+ A
A -
كتب محمد الجعبري
تناولت الندوة الافتراضية التي نظمها برنامج الخيمة الخضراء التابع لبرنامج لكل ربيع زهرة – عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع -، موضوع «صيام المريض بين الشرع والطب»، وذلك بحضور مجموعة من خبراء الطب وعلماء الدين والأطباء النفسيين، من دولة قطر وبعض البلاد العربية.
وفي مقدمة الندوة التي أدارها الدكتور سيف الحجري، قال إن حكم صوم المريض في القرآن جاء مقرونا بصوم المسافر، حيث أكد على جواز إفطار المريض والمسافر خلال شهر رمضان، كما حدد الذكر الحكيم أنه يجب على المفطر أن يقضي الكفارة، مشيراً إلى أنها رخصة الله تعالى الذي أعطاها لعباده المؤمنين.
وقال إن رخصة الإفطار للمريض والمسافر جاءت من منطلق حرص الدين الإسلامي على حفظ النفس البشرية وهي من أعلى مقاصد الشريعة، مشيراً إلى أن علماء الأمة أكدوا على ضرورة لجوء المريض إلى الطبيب ليتعرف على إمكانية صومه من عدمه دون أن يقع أي ضرر على صحته.
من جانبه قال الداعية الشيخ أحمد الفرجابي إن الفقهاء يبنون رأيهم في تلك القضية على رأي أهل العلم من الأطباء، لذلك فإن رأي الطبيب في هذه الحالة هو الذي يستند عليه العلماء في جواز إفطار الصائم المريض، مشيراً إلى أنه حضر قبل سنوات ورشة لبعض الأطباء أكدوا خلالها جواز إفطار السيدات الحوامل المصابات بالسكري في حالة وقوع ضرر على صحتهن، لهذا فإن علماء الدين يبنون حكمهم بناء على آراء الأطباء في تلك القضايا.
وعن تخوف البعض من الإفطار، فقد أكد الفرجابي على أنه لا يجوز في هذه الحالة الصوم، ويثاب المسلم على نيته طالما أن الأطباء أجازوا له الإفطار خوفاً من وقوع ضرر على صحته، حيث يقوم الحديث الشريف في مثل تلك الحالات «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه»، مستشهداً بموقف حدث قبل سنوات، حيث أودى مخالفة آراء الأطباء بحياة إحدى السيدات التي أصرت على الصوم برغم تحذير الأطباء لها من الصوم لسوء حالتها الصحية.
كما حذر الداعية أحمد الفرجابي من تناول بعض السيدات أدوية تمنع «الحيض» لتستطيع الصوم خلال الشهر الفضيل، خاصة في حالة حدوث ضرر جسدي عليهن، مشيراً إلى أن الإسلام جاء ليحافظ على الروح البشرية.
من جانبه قال الدكتور زاهر العنقودي استشاري طب الأسرة من سلطنة عمان، إن الصوم له العديد من الفوائد الصحية الكثيرة على صحة الإنسان، ولكن في حالة وقوع ضرر على المسلم فإننا كأطباء ننصح المريض بضرورة الإفطار، ومن تلك الحالات السيدات الحوامل والمصابات بداء السكري ومرضى الكلى والكثير من الأمراض المزمنة التي تستدعي أن يتناول المريض أدوية أثناء فترة النهار، أو ان يتسبب الجفاف الناتج عن الصوم في الضرر بصحته، مؤكداً أنه يجب على المريض أن يستشير الطبيب المعالج قبل دخول الشهر الفضيل بفترة كافية وهو الذي يقرر الصوم من عدمه على حسب التقارير الطبية الخاصة بالمريض.
وعن الأضرار الخفيفة التي تقع على بعض المرضى جراء الصوم، قال الدكتور زاهر إن الأطباء في مثل تلك الحالات تجيز للمريض أن يفطر خوفاً من حدوث مضاعفات على المدى البعيد، خاصة في حالة عدم وجود أشخاص آخرين في المنزل يتابعون المريض على مدار اليوم، مشيراً إلى أن الصوم لابد وأن يكون مثالياً ويصاحبه عدد ساعات نوم كافية.
وعلى المسار النفسي، فقد حذر الدكتور عزيز النعماني من الأثر النفسي السيئ للمسلم في حالة إفطاره بسبب المرض، مشيراً إلى أن ذلك من المفاهيم الخاطئة لدى البعض.
وعن المرضى النفسيين وجواز إفطارهم، فقد أكد الدكتور عزيز أنه بالنسبة للمريض النفسي فإن الأطباء لا يملكون دليلا حسيا ملموسا يستطيعون من خلاله إعطاء المريض فرصة للإفطار، وفي مثل تلك الحالات فإن الأطباء يقولون للمريض يجب ان تستفتي قلبك.
وفي سياق مواز، طمأن الدكتور الشيخ علي القره داغي المسلم المريض أنه لا وزر عليه في حالة إفطاره لرمضان بسبب مرضه طالما أن هذا رأي الدكتور المعالج، مؤكداً أن الإسلام جاء ليحافظ على النفس البشرية ويحفظها من أي أضرار جسدية أو نفسية، حيث يحقق الدين الحنيف التوازن المتكامل بين العبادات والحفاظ على النفس البشرية، ولفت إلى أنه يجب علينا نشر المفاهيم الصحيحة والبعد عن المفاهيم الخاطئة.
وأشار إلى أن الدين له كفتان يعتمد عليهما في مثل تلك القضايا وهما رأي الأطباء ورأي علماء الدين، ومن هنا جاء قوله تعالى «اسألوا أهل الذكر».
من جانبه نوه الدكتور محمد أسامة الحمصي استشاري أمراض الدم والأورام بمستشفى حمد الطبية، بأنه يجب على المريض أن يستشير طبيبه المعالج قبل شهر رمضان، في إمكانية الصوم ومدى انعكاس ذلك على صحته، حيث يبني الطبيب رؤيته على كثير من المعايير، أهمها مدى احتياج هذا الشخص لجرعات دواء على مدار اليوم، كذلك مدى احتياج الجسد للغذاء على مدار اليوم في حالة مقاومته لبعض الأمراض، أو تأثير الجفاف على الأجهزة الحيومية بالجسم.
ولفت إلى انه يوجد أمراض تستفيد من الصوم، مثل أمراض الضغط وبعض انواع السكري والحساسية والتهاب المفاصل، مؤكداً على ان الصوم يساعد الجسد في التخلص من السموم.
وأوضح أنه بالنسبة لمرضى السرطان فإنه يجب استشارة الطبيب، خاصة وأنه هناك أنواعا لا تتأثر بالصوم، كما يوجد أنواع أخرى في حاجة للإفطار لتلقي العلاج.
وشجع الدكتور الحمصي الجميع على أخذ لقاح فيروس كورونا الذي توفره الدولة الفترة الحالية، مؤكداً أن اللقاح لا يفطر، كما انه يجب على مرضى السرطان أخذ اللقاح ولكن تحت إشراف الدكتور المعالج للحالة.
وفي ذات السياق أكد الدكتور عبدالله الحمق رئيس الجمعية القطرية للسكري، أن يوجد دراسة هامة صدرت الفترة الماضية عن صوم مرضى السكري خلال شهر رمضان أصدرها «تحالف السكري في رمضان»، والتي أكدت على أن قرار الصوم لمرضى السكري لا يأخذه المريض بنفسه، ولكن لابد أن تقوم على استشارة طبيبه، مشيراً إلى أن تلك الدراسة قامت على 12 ألف مسلم.
من جانبه استعرض الدكتور خالد المفتاح الأحكام الشرعية بالنسبة للصوم والإفطار لجميع المرضى، مؤكداً أن العلماء حرموا الصوم في حالة وقوع ضرر على المريض جراء الصوم.
وبالنسبة لديانة الطبيب الذي يجب استشارته في حالة الصوم للمريض، فقال الدكتور المفتاح إن العلماء أباحوا أخذ رأي الطبيب من غير أهل الإسلام والعمل برأيه واستشارته، مشيراً إلى أهمية أن يكون الطبيب متمكنا في مهنته وأن يكون أهل ثقة.
copy short url   نسخ
21/04/2021
1550