+ A
A -
بقلم:
بولنت أراس
?أستاذ زائر بجامعة قطر
?أميرهان يورولمازلار
أستاذ زائر بجامعة جونز هوبكنز
أكّدت التعديلات الدستورية التي أعدّها فلاديمير بوتين في يناير 2020 أنه لا يرغب في التقاعد قريبًا. وفي الوقت نفسه، استبدل بوتين رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف بميخائيل ميشوستين، وهو شخصية تكنوقراطية تأثيرها محدود في النظام، ولقد تمّ التصويت على التعديلات الدستورية في 25 يونيو و1 يوليو 2020، على نحوٍ أتاح إمكانية تمديد ولاية بوتين حتى عام 2036 وعزّز سلطات مجلس الدولة، وهي الهيئة التي قد تسمح له بإدارة دفّة الدولة مع تفادي خطر التعثر في السياسة اليومية. وبرّر بوتين، البالغ من العمر 68 عامًا، هذا التغيير ضمنيًا بالإشارة إلى الحاجة إلى ضمان الاستقرار في الحكم. وقد يستخدم هو ومراكز القوة التي تتجمع حوله هذا الإطار الزمني أيضًا لإعداد نموذج خليفته أو شكل خلافته. وعلى أي حال، فإن بوتين عازم على البقاء في السلطة إلى أن يشكّل مستقبل روسيا بثقة.
مع التغييرات الجديدة التي طرأت على الدستور، يستطيع بوتين البقاء في السلطة حتى عام 2036، ويتوقف ذلك على اختياره السياسي. وسيكون أفضل سيناريو للرئيس الروسي (والمجموعة التي تدعمه، والتي تُعرف بـالـ «سيلوفيكي») هو استخدام هذا الإطار الزمني لإعداد خليفته، وتفادي الضغوط الزمنية التي تمارسها انتخابات 2024. وربما يفضّل بوتين أيضًا أن يتولى منصبًا آخرَ (مثل منصب رئيس مجلس الدولة الذي جرى تعزيز دوره مؤخرًا)، تاركًا الرئاسة الأقل شأنًا لبديل موثوق به. ومن المرجّح أن يكون خليفته شخصًا من الدائرة الداخلية (أي من جهاز الأمن الفدرالي، Federal Security Service FSB) أو شخصًا يحظى بموافقته، ويبقى مخلصًا للمجموعة ويضمن حصانة بوتين وعائلته بعد التقاعد. ويتبع هذا الترتيب الخطوات المعتمدة في عملية انتقال السلطة في كازاخستان).
وبما أنّ بوتين يثمّن العملية الانتقالية السلسة والمستدامة، فربما يفضّل أن يكون هناك رئيس تطول فترة رئاسته، على نحوٍ يشير إلى أن شخصية بارزة أصغر سنًا و«ناشطة» قد تأتي خلفًا له. وبما أنّ الفاعلين ضمن الدائرة الداخلية بلغوا الستينيات من أعمارهم، فقد يختار بوتين شخصية بارزة تنتمي إلى الجيل الجديد من الأطراف الفاعلة التي تربطها علاقات بالأجهزة الأمنية وتكون قادرة على إعادة تلميع صورة النظام.
وقد تكون مقاربة الخلافة المدروسة في عملية إعداد خليفة على نحوٍ يسمح بالسعي إلى توازن جديد، يحافظ على التوازن القائم بين المجموعات المتنافسة ضمن النخبة، للتخفيف من الاقتتال الداخلي المحتمل. وعلى هذا النحو، سيتعيّن على الشخصية المختارة أن ترقى إلى مستوى المهمة الصعبة المتمثّلة في موازنة المصالح المتضاربة للجماعات المتنافسة، والتي كانت السمة المميزة لحكم بوتين أكثر من عقدين. ومن ثمّ، فإن الديناميات الموجودة تستلزم حصول المرشّح الجديد على موافقة المجموعات الأخرى داخل المؤسسة الأمنية والنخبة الحاكمة المرتبطة بها.
2. الصراع الداخلي ضمن النظام الحالي
إذا لم يتمكن بوتين من إدارة هذه العملية بسبب تطورات غير متوقعة (مثل حالته الصحية التي تدور حولها تكهّنات خطيرة)، فقد تتحرك المؤسسة لتفرض الرئيس المقبل. والسؤال الرئيس هو أيّ مراكز قوى ستصوغ عملية الخلافة؟ فعندما تولّى بوتين السلطة، أدّت الأوليغارشية (النخبة الحاكمة) دورًا رئيسًا. ومع ذلك، تمكّن بوتين من إضعاف قبضتها على السلطة. واليوم، تضطلع البيروقراطية الأمنية والاستخباراتية والجيش بدور أكبر في المؤسسة التي لا تزال تحت سيطرة الرئيس الروسي. ومن المرجح أن يؤدي هذا الحرس القديم ضمن المؤسسة إلى إدامة النظام الحالي، أي دولة أمنية ينعم فيها عامة الناس بحقوق خاصة محدودة لا مدنية. ويبدو أنّ الأجهزة الأمنية وآليات الرقابة المجتمعية مجهّزة للتعامل مع مثل هذه الاحتمالات، حتى لو فشلت ثقتهم المفرطة في مواجهة الفئات الهشة النمطية التي عرفها التاريخ الروسي، ما يعني إفقار الطبقات الدنيا واستنفاد قدرة روسيا على السيطرة على محيطها الجيوسياسي. وبناء عليه، من المرجح أن تختار النخب الأمنية إدارة العملية الانتقالية بوصفها تسوية ضمن النخب، وتسعى جاهدة لإبقاء المجتمع تحت السيطرة.
وفي أيٍّ من هذين السيناريوهين، سيحتاج الخليفة إلى هالة من الشرعية والشعبية. وفي الواقع، سيكون هذا هو أضعف رابط في خلافة يعدّ لها بوتين. فأولًا، أدّى سلوك بوتين وأسلوبه في الحكم إلى استبعاد أي رجل آخر قد يتبوأ الموقع الثاني، وهو ما يجب العمل على تحقيقه أمام الجمهور. وثانيًا، لا يرمز بوتين إلى انحدار روسيا، بل صقل مواصفاته القيادية (charisma) بناءً على قدرته على تجاوز الإذلال الذي لحق بروسيا في حقبة ما بعد الاتحاد السوفياتي. ومن ثمّ، من المرجّح أن يكون خليفته من أتباعه، والذي قد يواجه صعوبة في شرح سبب اختيار بوتين له ليحمل الراية.
3. هل ينهار النظام الحالي؟
نظرًا إلى الطابع الشخصي للنظام، قد تبدو إدارة الخلافة أشد صعوبة مما قد يفترضه بوتين وحاشيته. وعلى عكس الحقبة السوفياتية، لا يوجد مكتب سياسي أو آلية مؤسسية مماثلة لتنظّم العلاقات بين المجموعات المتنافسة بطريقة رسمية، وربما تنقلب المنافسة ضمن المؤسسة الأمنية، المقيّدة حاليًا من خلال تنسيق بوتين الخلافات، ضد بعضها البعض في مواجهة مفتوحة. وقد تواجه روسيا مأزقًا خطيرًا بسبب التدخل الخارجي، وتدخّل رجال أعمال بارزين لا يزالون يتمتعون بالنفوذ، هذا، إضافةً إلى الاحتجاجات الشعبية والصعوبات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19). ومع ذلك، حتى في ظل مثل هذا السيناريو، لا تزال البيروقراطية الروسية تنعم بالقدرة والقوة السياسيتين اللتين تتيحان لها عزل المسائل التي تخرج عن السيطرة تمامًا، والتي قد تؤدي إلى انقلاب أو حتى إلى انتفاضة عنيفة.
ومن المحتمل أن تحدد القومية/‏ الوطنية المتنامية المساعي المبذولة الرامية إلى تحقيق النظام في أثناء العملية الانتقالية هذه، على الرغم من كل الصعوبات الاقتصادية وأزمة الحوكمة. وربما تضطر البلاد إلى اللجوء إلى دورات انتخابية متكررة وفق صيغة تكون موضوع جدال كبير، وقد يؤدي ذلك إلى وضع مشابه لما حدث في أوائل التسعينيات من القرن العشرين؛ إذ قد تضعف هيمنة الكرملين أمام برلمان يتمتع بنفوذ أكبر. إلا أنّ فرص وصول رئيسٍ مُوالٍ للغرب (والرئيس بوريس يلتسن خير مثال) ستكون ضئيلة. وبدلًا من ذلك، ستعزّز هذه الأجواء شعبية التيار الشعبوي القومي - وهو الدور الذي اضطلع به بوتين بذكاء مرة أخرى – على نحوٍ قد يسلّط ضوءًا جديدًا على الحكم البيروقراطي الكئيب في روسيا.
وفي ظل مثل هذا السيناريو، قد يظهر زعيم جديد من ضمن الأحزاب السياسية القائمة، أو ربما تبرز بعض الشخصيات التي قد لا تكون بالضرورة منتمية رسميًا إلى أحزاب معينة. ومع ذلك، تشير أيضًا الانقسامات الإقليمية، والانقسامات بين الأجيال، والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها في بلد كبير مثل روسيا، إلى أنّ ظهور شخصية متّفَق عليها من المعارضة سيكون صعبًا جدًا.
ثانيًا: الأسماء المحتملة لخلافة بوتين
سيكون تحديد مثل هذا الاسم عملية صعبة؛ فقد جرى تداول أسماء عدّة. وعلى الأرجح، في حال حدوث عملية انتقالية ضمن معالم النظام الحالي، سيكون خليفة بوتين شخصًا لم تسلّط عليه الأضواء كثيرًا. وربما لا يجري الكشف عن اسمه حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، وسيظهر فقط برعاية بوتين. ومع ذلك، برزت عدة أسماء في التحليلات المتعلقة بروسيا، تعود لأشخاص مرتبطين بالمؤسسة وببوتين بصفات مختلفة: ديمتري ميدفيديف (الرئيس السابق)، وميخائيل ميشوستين (رئيس الوزراء)، وسيرغي شويغو (وزير الدفاع)، وسيرغي إيفانوف (وزير الدفاع السابق/‏ المبعوث الخاص للرئيس بوتين)، وسيرغي سوبيانين (عمدة موسكو)، وفياتشيسلاف فولودين (رئيس مجلس الدوما)، ونيكولاي باتروشيف (المدير السابق لجهاز الأمن الفدرالي)، وأندريه فوروبيوف (حاكم منطقة موسكو)، وأندريه بيلوسوف (النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء)، وديمتري كوزاك (نائب رئيس الوزراء) ومارات خوسنولين (نائب رئيس الوزراء). وينبغي أيضًا إدراج أسماء المقرّبين من بوتين، مثل إيغور سيتشين (الرئيس التنفيذي لشركة النفط الروسية العملاقة روسنفت، والمعروف أيضًا بـ «دارث فيدر» الروسي)، وإيغور كراسنوف (المدعي العام البالغ من العمر 45 عامًا)، وحراسه الشخصيين السابقين الذين تمّت ترقيتهم إلى حكام، مثل أليكسي ديومين (حاكم منطقة تولا)، وديمتري ميرونوف (حاكم منطقة ياروسلافل)، وسيرغي موروزوف (حاكم منطقة أستراخان)، ويفغيني زينيتشيف (الحاكم السابق لمقاطعة كالينينغراد السابق، ووزير الطوارئ الروسي حاليًا).
ثالثًا: مستقبل الحركة الاحتجاجية
على الرغم من أنّ بوتين أعدّ خريطة طريق للبقاء في السلطة أو لجعل خليفة يتم اختياره، يواصل حمل راية البوتينية، فقد عمّت روسيا موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية. وتجدّدت مع اعتقال [الناشط المعارض] ألكسي نافالني فور عودته من ألمانيا في إثر رحلة علاجية، وعُلّقت حاليًا تكتيكيًا للتركيز على الحملة المقبلة للانتخابات التشريعية التي ستجري في سبتمبر 2021.
وقد اندلعت الاحتجاجات الأخيرة (يناير 2021) في أكثر من 100 مدينة في جميع أنحاء روسيا، من فلاديفوستوك على ساحل المحيط الهادئ إلى إيركوتسك في سيبيريا وكالينينغراد في المحيط الأطلسي. وهي تستند إلى التزام نافالني الذي لا يتزعزع بمواجهة من يمسكون بزمام السلطة، بقول الحقائق؛ إذ كشف نافالني عن قصر بقيمة 1.3 مليار دولار في البحر الأسود، وهو القصر الذي قال عنه إنه جرى دفع ثمنه بـ «أكبر رشوة في التاريخ». وحتى إن صرّح الرئيس بوتين «إنه ليس ملكًا لي»، فإن الفيديو حقّق 100 مليون مشاهدة، ما يشير إلى أنّ الجمهور أصبح أكثر استعدادًا للاستماع إلى تهم الفساد الموجَّهة ضد الرئيس الروسي.
وفي ما يتعلق بالاحتجاجات، أثبت نظام بوتين حتى الآن، قدرته ورغبته في مواجهة التمرّد الشعبي. وقد كانت الاحتجاجات الشعبية في 2011-2012 ضد عودة بوتين إلى الرئاسة، وفي صيف 2020 ضد انتشار الفساد والحرمان على نطاق واسع، قوية أيضًا، ولكن الأجهزة الأمنية وضعت حدًّا لها. واستندت الاستراتيجية البوتينية منذ البداية إلى تأجيج نيران القومية وتشويه سمعة القوى الأجنبية بسبب موقفها ضد صعود روسيا، وهي روح عزّزتها الحملات العسكرية الأجنبية، خاصة بعد أن تمّ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014. وفي الآونة الأخيرة، يبدو أنّ مثل هذه الدوافع قد فقدت منفعتها الهامشية، ولكن بوتين جاء مرة أخرى بسردية نافالني المدعوم من جهات أجنبية. ويبدو أنّ الحقيقة هي أن حملة نافالني لمكافحة الفساد وضعت بوتين في موقف دفاعي، بدا من خلاله أقل ثقة بالترويج لقضيته الحصرية في الدفاع عن روسيا.
وتتمثل المسألة المتعلقة بالاحتجاجات الأخيرة التي قادها نافالني بعدم قدرة البوتينية على أن تتفوّق على الشرعية الشعبية؛ إذ يبدو نافالني، أولًا، بوصفه شخصية سياسية ضحية ومستعدًّا للتضحية بحياته من أجل القضاء على قمع أمة تسيطر عليها حفنة قليلة. ويصيب نافالني، ثانيًا، من نظام بوتين مقتلًا، إذ يسلّط الضوء على عدم اهتمامه بمصلحة الشعب الروسي، بل والأسوأ من ذلك تركيزه على إسرافه وبذخه على الصعيد الشخصي. ويستعيد نافالني، ثالثًا، فخر الشعب الروسي في التمسّك بزمام مصيره، ويعيد شرف رسم ذلك المصير في الشوارع واستعادة الاختيار الفردي لشعب روسيا. وأخيرًا، نظرًا إلى كونه مضطَهدًا، من المفترض أن يحصد مزيدًا من الاهتمام، من الشعب الروسي المعدم بصورة متنامية، حتى لو لم يترجم ذلك مباشرة إلى قوة سياسية.
إنّ الطريق أمام نافالني محفوف بالعقبات، وعليه أن يقنع القضاء الذي يسيطر عليه النظام بالخروج من السجن، وعليه أيضًا أن يبث الشجاعة والتفاؤل بجدوى التغيير في صفوف الجمهور الروسي الذي لا يزال يمجّد مخلّصه، الرئيس بوتين. ويواجه نافالني أيضًا عقبات دستورية تحول دون خوضه انتخابات 2024، بسبب إقامته في الولايات المتحدة الأميركية في عام 2010 خلال فترة زمالته في جامعة ييل. وربما لا يكون نافالني الرئيس الروسي القادم، لكنه قد يكون هو الشخص الذي يغيّر المسار، إما لإرباك بوتين لأنه سبح عكس التيار واستخدم العنف ضد المطالب الشعبية بالإصلاح، وإما لدفعه إلى اتخاذ الخيار الصعب المتمثل بالتمسك بالسلطة أكثر، بدلًا من المجازفة بتفويضها. وعلى أي حال، ستكون انتخابات مجلس الدوما المقبلة هذا العام اختبارًا رئيسًا للاتجاهات الشعبية ولقوة المعارضة ونطاق نفوذها، إذ إنها قد تقدّم منصّة مواجهة لهيمنة بوتين.
خلاصة
على الرغم من أنّ بوتين يواجه تحديًا غير مسبوق لحكمه، والذي أثبت أنه لا يُقهر، فإنه لا يزال يضطلع بدورٍ في السياسة الروسية، وستكون الاختيارات والأخطاء المحتملة عاملًا حاسمًا في المسار الذي ستسلكه اللعبة السياسية في روسيا، وبأسلوبه البيروقراطي في الحكم، حتى مع تراجع عودة الأجهزة الدعائية، سيكون الشخص الأقل ميلًا إلى ارتكاب أيّ خطأ والمجازفة بتهديد استقرار النظام الأمني الذي أسّسه في روسيا.
وسوف يتدخل جهاز الدولة في روسيا بشكل كبير ويتخذ أشد التدابير قسوة ضد من يعارض الحكم. ويبدو أنّ الاحتجاجات الأخيرة تتجاوز نافالني، وتعبّر عن الاستياء الكبير من الوضع الحالي في روسيا. وفي ظل الديناميكية التاريخية المستمرة للدولة الروسية (النخب مقابل الشعب)، لم يجرِ تجاوز المرحلة الحرجة لِلّاشرعية بعد. ولا يزال بوتين زعيمًا سياسيًا شرعيًا وقويًا، حتى لو فقد بعض ألقه وبريقه، وربما يسعى الشعب الروسي للمزيد، لكنه يتذكر أيضًا أنه قد يحقق قدرًا أقل من الإنجازات في مرحلة انتقالية مربكة، كما حدث في التسعينيات. وهكذا سيحقق بوتين الانتصار.
ومع ذلك، فقد ولّت الأيام التي كان ينعم فيها بوتين بالسلطة المطلقة في بلاده، ويبحر في مغامرات جريئة في مناطق مختلفة من العالم؛ إذ فشل في تحقيق التفوّق الروسي في العديد من البلاد، من أوكرانيا إلى بيلاروسيا ومولدوفا وقيرغيزستان وناغورنو كاراباخ، على نحوٍ يشير إلى تراجع الهيمنة في المناطق التي خضعت للنفوذ الروسي مدّة طويلة، والتي تُعرف بالمناطق الخارجية المجاورة وفق العقيدة الأمنية الروسية. وعلاوة على ذلك، لا شك في أنّ الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وحتى الصين والهند ستواصل ممارسة الضغوط الجيوسياسية على روسيا على نحوٍ متنامٍ. وهكذا، ينخفض هامش الخطأ الذي قد يرتكبه بوتين، وربما تطارده مخاوفه من اندحار البوتينية بعد وفاته، بصورة متزايدة. لقد بدأ الجزء الأصعب من حكمه، إذ بات عليه مواجهة الجمهور الروسي في ظل أوضاع داخلية وخارجية غير مؤاتية، وقد ينطوي أيّ تحرّك يقوم به ليخرج من هذا المأزق على خطر أكبر من أيّ وقتٍ مضى.
copy short url   نسخ
21/04/2021
717