+ A
A -
د. فاطمة سعد النعيمي
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
صيام شهر رمضان أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام؛ لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ولما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله» متفق عليه. وفرض صيام رمضان على الأمة الإسلامية في السنة الثانية من الهجرة.
ولشهر رمضان موسم عظيم لطاعة الله عزّ وجلّ، وبلوغه نعمة كبيرة، وفضل من الله الكريم، يمنّ به على من يشاء من عباده، لتزداد حسناتهم، وترفع درجاتهم، وتحمى سيئاتهم، وتقوى صلتهم بخالقهم جلّ وعلا، ليكتب لهم الأجر العظيم، والثواب الجزيل، وينالوا رضاه، وتمتلئ قلوبهم بخشيته وتقواه.
ومما ورد في فضله: قوله تبارك وتعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه. وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عزّ وجلّ: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك» رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
كذلك إن دعاء الصائم مستجاب، قال عليه الصلاة والسلام، «للصائم عند فطره دعوة لا ترد» رواه ابن ماجه. لذلك ينبغي للمسلم أن يحرص على اغتنام وقت إفطاره بسؤال ربه ودعائه عسى أن يوافق نفحة من نفحات الباري جلّ وعلا، لتحصل له السعادة في الدنيا والآخرة.
وأن الله خصص للصائمين باباً من أبواب الجنة، لا يدخل منه إلا الصائمون، إكراماً لهم، وتمييزاً لهم عن غيرهم. فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة باباً يقال له «الريان» فإذا كان يوم القيامة قيل: أين الصائمون، فإذا دخلوا أغلق عليهم فلم يدخل منه أحد» متفق عليه.
فالصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام أي رب منفعته من الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منفعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان» رواه أحمد. وكذلك الصيام يُعَوِّد المسلم على الصبر والتحمّل والجَلَد، فهو يحمله على ترك محبوباته وشهوراته وكُبح جماح النفس فيه مشقة عظيمة.
وقد أجمع العلماء على أن الصيام يجب على المسلم البالغ العاقل الصحيح المقيم، ويجب على المرأة إذا كانت طاهرة من الحيض والنفاس.
شهر رمضان شهر الجود والإحسان، شهر الذكر والقرآن، شهر القرب من الملك الديان، كما قال ربنا الرحمن بعد ذكر آيات الصيام: (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
فأروا الله من أنفسكم خيراً، واستقبلوه بخير ما بحضرتكم، بالبشر والسرور، والغبطة والحبور.
copy short url   نسخ
07/04/2021
1986