+ A
A -
د. فاطمة سعد النعيمي
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
الولاء والتّوالي أن يحصل شيئان فصاعدا ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النّسبة، ومن حيث الدّين ومن حيث الصّداقة والنّصرة والاعتقاد، والولاية (بالكسر) النّصرة، والولاية (بالفتح) تولّي الأمر، وقيل هما لغتان مثل الدّلالة والدّلالة، والوليّ والمولى يستعملان معا في معنى الفاعل، أي الموالي وفي معنى المفعول، أي الموالى يقال للمؤمن: هو وليّ الله ولا يقال في ذلك مولى، ولكن يقال: الله تعالى وليّ المؤمنين ومولاهم، فمن الأوّل قوله سبحانه (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) ومن الثّاني قوله عزّ وجلّ (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) والوالي في قوله سبحانه: (وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) معناه الوليّ، وقوله تعالى: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) أي ابنا يكون من أوليائك.
وقال ابن منظور: والولاية على الإيمان واجبة، والمؤمنون بعضهم أولياء بعض، والمولى: الحليف وهو من انضمّ إليك فعزّ بعزّك وامتنع بمنعتك. والمولى: المعتق انتسب بنسبك، ولهذا قيل للمعتقين الموالي (الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ) أي تنصروهم، يعني أهل مكّة، جعل التّولّي هنا بمعنى النّصر من الوليّ وهو النّاصر، وروي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: من تولّاني فليتولّ عليّا؛ معناه من نصرني فلينصره، والموالاة (في كلام العرب) على وجوه:
الأوّل: أن يتشاجر اثنان فيدخل ثالث بينهما للصّلح، ويكون له في أحدهما هوى فيواليه أو يحابيه.
الثّاني: الموالاة: المحبّة، يقال: والى فلان فلانا إذا أحبّه.
الثّالث: التّميّز. قال الأزهريّ: سمعت العرب تقول: والوا حواشي نعمكم عن جلّتها أي: اعزلوا صغارها عن كبارها، يقال: واليناها فتوالت إذا تميّزت.
والوليّ: الصّديق والنّصير، وقيل التّابع المحبّ، وقال أبو العبّاس في قوله صلّى الله عليه وسلّم «من كنت مولاه فعليّ مولاه، أي من أحبّني وتولّاني فليتولّه، وقال الشّافعيّ: رضي الله عنه- يعني بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: (ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ).
والموالاة ضدّ المعاداة، والوليّ ضدّ العدوّ، قال تعالى: (يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا).
قال ثعلب: كلّ من عبد شيئا من دون الله فقد اتّخذه وليّا. وقوله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا). وليّهم في نصرهم على عدوّهم، وإظهار دينهم على دين مخالفيهم، وقيل: وليّهم أي يتولّى ثوابهم ومجازاتهم بحسن أعمالهم.
فالولاء يقتضي عدم الاحتكام إلى أيّ طاغوت في أيّ حكم من الأحكام الدّينيّة أو الدّنيويّة. وعدم موالاة الكفّار في أيّ حال من الأحوال ويعني ذلك: عدم التّقرّب إليهم أو مودّتهم بالأقوال أو الأفعال أو النّوايا، وعدم التّشبّه بهم.
{ أستاذ التفسير وعلوم القرآن
كلية الشريعة جامعة قطر
copy short url   نسخ
01/04/2021
683