+ A
A -
احتفلت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، مطلع يناير الماضي، بالذكرى الـ 56 لانطلاقتها. ومنذ الطلقة الأولى التي فجرت ميلاد الثورة الفلسطينية المعاصرة، ظلت «فتح» كبرى الفصائل الفلسطينية، وعمود الوطن الفلسطيني في المنفى، أي منظمة التحرير الفلسطينية، ثم صارت حزب السلطة الحاكم بعد عودة زعيم الحركة التاريخي، الراحل ياسر عرفات، إلى الأراضي الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو مع إسرائيل. وعبر ما يزيد على نصف قرن، شكلت «فتح» هوية فلسطينيين كثيرين، سواء من انضموا لصفوفها بشكل كامل، أو من اكتفوا بالانتماء لها بالمناصرة والتأييد.
منذ إصدار الرئيس محمود عباس منتصف شهر يناير الماضي مراسيم تحدّد مواعيد إجراء الانتخابات العامة في أراضي السلطة الوطنية والقدس، على ثلاث مراحل: تشريعية بنظام التمثيل النسبي الكامل في 22 مايو، ورئاسية في 31 يوليو، وانتخابات المجلس الوطني (البرلمان الممثل لفلسطينيي الخارج) في 31 أغسطس، سارعت قيادات وازنة في حركة فتح إلى اتخاذ مواقف متباينة عن رغبة الرئيس أبو مازن، ولا تميل إلى الالتزام بقرارات اللجنة المركزية للحركة. ولم يُخف أعضاء وكوادر في الحركة، من بينهم أسرى محرّرون ومسؤولون سابقون، بتشكيل قوائم موازية لخوض الانتخابات. وفي مقابل ذلك، تخشى قيادة «فتح» من أن تؤدي هذه الظاهرة إلى ضياع أصوات كثيرة محسوبة عليها، مؤكّدة أنها ستسعى إلى توحيد معسكراتها وتشكيل قائمة واحدة.
وبالعودة إلى تاريخ حركة فتح، يخشى بعضهم أن تكون الانتخابات، إن جرت، مع خطين عريضين تحت «إن جرت»، ضربةً قاصمة لظهر فتح، التي تآكل رصيدها الجماهيري منذ توقيع اتفاق أوسلو في العام 1993، ثم تأسيس السلطة الفلسطينية، كما فقدت «فتح» كثيرا من وهجها إثر غياب معظم قياداتها التاريخية، وفي مقدمتهم خليل الوزير (أبو جهاد) وصلاح خلف (أبو إياد)، والمؤسس ياسر عرفات، الذي استطاع لملمة أطراف الحركة وأجنحتها أربعة عقود.
بانتظار ما ستكشف عنه الأيام القليلة المقبلة، لا تخفى بوادر التصدّع في الجسم الفتحاوي، فقد أعلن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ناصر القدوة، ابن شقيقة ياسر عرفات، عن تشكيل «الملتقى الوطني الديمقراطي» الذي سيشارك في الانتخابات البرلمانية بقائمة منفصلة. أما القيادي الفتحاوي، نبيل عمرو، فمن المُرجح انضمامه إلى قائمة يُعدّها رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض، بعد رفض طلبه بالحصول على موقع متقدّم في قائمة مرشحي الحركة. والأهم أن الحركة لم تتوصل حتى اللحظة لقرار نهائي من الأسير مروان البرغوثي، الأكثر ميلاً إلى منافسة أبو مازن في انتخابات الرئاسة.
تضع حالة «فتح» المترهلة أبا مازن بين خيارين أحلاهما مرّ، فإما خوض الانتخابات ب،«فتح» مشرذمة، أو إلغاء الانتخابات، والذرائع المتاحة كثيرة، حفاظاً على ما تبقى من «فتح».نواف التميمي
أستاذ الصحافة بمعهد الدوحة للدراسات العلياالعربي الجديد
copy short url   نسخ
07/03/2021
504