+ A
A -
سعدية مفرح
كاتبة كويتية
مرة أخرى وليست أخيرة، تؤكّد قضية فلسطين المؤكّد، وتعيد ترتيب الخريطة الأخلاقية لنا، نحن العرب، على الأقل قبل أن تعيد ترتيب الأولويات الوجودية كلها على سبيل الحق والدفاع عنه.
مرة أخرى وليست أخيرة، تقدّم فلسطين نموذجها الخاص الجديد، ممثلا بأهالي حي الشيخ جرّاح في مدينة القدس، لتوثيق تاريخها في الاحتلال بشكل حيٍّ ومباشر، ويقدّم أهالي الحي تضحياتهم باعتبارها من صور التضحيات الفلسطينية المستمرة في سبيل إيمانهم بفلسطين الحرة، وعاصمتها القدس، وقلبها الأقصى.
ومرة أخرى وليست أخيرة، يبقى الأقصى هو البوصلة، منذ بداية احتلاله وحتى هذه الأيام التي يقف فيها أهله صامدين، دفاعا أزليا وأبديا عنه، لأنهم يعرفون قيمته الرمزية في التاريخ وفي الجغرافيا، دينيا وحضاريا وثقافيا وإنسانيا، فهو رمز لقضية لا تموتٍ، حتى وإن أصبح المؤمنون بها قلة يُمسون في طريقٍ موحش!
والآن في هذه المعركة الجديدة التي انبثقت من قلب حي الشيخ جرّاح باعتباره نموذجا مصغرا لما جرى ويجري في كل فلسطين، على درب الاحتلال الإسرائيلي، منذ نكبة 1948، تتمايز مرة أخرى المواقف ما بين الشعوب والأنظمة، ويتأكّد الفرق الكبير بينهما في التوجه والإرادة والإعلان عنهما أيضا. الوجه الحسن لكل ما حدث ويحدث يذكّرنا، ويذكّر العالم كله بالمنطق البسيط الذي أثبت صدقيته دائما، باعتبار أن الحق لن يضيع، ما دام وراءه مطالب، والمطالبون بالحق الفلسطيني كثر، وهم يتكاثرون باتساع دائرة الهوية الفلسطينية في كل العالم، فالمعركة مستمرّة، ولن تنتهي حتى وإن ثقلت المهمة على أصحاب الحق، فالدم البريء الحر الذي سال ويسيل دائما على الأراضي الفلسطينية المحتلة لن يتخلى عن خاصيته وقودا ليس كمثله وقود لمعركة الوجود الحق.. لن ينفد، لأنه لم يخلق من العدم، وفلسطين ليست عدما، وإن أرادها الصهاينة وأصدقاؤهم من العرب كذلك!العربي الجديد
copy short url   نسخ
14/05/2021
268