+ A
A -
سارة رشيدى كاتبة جزائرية
(إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوه إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)
حديث نبوي رواه الترمذي.
مرَّ علي هذا الحديث النبوي في الكثير من محطات حياتي، لكنني وخلال هذه الأيام المباركة من شهر القرآن، استشعرت معانيه بطريقة مختلفة وتوقفت عند قوله: (وإلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) تساءلت، هل يربط الحديث بين رد صاحب الدين والخلق بالفساد في الأرض؟ كيف ذلك، تعجبت، ثم طفقت أبحث عن المعنى وتفسير الحديث عند مختلف المفسرين، فلم أجد ما يخالف فهمي له، نعم إن رد صاحب الخلق والدين عن الزواج يؤدي إلى فساد وفتنة في الأرض، فإذا امتنع ولي أمر البنت عن تزويج ابنته إلا من صاحب المال والسلطة والنفوذ ورفض تزويجها لصاحب الخلق البسيط الحال، فستكون من وراء فعلته هذه آثار كبيرة وعواقب سيئة، فقد يتأخر سن الزواج للبنت، وتكثر العنوسة في المجتمع، وقد يلجأ بعض الشباب ممن لا تتوفر لهم أسباب الرخاء والبذخ، إلى سبل غير مباحة وعلاقات خارج نطاق ما حدده الإسلام، فتنتشر الفواحش، أو أنهم سيعزفون عن الزواج وهذا ما يخالف مقاصد الشريعة من الزواج وتكوين الأسرة والتناسل، حتى أن العزوف عن الزواج سيؤدي إلى تضرر اقتصاد الدول ويسبب ارتفاع نسب الشيخوخة لديها مقابل قلة نسب الشباب، وهذا بالفعل ما نراه في مجتمعات أجنبية، على غرار إيطاليا ذلك البلد الأوروبي الذي ينذر باندثاره بسبب عزوف شبابه عن الزواج والتكاثر، إذن فالحديث هنا قد ربط المنع بالفساد، وجعل من أهم شروط الزواج هو الخلق الطيب والحسن للخاطب وأن يكون صاحب دين، فمن توفرت فيهم هذه العوامل فهم أولى بالتزويج، ولم يربط صاحب المال أو النفوذ بشروط الزواج، إنما جعلها من المكملات أو الإضافات التي لا يحدث غيابها أو انعدامها مانعا للزواج، فليس كل شاب يتوفر على تلك الماديات، خصوصا أن سن الزواج يكون في سن مبكرة من الشباب وهذا هو الأصح، ومن المعلوم أنه في هذه السن يكون الشاب قليل الإمكانيات المادية وللتو قد شق طريقه نحو صناعة مستقبله، فلم يظلمه الإسلام فيما لا يملك ويثقل عليه باشتراط سعة الحال، بل قيده فيما يملك وهي أخلاقه وتمسكه بدينه، فمتى كانت أخلاقه حسنة وسيرته طيبة وذا دين، فهو مؤهل لإنشاء أسرة مسلمة، لكننا للأسف نعيش واقعا مخالفا للهدي النبوي، فالكثير من الشباب يتأخر زواجهم إلى سن ما بعد الثلاثين بسبب قلة الإمكانيات وغلاء التكاليف، التي أصبحت في مجملها مظاهر لا يتم معها الزواج إلا بتلك الطقوس والمراسم المبالغ فيها، التي صارت تشكل هما على عاتق العروس والعريس، فليس أفضل من الهدي النبوي حتى تستقيم حياتنا.
copy short url   نسخ
08/05/2021
458