+ A
A -
محمد سلامة كاتب أردني
«لن نرحل».. شعار ترجمه أهالي حي الشيخ جراح في القدس إلى مواجهات متواصلة مع المستوطنين وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، فيما اضطرت المحكمة العليا الإسرائيلية إلى تأجيل النظر في ملكية الحي للشركة الإسرائيلية المزورة أو لأصحابه الفلسطينين، الذين أشعلوها انتفاضة مدوية، معلنيين أنهم باقون إلى الأبد في بيوتهم وأملاكهم.
الأردن مشكورا قدم دعمه للمقدسيين، وقدم لهم إثباتات ملكية البيوت المشتراة منذ ما قبل 1967م، وكواشين الطابو العثمانية لمساعدتهم أمام المحاكم الإسرائيلية، فيما تتواصل المسيرات الليلية المنددة بسياسات المصادرة للأرض، ففي يوم أمس أصيب ثلاثة مستوطنين على حاجز زعترة، وما زالت الاتصالات مع السلطة الفلسطينية لاحتواء الموقف ومنع انزلاقها إلى انتفاضة داخل الضفة الغربية تتقدم على كل شيء.
الشركة الإسرائيلية تزعم شراءها للبيوت والأرض من سماسرة ليسوا مقدسيين، وأن السماسرة حصلوا عليها من تجار عقارات لا علاقة لهم بالقدس وليسوا من سكان حي الشيخ جراح والغرابة أن البائعين وفق الصحافة العبرية لا يعرفون أماكن بيوتهم وحدودها، وهذا يؤكد أن المشترى والبائع والسمسار وأطراف اللعبة كلها بمن فيهم بلدية الاحتلال مزورون بالجملة، فقد تحدى صاحب أحد البيوت أن يثبتوا أنه تصرف بملكية بيته لأي سمسار أو تأجر ممن وردت أسماؤهم في اللوائح الإسرائيلية، مؤكدا تمسكه بأرضه ومنزله، ولن يرحل مهما كانت الإغراءات المقدمة كتعويض له من بلدية الاحتلال أو المحكمة الإسرائيلية التي بانت على قناعة بأن بلدية القدس تريد مصادرة الحي كاملا وترحيل سكانه إلى مناطق أخرى في ضواحي القدس أو مناطق الضفة الغربية.
من الناحية السياسية والدبلوماسية على المستوى الدولي، قامت السلطة الفلسطينية بإرسال رسائل إلى الأمم المتحدة والهيئات والمنظمات الدولية للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها، وكان للأردن بقيادته الهاشمية دورا بارزا في دعم المقدسيين على أرضهم وفي ممتلكاتهم ودعم موقف السلطة على الساحة الدولية، وكما هو معلوم فإن إسرائيل لا تقيم وزنا للأمم المتحدة ولا لأوروبا، وترى بنفسها سلطة فوق القانون الدولي، ويبقى الأمل معقودا على أهالي القدس والضفة الغربية الذين يلوحون باشعالها انتفاضة جديدة إذا أصرت سلطات الاحتلال على موقفها من مصادرة الأراضي، واجتماعات أهالي حي الشيخ جراح كانت واضحة وصريحة.. لن نرحل.
الضفة الغربية تتهيأ لانتفاضة جديدة والحراك الشعبي المدعوم من الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية بانتظار قرارات المحاكم الإسرائيلية، والكل يدرك أن المعركة والانتصار فيها سوف يجبر إسرائيل على تغيير سياساتها ووقف مصادرة الأملاك الخاصة للمقدسيين، ففي وثائق المحاكم ما يفيد أن بلدية الاحتلال تزعم أن ثلث الحي أملاك غائبين، وتبين من الاثباتات والكواشين أن جميع سكانه يملكون ويتصرفون في بيوتهم وأرضهم منذ عشرات السنين، وأن قرارا جماعيا اتخذه الأهالي بعدم الرحيل مهما كلفت المواجهات وتداعياتها.
الأردن قيادة وحكومة وشعبا يقف إلى جانب المقدسيين ومطالبهم العادلة، والأوراق الأردنية الثبوتية المقدمة للمحاكم الإسرائيلية كشفت زيف التجار والسماسرة وشركات العقار ومن يقف وراءها في التزوير والتحريف لأسماء ومالكين لبيوت لا يعرفونها ولم يسكنوها نهائيا، وهناك لجنة بدأت تتفحص الأوراق للتأكد من سلامتها.. والبداية والنهاية أن المقدسيين لن يرحلوا، وأن الشعب الفلسطيني مصر على الصمود والثبات فوق أرضه ومقارعة الاحتلال مهما كلف الثمن، والذي سوف يرحل هو الاحتلال وأدواته ومستعمراته، فالقدس عربية إسلامية كانت وستبقى بإذن الله تعالى، وفيها قومها الجبارون الذين أوصلوا رسالة مدوية لبلدية الاحتلال ولسلطات المحكمة الإسرائيلية بأننا باقون في أرضنا ووطننا، وأن الرحيل سيكون للمتسللين المتطفلين من المتطرفين الصهاينة الذين تسللوا إلى أطراف الحي منذ سنوات ويجب أن يرحلوا.
{ الدستور الأردنية
copy short url   نسخ
05/05/2021
348