+ A
A -
القدس - الأناضول - تمتنع الحكومة الإسرائيلية عن الرد على طلب فلسطيني بإجراء الانتخابات التشريعية في 22 مايو المقبل بمدينة القدس الشرقية.
ويُحذّر الفلسطينيون من إلغاء أو تأجيل العملية الانتخابية برمتها، في حال عرقلة إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس.
وسبق للفلسطينيين من سكان القدس الشرقية أن شاركوا في الانتخابات الفلسطينية في الأعوام 1996 و2005 و2006 ضمن ترتيبات خاصة متفق عليها، بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وفي حينه، فرض اعتبار أن القدس هي إحدى قضايا الحل النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين هذه الترتيبات، التي تم النظر اليها على أنها انتقالية، لكنّ الأمور تزداد تعقيدا حاليا.
ففي العام 2017، اعترفت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
كما أن هيمنة اليمين المتطرف على الحياة السياسية في إسرائيل تزداد انتشارا، حسبما تشير نتائج الانتخابات الأخيرة.
وأَخْذا بعين الاعتبار المأزق السياسي في إسرائيل إثر الفشل في تشكيل الحكومة، يصعب التكهن بصدور قرار إسرائيلي يلتزم بالاتفاقيات السابقة.
وتضمنت «اتفاقية المرحلة الانتقالية» المبرمة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والموقعة بواشنطن في 28 سبتمبر 1995 ملحقا خاصا يتعلق بالانتخابات الفلسطينية.
وتتعلق المادة (6) من الملحق بترتيبات الانتخابات في القدس. وجاء في نصه: «يتمّ الاقتراع في القدس الشرقية في مكاتب بريد تتبع سلطة البريد الإسرائيلية».
وفي العام 1996، تم الإعلان عن السماح لنحو 5367 من سكان القدس الشرقية بالتصويت في 5 مراكز بريد. وتم رفع عدد مراكز البريد في انتخابات العامين 2005 و2006، إلى 6، بقدرة استيعابية تصل إلى 6300 ناخب.
وصوّت باقي السكان الفلسطينيين بمراكز اقتراع في ضواحي المدينة، ويُقدّر عدد سكان القدس الشرقية بأكثر من 340 ألفا.
ويقول الفلسطينيون إنهم يريدون تطبيق ذات الترتيبات في الانتخابات التشريعية التي ستجري في 22 مايو والرئاسية في 31 يوليو.
ويقول النائب السابق وعضو المجلس الثوري لحركة «فتح»، حاتم عبد القادر، إن «على إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، أن تلتزم بالاتفاقات وألا تعرقل الانتخابات بالقدس».
ويضيف عبد القادر، للأناضول: «نحن لا نطلب إذنا من إسرائيل، وإنما نقول إن هذه الانتخابات يجب أن تجرى كما جرت في السنوات الماضية».
وكانت السلطة الفلسطينية قد أبلغت إسرائيل، في فبراير الماضي، بقرارها إجراء الانتخابات بما فيها بالقدس داعية إياها إلى عدم عرقلتها.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة للأناضول إن الجانب الإسرائيلي طلب من نظيره الفلسطيني الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية التي جرت يوم 23 مارس الماضي.
ولكن، حتى بعد صدور نتائج الانتخابات، فإن الحكومة الإسرائيلية تتجنب إعطاء رد سلبي أو إيجابي على الطلب الفلسطيني.
وصعّد المسؤولون والفصائل الفلسطينية من التصريحات التي تؤكد على أن الانتخابات لن تُجرى «بدون القدس».
ووجّه وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، الأسبوع الماضي، رسائل رسمية إلى أطراف اللجنة الرباعية الدولية، وهي الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة، طلب فيها التدخل لدى إسرائيل لعدم عرقلة الانتخابات بالقدس، بحسب تصريح مكتوب لوزارة الخارجية الفلسطينية. غير أن الرد لم يأتِ أيضا، لا سلبا ولا إيجابيا.
وإزاء ذلك، يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام 3 خيارات، فإما أن توافق إسرائيل على عدم عرقلة الانتخابات، أو أن تتحول الانتخابات إلى مواجهة فلسطينية-إسرائيلية على الأرض، أو أن يتم تأجيل أو إلغاء الانتخابات برمتها.
وقال عبد القادر: «إذا لم تلتزم إسرائيل بالاتفاقيات فإن هناك بديلين: الأول وهو تحويل الانتخابات بالمدينة إلى معركة ومواجهة وصدام، بمعنى فرضها كأمر واقع عبر وضع صناديق الاقتراع بالشوارع، والاشتباك مع الاحتلال في حال حاول منعها».
وأضاف: «البديل الثاني هو أن تكون السلطة والفصائل الفلسطينية قد وصلت إلى استنتاج بأنها غير قادرة على إجراء الانتخابات بالقدس وهذا يعني التأجيل أو الإلغاء».
وأكد عبد القادر أن «إجراء الانتخابات بدون القدس أمر خطير، فالمدينة ليست قضية فنية، وإنما سياسية، وأي مساومة أو تفريط بالانتخابات في القدس هو اعتراف بالاحتلال الإسرائيلي للمدينة».
وشدد على أن المطلوب هو «انتخابات في قلب مدينة القدس الشرقية، وليس في ضواحي المدينة، وأي ترتيب آخر، هو بمثابة إقرار بما تسمى سيادة إسرائيل على المدينة».
وقال: «القدس ليست ذريعة أو حجة، وإنما عدم توفر الإمكانية لإجراء الانتخابات بالمدينة هو سبب سياسي وجيه، لتأجيل الانتخابات في غياب قرار سياسي فصائلي بالصدام مع إسرائيل لفرض الانتخابات».
وردا على اقتراحات بإجراء الاقتراع داخل القنصليات الأوروبية والمكاتب الأممية بالقدس، قال عبد القادر «هذا ليس حلا، وهو بالحقيقة طرح خطير، فالقنصليات الأوروبية والمكاتب الأممية موجودة تحت سيادة هذه الدول حتى وإن كانت بالمدينة المحتلة».
وأضاف: «هذا هروب، وليس حلا للمشكلة».
ويتفق المرشح عن حركة «فتح» ناصر قوس مع هذا الموقف.
وقال قوس في مؤتمر صحفي بالقدس، الثلاثاء: «البعض يتحدث عن انتخابات في قنصليات أوروبية أو مقرات أممية، نحن نرفض، فهذه أرض محايدة، ونحن نريد أن تكون الانتخابات في وسط مدينة القدس، كما حصل في 2006 والانتخابات التي قبلها».
وأضاف قوس: «لن تكون هناك انتخابات بدون القدس، وهذه رسالة للجميع».
ويعتقد مدير مركز «القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية»، زياد الحموري، أن دول الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة «لن تقبل بإجراء الانتخابات في مقارها بالقدس».
وقال للأناضول: «لقد جرت الانتخابات بمدينة القدس في الأعوام 1996 و2005 و2006 ضمن ترتيبات تم الاتفاق عليها بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل».
وأضاف: «استبقت إسرائيل الانتخابات التي جرت في العام 2005 و2006 بإعلان رفضها إجراء الانتخابات بالقدس ومن ثم تراجعت تحت الضغط الدولي».
وتابع: «في حينه، وافقت إسرائيل على مضض، على إجراء الانتخابات، ولكنها فرضت الكثير من القيود، بما فيها منع الدعاية الانتخابية وفرض مخالفات على الملصقات الإعلانية وحتى أنها هددت المشاركين بالتصويت باتخاذ إجراءات ضدهم».
وأضاف: «وبعد الانتخابات، طردت الفائزين بالانتخابات عن حركة حماس من المدينة وسحبت بطاقات هوياتهم الشخصية».
ورأى الحموري أن العديد من الدول «ستمارس الضغوط على إسرائيل للالتزام بالاتفاقات الموقعة بشأن القدس».
وقال: «أعتقد أنه في نهاية الأمر ستقبل إسرائيل بالانتخابات، ولكن ستعود لفرض القيود على الدعاية الانتخابية والمضايقات للمشاركين بالانتخابات والعقوبات على الفائزين فيها».
واعتبر أن الحديث عن إجراء الانتخابات عبر الاشتباك مع إسرائيل ووضع صناديق الاقتراع في الشوارع «ليس حلا عمليا».
وختم الحموري حديثه بالقول إن مصير عملية الانتخابات، في حال استمرار الموقف الإسرائيلي الحالي، يعتمد بالأساس على «قرار حركتي فتح وحماس».
copy short url   نسخ
10/04/2021
719