+ A
A -
محمد الجعبري
تناولت الندوة الثانية من «الخيمة الخضراء» الذي ينظمه «لكل ربيع زهرة» إسهامات الوقف في استدامة التنمية البيئية، حيث شارك في الندوة عدد من المختصين من قطر والكويت وسلطنة عمان واليمن وغيرها من الدول.
وفي كلمته قال الدكتور سيف الحجري رئيس البرنامج: الوقف يمثل صورة من أروع صور التعاون الإنساني، حيث تجلى ذلك في تعدد مصارفه، كما حظيت البيئة بمكانة مرموقة باعتبارها مصلحة عامة تحيط بالإنسان، ومن مصارفه أيضا الدور في استصلاح الأراضي وشق الترع وقنوات التصريف، وترشيد استهلاك المياه، وإعادة التدوير، ما يضمن دوره في تحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف: ينبغي ربط ذلك بالمسؤولية المجتمعية التي تضمن شراكة أطرافها (الحكومة – القطاع الخاص – المجتمع المدني) من أجل تنمية مستدامة، تضمن الالتزام بالقانون والمعايير الأخلاقية للمجتمع، كما تضمن التفاعل بين الأنشطة المختلفة من جانب، والبيئة من جانب آخر، ولقد اهتم الدين الإسلامي الحنيف بمفاهيم الاستدامة والمحافظة على الموارد، فقد جاء في الحديث الشريف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل.
وأشار إلى أن الإسلام اهتم بمفهوم المسؤولية المجتمعية، ونَظّم طبيعة العلاقات بين أفراد المجتمع، فالمال لله – وحق الله هو حق المجتمع، إن ملكيةَ المال في المنظور الإسلامي للهْ، وبالتالي فإن اللهَ له حقٌ في المال، وحق اللهِ هو حق المجتمع، تلك هي الشراكة التي ينشدها الجميع، شراكة سماتها (إنسانية – اجتماعية – قانونية - اقتصادية).
من جانبه قال الدكتور عبد الله بن إبراهيم السادة: في الآونة الأخيرة لم تعد الأوقاف منتشرة إلا القليل منها، وهذا من جهل المسلمين، فيجوز أن يوقف المسلم على البذور أو غيرها من الأوقاف، ويقول ربنا سبحانه وتعالى «وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون»، والعبادة، كما قال ابن تيمية، هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
وأضاف: فالأوقاف على أي شيء ينفع الأمة والإنسانية، حتى وإن كان النفع للحيوان، فسوف تؤجر، وهذا من عبادة الله سبحانه وتعالى، والتنمية المستدامة بأن يأخذ هذا الجيل ما يحتاجه فقط ويترك الأجيال القادمة، بمعنى ترشيد الاستهلاك، فما يجوز شرعاً أن يغير الأثاث أو غيرها من الأشياء لمجرد محبة التغيير، لأن الله عز وجل يقول «إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين». وتناول الدكتور محمد سيف الكواري تدوير المخلفات الإنشائية، فقال: وضعت قطر في نهاية الستينيات خطة شاملة لعمل بنية تحتية لمدينة عصرية حديثة متقدمة، ما أحدث تغييرا في الأرض والميادين والأنفاق وإقامة الجسور، وأدى ذلك إلى هدم الكثير من المباني العشوائية في وسط الدوحة.
وأضاف: روضة راشد كانت مكبا للنفايات الإنشائية، وفي 1975 تزايدت المخلفات الإنشائية، ما أثر سلبياً على البيئة، فقد بلغت في 1993 قرابة 10 ملايين طن، وفي 2007 أصبحت روضة راشد مكبا لقرابة 90 مليون طن، وفي نفس العام تقدمنا بمقترح للصندوق القطري لرعاية البحث العلمي بمقترح للعمل على إعادة تدوير المخلفات في روضة راشد، وقد فاز البحث بمنحة لثلاث سنوات.
وتحدث الدكتور مسلم بن سالم الوهيبي (من سلطنة عمان)، عن «دور الوقف في التنمية المستدامة»، فقال: حبا الله المسلمين دستوراً يضمن تحقيق التنمية المستدامة، قبل أن تعلن الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة 2030م، فالدعوة إلى الزكاة والإنفاق والوقف ومرادفاتها أحكام ثابتة في التشريع الإسلامي، فكل فرد شارك في الوقف أو مرادفاته فقد شارك في التنمية المستدامة وبالتالي حقق الغاية من وجوده، قال تعالى: ?هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا? [هود:61].
وأضاف: مسؤولية الانفاق على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لا تسطيعها الحكومات لوحدها، فتظهر الأنشطة الوقفية والتطوعية في المقام المساعد، بل أن دور الوقف والتطوع يسبق دور الحكومات لسهولة الإجراءات والبعد عن البيروقراطية الملازمة للأعمال الحكومية.
وأكد أن المؤسسة الوقفية تستطيع أن تشارك في تحقيق التنمية المستدامة من خلال أدوار كثيرة. ودعا د. الوهيبي إلى نشر تجارب ناجحة للمؤسسات الوقفية، وتثقيف المجتمعات بمراحل المؤسسة الوقفية الثلاثة: المدخلات والعمليات والمخرجات، إضافة إلى تقديم المشاركة العملية في الوقف قبل المشاركة القولية التنظيرية.
وأكد فؤاد الجمعة من الكويت على دور التنوع البيولوجي للتربة في تعزيز إنتاج الغذاء والحفاظ على صحة الإنسان، داعياً إلى المحافظة على حيوية التربة من أجل حماية تنوعها البيولوجي، وتركيز الاهتمام على أهمية التربة الصحية والدعوة إلى الإدارة المستدامة لموارد التربة. ولفت إلى أن التنوع البيولوجي للتربة وإدارتها المستدامة يعتبران شرطين أساسيين لتحقيق العديد من أهـداف التنمية المستدامة، لذلك، فإن البيانات والمعلومات المتعلقة بالتنوع البيولوجي للتربة، من المستوى الوطني إلى المستوى العالمي، ضرورية من أجل التخطيط الفعال لاستراتيجيات الإدارة بشأن موضوع لا يزال غير معروف بشكل جيد.
من جانبها تناولت الدكتورة سامية السعيدان تجربة الكويت في الأوقاف المخصصة للحفاظ على البيئة، فأوضحت أن الصندوق الوقفي للمحافظة على البيئة بالكويت، يتبع الأمانة العامة للأوقاف في دولة الكويت، وقد تم إنشاؤه بمقتضى قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم (10) بتاريخ 17 أبريل 1995م.
ونوهت إلى أن الصندوق الوقفي للمحافظة على البيئة يهدف إلى نشر الثقافة والوعي البيئيين بين الأفراد، وتبصيرهم بأهمية حماية البيئة، والإسهام في مشروعات المحافظة على البيئة وتخضيرها وتنميتها، ودعم تنفيذ المشروعات المرتبطة بمكافحة التلوث البيئي، والمشاركة في تدريب الكوادر الوطنية العاملة في مجالات البيئة، الإسهام في كل جهد ينشد تحسين البيئة وتطويرها إلى الأحسن، والتنسيق والتكامل مع الهيئات والجهات الحكومية والأهلية في هذا الميدان، وقد تم دمج هذا الصندوق في الصندوق الوقفي للتنمية الصحية في عام 2001م. من جانبه قال علي العمودي من اليمن إن الإسلام عرف مفهوم «التنمية المستدامة» حديثة العهد منذ 1400 سنة بإشارات روحانية وآيات قرآنية، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه في إطار الحفاظ على البيئة من التلوث والتدهور البيئي: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين» «سورة الأعراف»، وكذلك في السنن النبوية من رسولنا صلوات الله عليه وعلى أهله وأصحابه وسلم، داعياً إلى تعليم الأطفال وننشر هذه الثقافة الدينية لأجيال المستقبل.
copy short url   نسخ
20/04/2021
934