+ A
A -
الدوحة - الوطن
في ظل استمرار تفشي جائحة كوفيد 19، يُجسد شهر رمضان المبارك فرصة للناس للتفكّر في «الحياة التي يريدون أن يعيشوها والتأثير الذي يسعون إلى إحداثه»، هذا ما أكّده المفكّر الإسلامي الأميركي، الكاتب، والناشط في مجال حقوق الإنسان، الدكتور عمر سليمان، خلال نسخة خاصة من سلسلة محاضرات المدينة التعليمية التابعة لمؤسسة قطر.
وقد شارك آراءه حول ما يحمله هذا الشهر الفضيل من فرص لإحداث التغيير الإيجابي في حياتنا ومجتمعاتنا ومن بينها التفكّر والتدّبر خلال المحاضرة الافتراضية التي عُقدت بعنوان: «في رحاب الشهر الفضيل: رحلة نحو التغيير زادها القيم» والتي شهدت مشاركة أكثر من 12,000 مشاهد من قطر والمنطقة والعالم.
وقال الدكتور عُمر سليمان إن جائحة كوفيد 19 جاءت لتذكرنا بضرورة أن نتأمل في معنى حياتنا والهدف منها، كما أوضح أن الرغبة في إحداث التغيير يجب أن تكون صادقة ونابعة من القلب، وتهدف إلى تحقيق الفائدة والمضي قدمًا نحو الأفضل، وقال: «كلّ ما يذكّرنا بهشاشة هذا العالم وضعفنا هو فرصة لنا لنصبح أكثر تشبثا بالأمور الباقية وذات المغزى، أعتقد أن الوقت قد حان لنصبح أكثر وعيًا بالحياة التي نريد أن نعيشها اليوم وفي المستقبل، والتأثير الذي نريد أن نحدثه، والأعمال التي نريد أن نراها، إنها فرصة لنعود خطوة إلى الوراء، ونداء يذكرنا بضرورة أن نتفكّر في كلّ ما نقوم به».
وأضاف: «شهر رمضان يُعلمنا ألا نشعر بالاستياء من الأمور التي لا نملكها في هذه الحياة، فهناك الكثير من الصائمين الذين لا يجدون ما يفطرون به في رمضان، كما أن وباء كوفيد 19 علّمنا أن نحيا حياة هادفة، وأن نحدد أولوياتنا ونفكّر في كلّ النعم التي نحظى بها، وما نريده وما الذي سيكون ذا قيمة بالنسبة لنا مع مضينا قدمًا».
وفي حديثه عن مصدر هذا التغيير، قال الدكتور عمر سليمان: «يبدأ التغيير من داخلك، وتحديدًا من قلبك، إذا صلح القلب، صلح معه الجسد كله، وسائر الأعمال، وبعدها ينتقل هذا التغيير إلى المنزل، ومن ثم تتمكن من تحقيق التغيير على مستوى المجتمع، لأن المجتمع يتألف من الأُسر، عند النظر إلى المجتمعات التي تمكّنت من إحداث تحوّل على مدار التاريخ، نجد بأن هذا التحوّل قد بدأ ببضعة أفراد أو أُسر تمكنت من توحيد هدفها والتأسيس لإحداث التغيير في مجتمعهم.
وأضاف: التغيير يبدأ من الداخل، ثم ينطلق إلى الخارج. لن تتمكن من الوصول إلى هدفك إذا لم تطوّر نفسك شخصيًا، فتُقدم الوعظ والنصحية ولكنك لا تعمل بها، يجب تنظر إلى قلبك كخزانك الروحي الذي تغذيه، وبالتالي يُمكنك أن تعطي منه لبقية العالم من حولك، لا تنسى نفسك وأنت تسعى لتحسين المجتمع، وأبدأ بتحسين ذاتك وتطويرها، وسوف ينعكس ذلك على المجتمع بأسره.
خلال النسخة الرمضانية من سلسلة محاضرات المدينة التعليمية، وهي منصة حوارية تجمع الخبراء وقادة الفكر لمناقشة أهم الموضوعات في العالم، حثّ الدكتور عمر سليمان الشباب على تكريس أنفسهم ليكونوا محركًا للتغيير الإيجابي، وقال: من أحد الأمور التي نكتسبها من الأفراد الفاعلين والناجحين هو أنهم يبدأون في مرحلة الشباب ويواصلون المضي قدمًا – فترة الشباب هي الفرصة المثالية لتُكرّس نفسك من أجل تحقيق أهدافك، لا تنتظر حتى تكبر.
وأضاف: الرغبة في إحداث التغيير نحو الأفضل يجب أن تكون صادقة، ونابعة من المنطلق الصحيح، ففي كثير من الأحيان يُمكن ألا ندرك المعنى الحقيقي للتأثير. لا يجب أن يكون دافعك هو أن يُنظر إليك كصانع تغيير، لأن غالبية الناس يعتقدون أن الدافع والهدف الصحيح لهم هو ما يوافق عليه الآخرين. ما تقوم به ليس بالضرورة أن يكون غطاءً لما هو في الواقع.
وتابع: كلّ أعمالك التي تقوم بها أمام الناس يجب أن تكون خالصة وأن تجعل منك شخصًا أفضل، كلّما علّمت، أصبحت أكثر حاجة لتتعلّم، وكلّما وعظت أصبحت أكثر حاجة إلى تطبيق ما تقوله، وكلّما قمت بعمل الخير أمام الآخرين، كلّما احتجت إلى أن يراك الله فقط، يجب أن يتناسب تفانيك في ما تقوم به مع نموك وازدهارك، التغيير هام مهما بدا صغيرًا، ابذل ما بوسعك حسب استطاعتك، ابدأ بنفسك، وبأسرتك وبمجتمعك. ولا تستهن بأي عمل صالح تقوم به. الدكتور والإمام عمر سليمان هو مؤسس ورئيس مؤسسة يقين للبحوث الإسلامية، وأستاذ مساعد في الدراسات الإسلامية في برنامج الدراسات العليا الحرة بالجامعة الميثودية الجنوبية بالولايات المتحدة الأميركية، وباحث مقيم في مركز «رانش فالي» الإسلامي، ورئيس فخري مشارك في «فايث فورورد دالاس»و «ساحة الشكر»، وهو تحالف متعدد الأديان من أجل السلام والعدالة.
copy short url   نسخ
23/04/2021
1033