+ A
A -
أكد الداعية الدكتور محمد حسن المريخي أن ما بقي من أيام وساعات في شهر رمضان فيه خير كثير، وأن هذه البقية هي أرجى شهر رمضان وأعظمه وأبهاه، فاغتنموا هذه البقية ففيها أرجى الليالي وهي ليلة القدر، وفيها العتق من النار، فاجتهدوا وابذلوا الأرواح والأنفس والمهج، وقفوا بين يدي الجبار جل جلاله خاشعين.
كما أكد أنه ليس للذنوب والمعاصي مصرف وسبيل وخلاص إلا بالتوبة منها والإنابة إلى الله تعالى، وأن باب التوبة مفتوح إلى يوم القيامة، والتوبة في رمضان مهيأة معدة للتائبين، وفرصتها متاحة في الشهر أكثر بكثير من بقية الشهور، وإمكانيتها ممكنة جدا وقبولها قريب جدا لتوافر شروطها ودواعيها، فأبواب الجنة مفتحة وأبواب النار مغلقة والشياطين مربوطة مصفدة، والقرآن والذكر والدعاء والبر وسائر الطاعات تدفع العبد للإقبال على التوبة وبلوغها والفوز بدرجاتها وغنائمها.
وقال الداعية محمد المريخي في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع الشيوخ: الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات وبطاعته تطيب الحياة وبرحمته تتنزل البركات، فاتقوا الله ربكم الذي رزقكم من الطيبات وأطعمكم من جوع وآمنكم من خوف وأسبغ عليكم النعم وأسدى إليكم المنن، ودفع عنكم النقم وفضلكم على كثير من خلقه تفضيلا.
وأضاف الخطيب: من لم يتفطن إلى أن مرور الأيام إلى ربه يدنيه وتصرّم الليالي تبعده عن الدنيا وتجافيه، وأن كل يوم يفوت من عمره هو صندوق يغلق، وكل ساعة تمر به هي شعبة من شعب روحه تزهق، من لم يدرك ذلك فقد أطال الأمد واستبعد الأجل، فيا لله كم سيتقلب على جمر الحسرات أسفا على الفوات، أتدري كيف يسرق عمر الإنسان يذهل عن يومه في ارتقاب غده ولا يزال كذلك حتى ينقضي أجله ويده صفر من أي خير «يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور».
وأردف: أيها المسلمون.. شهركم الذي تفضل به ربكم عليكم قد فرطت أيامه وتقضت ساعاته ولم يبق منها إلا أيام الوداع وسويعات الفراق، ثم هو مودِّع ومودَّع، إلا أن ما بقي منه فيه خير كثير، وهذه البقية هي أرجى شهر رمضان وأعظمه وأبهاه، فاغتنموا هذه البقية منها أرجى الليالي وهي ليلة القدر، وفيها العتق من النار، فاجتهدوا وابذلوا الأرواح والأنفس والمهج، وقفوا بين يدي الجبار جل جلاله خاشعين. وبين الداعية محمد المريخي أن الذنوب والمعاصي والمخالفات وتعدي حدود الله خطيرة على العبد، مذلة له في الدنيا ومخزية ومحرجته ومسقطته في العذاب والمؤاخذة في الآخر، فكل الإحباطات والإصابات والكوارث والمحن والفتن وقلة التوفيق كل سببه الذنوب والمعاصي، فما أذهب النعم وما كدر الأمن والاستقرار، وما أنزل النقم وما سلط الأعداء إلا وجود الذنوب والمعاصي، يقول الله تعالى: «أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا، قل هو من عند أنفسكم»، ويقول تعالى: «وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير»، ويقول: «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون»، فما حلت الذنوب في ديار إلا أهلكتها وما نزلت في قلوب إلا أعمتها ولا في أجساد إلا عذبتها ولا في أمة إلا أذلتها ولا في نفوس إلا أفسدتها. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا وما هن؟ قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل ما اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات» رواه البخاري ومسلم. ويقول: «إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه»، ويقول: «ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» رواه مسلم.
ولفت الخطيب إلى أن الذنوب قد أعمت القلوب وطمست البصائر وضللت الناس وكدت عليهم إيمانهم وحياتهم وأفسدت أخلاقهم وهم لا يشعرون، وإن من أشد عواقب الذنوب العواقب المعنوية التي لا يشعر بها الإنسان، كحرمان الرزق وعمى القلب والبصيرة، وقلة التوفيق وعدم الحيلة وعدم رؤية الحق حقا والباطل باطلا وضعف وحبوط مقام شرع الله في القلوب.
وبين الخطيب أنه ليس لهذه الذنوب مصرف وسبيل وخلاص إلا التوبة منها والإنابة إلى الله تعالى وباب التوبة مفتوح إلى يوم القيامة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر»، ويقول: «إن الله فتح بابا قبل المغرب عرضه سبعون عاما للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه»، والتوبة اعتراف بالذنوب واعتذار إلى الله منه وندم عله فعله وعزم على عدم العودة إليه، ومما يعين على التوبة أن الله تعالى سمى نفسه الغفار والتواب على المبالغة، فإنه يغفر الذنوب جميعا، مهما بلغت كثرة، ويتوب على عبده كلما تاب إليه واعتذر، ومما يعين على التوبة أن الله رؤوف بعباده فهو أرحم من الأم بولدها، وقد نادى عباده ودعاهم للتوبة والرجعة إليه كما قال: «قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم». ويقول في الحديث القدسي: «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي»، وقال: «يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنها روأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغروني أغفر لكم» حتى بشر عباده التائبين بتحويل سيئاتهم حسنات، «إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات». وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن الله يفرح بتوبة عبده أشد من فرح الأم التي فقدت ولدها ثم وجدته.
وحث الشيخ محمد المريخي كل مسلم قائلا: أيها المسلمون.. التوبة في رمضان مهيأة معدة للتائبين، وفرصتها متاحة في الشهر أكثر بكثير من بقية الشهور، وإمكانيتها ممكنة جدا وقبولها قريب جدا لتوافر شروطها ودواعيها، فأبواب الجنة مفتحة وأبواب النار مغلقة والشياطين مربوطة مصفدة، قد حيل بينها وبين أن تصل إلى المسلمين وغلبت وعجزت واستسلمت، وفي كل يوم من الشهر ينادي منادٍ من قبل الله يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، والقرآن والذكر والدعاء والبر وسائر الطاعات تدفع العبد للإقبال على التوبة وبلوغها، والفوز بدرجاتها وغنائمها.
copy short url   نسخ
08/05/2021
353