+ A
A -
أوضح الداعية عبدالله محمد النعمة أن التوبة إلى الله من أجلّ صفات الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، وأن التوبة من كمال الإيمان وحسن الإسلام، وأنها تذهب الضيق من الصدر، وتزيل الهم من النفس، وتفتح للتائب سعة رحمة الله تعالى، وهي سبب لمحبته ورضاه عن العبد، وقبوله له ولن يغفر الذنوب إلا الله، ولن ينجي أحدا عمله إلا برحمة من الله وفضل، وكلنا أصحاب ذنوب وخطايا، ولكن خيرنا من يسارع إلى التوبة ويبادر بالعودة إلى الله تعالى تحثه الخطى وتسرع به الدمعة ويقوده الخوف من الله تعالى ويعينه أهل الخير ورفقاء الدنيا والآخرة.
وقال الداعية النعمة في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب: لقد اقتضت حكمة الله تعالى واتصافه بصفات المغفرة والرحمة والعفو أن يقع العباد في الذنوب والآثام، ثم يرجعون إلى الله تائبين، فيغفر لهم ويتجاوز عنهم بمنه وكرمه سبحانه وتعالى، ولو شاء الله لآمن من في الأرض أجمعين.
وأضاف: من ذا الذي لم تصدر منه ذلة ولم تقع منه خفوة ولم يقع في معصية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم»، وروى الترمذي وابن ماجه وأحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: «كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون». وتابع الخطيب: أيها المسلمون.. وإن من أعظم نعم الله على عباده أن فتح لهم باب التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، وجعلها فجرا صادقا ومنطلقا جديدا تبدأ به رحلة العودة إلى الله تعالى، وسلوك صراطه المستقيم، وانظر أخي المسلم إلى فضل الله تعالى على عبده التائب المنكسر بين يديه حين يقبل عليه فيقبل توبته، حتى يصير نقيا سلميا معافى من الذنوب والخطايا، صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»، قال ابن القيم في شرح الحديث: فمن لقيه تائبا توبة نصوحا لم يعذبه مما تاب منه، وليس هذا بحسب بل إن الله تعالى بكرمه وفضله على عبده التائب يبدل السيئات بعد التوبة حسنات: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَ?ئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ? وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
التوبة عباد الله من كمال الإيمان وحسن الإسلام، تذهب الضيق من الصدر، وتزيل الهم من النفس، وتفتح للتائب سعة رحمة الله تعالى: (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)، روى الطبراني عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أحدنا يذنب، قال: يكتب عليه، قال ثم يستغفر منه ويتوب، قال: يغفر له ويتاب عليه، قال فيعود فيذنب قال: يكتب عليه، قال ثم يستغفر منه ويتوب، قال: يغفر له ويتاب عليه، ولا يمل الله حتى تملوا.
وبين الداعية عبدالله النعمة أن التوبة إلى الله من أجلّ صفات الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، أعظمهم في ذلك نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الذي بلغ الكمال في ذلك، وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومع ذلك يقول ابن عمر رضي الله عنهما إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم.
ولفت إلى أن كثيرا من الناس حجبهم عن التوبة طول الأمل وغرهم التسويف والإمهال ونسوا أن الأعمار بيد الله تعالى: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، قال الحسن البصري رحمه الله إن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم إني أحسن الظن بالله، وكذب لو أحسن الظن لأحسن العمل، فاتق الله أخي المسلم واعلم أن جهاد النفس طويل وشاق محفوف بالمكاره والصعاب فعليك بالسير إلى الله سبحانه في ركاب التائبين حتى تحط رحلك في جنات النعيم، قف بباب الله تعالى خاضعا ذليلا وارفع إليه يديك منكسرا منيبا وادعه راجيا تائبا، فإنه تعالى يبسط يديه بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها.
وأكد الخطيب على أن التوبة إلى الله سبحانه وتعالى سبب لمحبته ورضاه عن العبد، وقبوله له ولن يغفر الذنوب إلا الله، ولن ينجي أحدا عمله إلا برحمة من الله وفضل، وكلنا أصحاب ذنوب وخطايا ليس منا من هو معصوم من الذلل والخطأ، ولكن خيرنا من يسارع إلى التوبة ويبادر بالعودة إلى الله تعالى تحثه الخطى وتسرع به الدمعة ويقوده الخوف من الله تعالى ويعينه أهل الخير ورفقاء الدنيا والآخرة.
ونوه بقوله: عباد الله.. أيام قليلة ويرحل عنا هذا الضيف الكريم والموسم العظيم جعله الله سبحانه ميدانا تنافس فيه المتنافسون ومضمارا تسابق فيه الصالحون، شهر يكتب فيه دموع المقبلين ورأينا خضوع وخشوع الخائفين المتقين ليقبل العباد على ربهم ويعودوا إلى خالقهم ويتوبوا من ذنوبهم، نسأل الله أن يتقبل منا الصيام والقيام وأن يعلمنا الحكمة والقرآن.
وحث الشيخ كل مسلم أن يسأل نفسه، من أدرك رمضان فلم يغفر له، فمتى يغفر له؟ ومن أدرك رمضان فلم يتب، فمتى يلتمس التوبة؟ ومن لم يستغل هذه الفرصة وهذا الموسم العظيم الكريم، فأي فرصة يرجوها، أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة، اللهم اجعلنا ممن أدرك الشهر ووفق لقيام لية القدر واجعلنا من التائبين المستغفرين.
copy short url   نسخ
08/05/2021
1404