحفاظ علي الهوية الإسلامية وعدم التأثر بالعادات والتقاليد الغربية».
بدوره، بين د. شاذلي بيه الشطي أن مسألة حقوق الأسرة تشهد حضورًا بارزًا في مختلف الشرائع الدينية والوضعية، ويعود ذلك إلى الأهمية الكبرى لمؤسسة الأسرة، فهي تمثل في نفس الوقت اللبنة الرئيسية للمجتمع والفضاء الأول لتشكيل السمات الاساسية لشخصية الفرد واتجاهاته، تتعلق هذه الحقوق أساسًا بضرورة توفير الحماية الكافية للأسرة كمجموعة، وكأفراد من قبل المجتمع والدولة لتجنيبهم كل أشكال الانتهاكات التي تمس من كرامتهم. تشمل هذه الحقوق في نفس الوقت الجوانب المادية والمعنوية، فمن حق الأسرة وأفرادها على المجتمع والدولة توفير ظروف الحياة الكريمة، التي تتجسد في قدرتهم على تلبية حاجياتهم الأساسية دون قيود أو اشتراطات، وأيضًا في قدرتهم على تحديد خياراتهم الفردية والجماعية دون تدخل أطراف خارجية.
من جهته، قال د. محمد فرج رحيل، أستاذ مساعد بقسم العلوم الاجتماعية: «ما تقدمه الأسرة يتضمن عدة عمليات منها التنشئة، والتربية، والتوجيه، والإعداد الجيد للمواقف المختلفة التي تواجه أفرادها في حياتهم المستقبلية، وبناء عليه تلعب الأسرة دورًا كبيرًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فالأسرة نواة المجتمع ومنها يخرج الافراد إلى مجتمعهم أعضاء فاعلين ومؤثرين يساهمون في بناء مجتمعهم والمحافظة عليه، وفيها يتلقى الإنسان المبادئ الإنسانية الأولى، ومن أهم مساهمات الأسرة أنها بيئة عملية لتطبيق معظم مبادئ التنمية المستدامة من التعاون، والمشاركة، والمسؤولية، والعدالة، والوقاية، كما أن الأسرة تشترك مع التنمية المستدامة في نفس الأهداف المعلنة مثل التعليم، الصحة، والعمل اللائق والقضاء على الفقر، وتحقيق المساواة بما يحقق مصلحة أعضائها».
وأشار د. طارق بن محمد الصادق بلعج، أستاذ مشارك في علم الأعصاب الاجتماعي البشري، إلى برنامج الأسرة، وقال: «يركز برنامج علم النفس في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة قطر على دور الأسرة المحوري في التنمية والرفاه الاجتماعي، ذلك أننا نعتبر أن أحد أهم مميزات المجتمعات العربية الإسلامية هو اعتبار الأسرة وليس الفرد النواة الأصغر في المجتمع، وعلى هذا الأساس فإن صحة المجتمع تتوقف على وحدة الأسرة وتماسكها وقدرتها على احتضان أفرادها وحمايتهم والرقي بهم ومعهم نحو النمو والتطور وهو ما يحملنا إلى اعتبار قضايا الهوية والانتماء والتلاؤم الأسري مركزية لضمان الرفاه المجتمعي والأسري والفردي، لذلك فان هذا التصور يقود معظم بحوثنا ودراساتنا النظرية والتطبيقية».
من جانبها، قالت د. منيرة الرميحي، برنامج علم الاجتماع - قسم العلوم الاجتماعية: «من المتفق عليه أن تطور الدول والشعوب مرتبط ارتباطاً وثيقًا بوعي
المجتمع لديها، وأنه كلما زاد وعي الأسر تجاه كافة شؤون الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والتربوية والصحية، ساهم ذلك في تجاوز الكثير من المشكلات والعقبات، بل ويوفر الكثير من الجهد والوقت والمال على المجتمع، فإدراك الأسر للواقع والحقائق الّتي تجري من حولها سيساهم في خلق حالة من الوعي لديها بكلّ الأمور التي تجري، وتحدث من حولها ممّا يجعلها أكثر قدرة على إجراء المقاربات والمقارنات من منظورها وبالتالي ستصبح أكثر قدرةً على اتخاذ القرارات التي تخص المجالات والقضايا المختلفة التي تطرأ لها والتي تتعلّق بالمفاهيم المختلفة التي تتمحور حول القضايا الحياتيّة والمعيشية».
وأضافت: ولا شك أن التطورات التكنولوجية والانفتاح على الغرب وسيطرة العولمة الثقافية والحداثة السائلة ومواقع التواصل الاجتماعي على المجتمعات الخليجية أدى بدوره إلى تغييرات كثيرة في مفهوم الأسرة في نواحي اجتماعية كثيره منها ما يتعلق بتربية النشء حيث أصبح هناك شركاء أساسيون في تربية الأبناء مثل المربيات الأجنبيات والإعلام المعولم؛ مما ترتب عليه أن يبحث الأبناء عن الاستقلالية وتحقيق الذات بعيدًا عن التقاليد والعادات والموروثات الثقافية والمجتمعية، ففي خضم هذه التغيرات التي تعصف بالأسرة وتعكر صفو علاقات أفرادها، ظهرت عدة أزمات على البنية الخليجية في الآونة الأخيرة منها حصار قطر وظهور جائحة كورونا التي خلخلت الكثير من أنظمة الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والصحية حيث يحتاج الأمر إلى تعزيز الوعي لدى الأسر لمجابهة هذه الأزمات، والخروج منها وذلك عن طريق الإعلام بكافة وسائله وتعاون الأسر وتثقيفها لأبنائها، وزيادة معرفتهم بما يمرون به من أزمات في بيئتهم وخاصة معرفتهم بسبل مواجهة جائحة COVID19 وطرق الوقاية منها، والالتزام اجتماعياً وصحياً بقرارات الدولة بشأن مجابهة الأسر والأفراد لهذه الأزمة المتزامنة التي جابهت جميع العمليات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والديموغرافية وغيرها في الدول الخليجية.
copy short url   نسخ
16/05/2021
685