+ A
A -
د. فاطمة سعد النعيمي
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
القناعة مصدر قنع يقنع قناعة. إذا رضي، ويدلّ أصل المادّة على الإقبال بالوجه على الشّيء فهو بمعنى الرّضا، وسمّيت بذلك لأنّ القانع يقبل على الشّيء الّذي له راضيا. وهو الرّضا بالشّيء.
قال الأزهريّ: رجال مقانع وقنعان إذا كانوا مرضيّين. ورجل قنعان: يرضى باليسير. وفي التّنزيل (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ). فالقانع الّذي يسأل، والمعترّ الّذي يتعرّض ولا يسأل، وقيل القانع: المتعفّف، وكلّ يصلح. وقال بعض أهل العلم: إنّ القنوع يكون بمعنى الرّضا والقانع بمعنى الرّاضي، قال وهو من الأضداد. وفي الحديث: «فأكل وأطعم القانع والمعترّ». هو من القنوع: الرّضا باليسير من العطاء.
وقوله من الأضداد، قال الأصمعيّ: القانع الرّاضي بما قسم الله، ومصدره القناعة. والقانع السّائل ومصدره القنوع، ورأيت أعرابيّا يقول: اللهمّ إنّي أعوذ بك من القنوع والخنوع والخضوع وما يغضّ طرف المرء، ويغري به لئام النّاس.
وقال ابن السّنّيّ: القناعة: الرّضا بالقسم. وقال الرّاغب: القناعة: الاجتزاء باليسير من الأغراض المحتاج إليها.
وقال الجاحظ: القناعة هي: الاقتصار على ما سنح من العيش، والرّضا بما تسهّل من المعاش، وترك الحرص على اكتساب الأموال وطلب المراتب العالية مع الرّغبة في جميع ذلك وإيثاره والميل إليه وقهر النّفس على ذلك والتّقنّع باليسير منه. وقال المناويّ: القناعة عرفا: الاقتصار على الكفاف، وقيل: الاكتفاء بالبلغة، وقيل: سكون الجأش عند عدم المألوفات، وقيل: الوقوف عند الكفاية.
فمن فوائد القناعة أنها من كمال الإيمان وحسن الإسلام. والقانع تعزف نفسه عن حطام الدّنيا رغبة فيما عند الله. والقنوع يحبّه الله ويحبّه النّاس.
وهو سعيد النّفس بما قسم له من الدّنيا. ولو قنع النّاس بالقليل لما بقي بينهم فقير ولا محروم. كذلك تشيع الألفة والمحبّة بين النّاس.
{ أستاذ التفسير وعلوم القرآن
كلية الشريعة جامعة قطر
copy short url   نسخ
04/04/2021
774