+ A
A -
حوار كرم الحليوي
عبر سعادة الدكتور مصطفى كوكصو سفير الجمهورية التركية لدى الدوحة عن سعادته بقضاء أول رمضان له في قطر منذ أن كلف بعمله كسفير لبلاده، مؤكدا أن المجتمع القطري كريم ومضياف، وهاتان الصفتان تتجليان في شهر رمضان بشكل خاص.. وقال السفير التركي في حواره مع الوطن إنه يحاول الجمع بين العمل والطاعة في رمضان، ويهتم جدا بغذاء الروح والتفكر في الذكر الحكيم، في شهر أنزل فيه القران الكريم، فضلا عن مشاركة العائلة الخواطر الايمانية والمجالس الروحانية، موضحا أن رمضان استثنائي هذا العام، بكل ما يحمله من أمل في القضاء على الوباء، ولو بالتضحية بأجمل عاداته وهي الإفطار الجماعي والزيارات العائلية.
وأشار إلى أن المؤسسات الخيرية التركية والقطرية يتعاونان لمساعدة المحتاجين في كل انحاء العالم، وأكد الدكتور مصطفى كوكصو أن تركيا وقطر شريكان استراتيجيان يتعاونان في العديد من القضايا، وأن العلاقات الثنائية شهدت تقدما ملحوظا في السنوات الأخيرة بكافة المجالات، حيث تبنى على ثقة كاملة واحترام متبادل بين البلدين.
وأضاف أن البلدان يتشاركان نفس القيم الإنسانية ودعم السلم الدولي والإقليمي، وأن تركيا ملتزمة ومعنية باستقرار وأمن الخليج لأنه من صميم استقرارها وأمنها.
وقال إننا سعداء بدور قطر في محاولاتها لرأب الصدع في كثير من القضايا الإقليمية والدولية.. مزيد من التفاصيل في حوار السفير التركي مع «الوطن»..
{ كيف تصفون العلاقات بين تركيا وقطر في الوقت الحالي وإلى أي مستوى وصلت العلاقات بين البلدين ؟
- شهدت العلاقات بين قطر وتركيا نموا متصاعدا خلال السنوات الماضية، ونشهد ثباتا راسخا في الوقت الحالي بين هذين البلدين الشقيقين، والسبب في ذلك يعود إلى مبدأ الثقة الكاملة والاحترام المتبادل بين الطرفين.
لقد وقف كلا البلدين مع الآخر في أحلك الظروف وفي أوقات الشدة قبل الرخاء، ورحبت تركيا بشدة برفع الحصار وعودة العلاقات واللحمة بين دول الخليج بعد قمة العلا.
وتركيا وقطر شريكان استراتيجيان يتعاونان في العديد من القضايا على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية، وشهدت العلاقات الثنائية تقدما ملحوظا في السنوات الأخيرة بكافة المجالات.
كما تشهد العلاقات الاقتصادية تطورا هائلا بين الطرفين حيث نما التبادل التجاري بين تركيا وقطر بنسبة 136 بالمائة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، محققا 2.2 مليار دولار في 2019، مقابل 908 ملايين دولار في 2016.
فيما وتبلغ الاستثمارات القطرية في تركيا 22 مليار دولار، وتتوزع على قطاعات السياحة والعقار والزراعة والصناعات الغذائية وقطاع المصارف والدفاع.
وعلى الصعيد الشعبي، فعلاقات الأخوة والمحبة بين الشعبين القطري والتركي راسخة، ويجمعنا الدين والثقافة والمصير المشترك.
ولذلك يزداد عدد السياح القطريين القادمين لتركيا، حيث وصل عدد الزائرين من المواطنين القطريين لتركيا إلى حوالي 30 ألف قطري في 2016، ثم تزايد في عام 2019، حتى وصل إلى نحو 110 آلاف مواطن قطري، بنسبة زيادة تتجاوز 450 %.
{ ما هي الروابط بين الدولتين؟
- كما أوضحت لكم، فإن روابطنا المتنوعة الاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية تعكس رغبة البلدين في ترسيخ العلاقات بين قطر وتركيا على الصعيدين الشعبي والرسمي، ونحن حريصون على التكامل التام بين قطر وتركيا ونتمنى لقطر تنظيما رائعا لكأس العالم عام 2022، ونقف معها جنبا إلى جنب ليرى العالم نسخة رائعة لهذا الحدث الرياضي الفريد الذي يقام لول مرة في دولة عربية وفي الشرق الأوسط.
{ هل نستطيع القول إنه أصبح هناك توافق في الرؤى السياسية بين قطر وتركيا في الوقت الحالي؟
- لقد بلغ التوافق بين الدولتين في المجال السياسي مستوى عاليا من التنسيق والتعاون المشترك، وتتوافق فيها الرؤى حول الكثير من القضايا، وتركيا تشارك قطر ذات الاهتمام بتدعيم فرص السلام والرخاء لشعبينا وشعوب المنطقة. فأنقرة والدوحة تتعاونان لحل مشاكل المنطقة.
فنحن سعداء بدور قطر في محاولاتها لرأب الصدع في كثير من القضايا الإقليمية والدولية، ومنها عملية السلام في أفغانستان، ونبني على ما تم إنجازه في اتفاق الدوحة بين مختلف الأطراف الأفغانية، حيث يعقد مؤتمر إسطنبول للسلام في أبريل الجاري من أجل تسريع عملية التفاوض بين الإخوة الأفغان.
ونثمن كثيرا الموقف القطري الداعم لوقف الحرب في ليبيا والوقوف بجانب إخوتنا السوريين في معاناتهم بسبب الحرب، وكذلك الموقف الداعم للقضية الفلسطينية.
{ ماذا عن التوافق في وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية؟
- كما أوضحت فإن التنسيق في المواقف السياسية المشتركة قائم بين البلدين لأننا نتشارك نفس القيم الإنسانية، وندعم السلم الدولي والإقليمي.
كما أن علاقاتنا المتنامية لا تستدف أحدا، فتركيا ترى أمنها واستقرارها من أمن واستقرار الخليج، وتعزيز الدفاع المشترك المبني على اتفاقية بين بلدينا يهدف إلى الحفاظ على الأمن المشترك لبلدينا، وبالتبعية سيعمل ذلك على الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
{ هل هناك مشاريع تعاون جديدة خلال الفترة المقبلة؟ وماذا تم بشأن الاتفاقيات التي وقعت بين البلدين خلال الاجتماع الأخير للجنة العليا المشتركة؟
- عقدت تركيا وقطر الاجتماع السادس للجنة الاستراتيجية العليا المشتركة آخر العام الماضي، وتم توقيع 10 اتفاقيات في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والبيئية ومجال الاسرة والثقافة، من بينها اتفاقية تشتري بموجبها قطر مركز إستينيا بارك التجاري في إسطنبول، فضلا عن استحواذ شركة موانئ قطر على الشركة التي تدير ميناء»الشرق الأوسط«بمدينة أنطاليا. ليصل عدد الاتفاقيات 62 اتفاقية.
وكل هذا يظهر أن علاقة قطر مع تركيا ليست مؤقتة وإنما تبنى على أسس وثيقة طبقاً لمبدآ المصالح المتبادلة.
{ كم يبلغ حجم التجارة البينية والاستثمارات المتبادلة بين تركيا وقطر حاليا؟
- تبلغ الاستثمارات القطرية في تركيا 22 مليار دولار، وتتوزع على قطاعات السياحة والعقار والزراعة والصناعات الغذائية وقطاع المصارف والدفاع.
وشركات الإنشاء التركية تساهم في مشاريع البنية التحتية في قطر، والتي بلغت قيمتها منذ 2002، أكثر من 18.5 مليار دولار، وتنشط في قطر 545 شركة تركية. وتعدّ قطر سابع أكبر سوق عقود في 2019، وهناك 179 شركة قطرية تنشط في تركيا.
{ هل ترى سعادتكم أن الاستقرار بدأ يعود إلى منطقة الخليج حاليا؟
- نحن ملتزمون ومعنيون باستقرار وأمن الخليج لأنه من صميم استقرارنا وأمننا، وأعتقد بأن ما حدث بين الأشقاء في الخليج من خلاف في 2017 أصبح الآن من الماضي، وإن كان من درس لنا جميعا، فهو ضرورة تغليب لغة الحوار حين يتعلق الأمر بحل الخلافات متى ما وجدت، والفضل لله أولا في إنهاء هذا النزاع ثم للحكمة والتقدير البالغين اللذين تعاملت بهما قطر منذ أول يوم في الأزمة، ونذكر بكل خير واعتزاز جهود المصالحة التي قادتها القيادة الكويتية لحل هذه الأزمة وتجاوب المملكة العربية السعودية مع هذه الأجواء الإيجابية.
إن منطقتنا تواجه الكثير من التحديات التي تستلزم التعاون والعمل المشترك، وتركيا معنية بعودة العمل ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي، كونه منظمة رائدة في المنطقة، تعبر عن طموح وتطلعات شعوب الخليج العربي في تدعيم أواصر الحب والتضامن والمصالح المشتركة.
{ ما هي طقوس سعادتكم خلال شهر رمضان الكريم؟
- أحاول شخصيا في رمضان أن أجمع بين العمل والطاعة، وأهتم جدا بغذاء الروح والتفكر في الذكر الحكيم، في شهر أنزل فيه القران الكريم، كما أحرص على مشاركة العائلة الخواطر الايمانية والمجلس الروحانية، وأكثر قيمة أسعى لتعلمها وتعليمها للأبناء هي قيمة الصبر، فالصبر لا يكون عن المباحات من طعام وشراب في نهار رمضان فقط، بل صبر على الطاعة وصبر على الناس، وأسأل الله قبول الطاعات منا جميعا.
{ هذا أول رمضان لكم في دولة قطر – كيف ستقضونه – وما هي أوجه التشابه بين قطر وتركيا في رمضان؟
- أنا سعيد للغاية بقضاء أول رمضان لي في قطر منذ كلفت بعملي كسفير للجمهورية التركية في قطر، وهناك عوامل مشتركة بين البلدين الشقيقين خلال شهر رمضان المعظم، إذ تمتلئ المساجد بالمصلين طوال الشهر الكريم، وتُفرش الموائد لإفطار الصائمين، وتقام الولائم والعزائم، ويزور الناس بعضهم بعضًا، وتزيد صلاة التراويح من الإحساس بالروحانيات والمشاعر الرمضانية الجميلة.
لكن ربما يكون هذا العام مختلفا بعض الشيء بسبب وباء كورونا، وما فرضته إجراءات التباعد الاجتماعي، التي يجب أن نراعيها دون أن نغفل أيا من عاداتنا في التواصل والتراحم، ويمكن الاعتماد على وسائل التواصل الإلكترونية الحديثة لتفقد الأهل والأصدقاء ومشاركتهم الفرحة بقدوم الشهر الفضيل.
رمضان استثنائي هذا العام.. بكل ما يحمله من أمل في القضاء على الوباء، ولو بالتضحية بأجمل عاداته وهي الإفطار الجماعي والزيارات العائلية..
{ كيف وجدتم المجتمع القطري؟
- وجدته مجتمعا كريما ومضيافا، وإن كانت هذه هي طبيعة الشعب القطري الأصيل، فإن هاتين الصفتين تتجليان في الشعب القطري في شهر رمضان بشكل خاص، وأنا هنا أشعر وعائلتي بأننا بين أهلنا، وتنتابني نفس مشاعر الحب والإخاء التي أشعر بها في وطني تركيا، ومرة أخرى أقول للجميع مبارك عليكم الشهر الكريم.
{ هل يختلف يوم عملك في رمضان عن باقي الشهور؟
- نستمر في عملنا في شهر رمضان بشكل اعتيادي، حيث أبدأ يومي باكرا كالعادة حيث أحاول عدم تغيير برنامجي اليومي فشهر رمضان هو شهر العبادة والتقرّب لله عزّ وجلّ، والعمل عبادة، لذلك أسعى لأداء فروضي الدينية ثم أبدأ يوم عملي الاعتيادي، واستغل الوقت في قراءة القرآن والاذكار.
{ ما هي الوجبات والأطباق التي يفضلها سعادة السفير على مائدة إفطار رمضان؟
- نفضل على الإفطار في رمضان البداية بتناول التمر أو الزيتون، فيما يبقى طبق الشوربة الساخنة من الأطعمة الأساسية، ومن ثم السلطة الصحية، والطبق الأساسي ايضاً مثل «اليخنة» في حين تعتبر الكنافة والبقلاوة من أكثر الحلويات التي تكون طبقاً اساسياً في مائدتنا، وفي السحور يكون مثل وجبة الإفطار الخفيفة.
{ هل هناك لقاءات ستقيمونها مع الجالية التركية مثلا خلال الشهر الكريم؟
- نحن ملتزمون بإجراءات التباعد الاجتماعي التي أعلنتها السلطات الصحية القطرية، وأدعو جميع أبناء الجالية التركية وعموم المواطنين والمقيمين في قطر للحفاظ عليها لمساعدة السلطات في مهمتها التي تهدف لحماية صحتنا واروحانا جميعا.
لذلك لن نرتب لقاءات جماعية لأبناء الجالية، وسوف نستعيض عنها بوسائل عديدة للقاءات افتراضية عبر الإنترنت، ونتمى ان تزول هذه الجائحة قريبا لنلتقي بالجميع.
-{ هل هناك تعاون بين جهات خيرية في تركيا وقطر لمساعدة المسلمين وتقديم يد العون لهم في شهر رمضان؟
- نحن نثمن التعاون التركي- القطري بين مؤسسات العمل الأهلي والخيري في كلا البلدين، وأحيي بشكل خاص القائمين على إغاثة إخوتنا السوريين اللاجئين والنازحين في تركيا والشمال السوري، حيث يتسم العمل هناك بروح التعاون المثمر لإغاثة ومساعدة الأشقاء السوريين.
وتتعاون المؤسسات الخيرية التركية الرسمية منها والأهلية في العديد من المشاريع المشتركة لمساعدة المحتاجين في كل أنحاء العالم.
copy short url   نسخ
18/04/2021
968