+ A
A -
فاطمة ياسين
كاتبة سوريةلا تقارن اللحظات الحالية بتلك التي عاشها العالم في مثل هذه الأوقات العام الماضي، حين تحرّكت قصة الفيروس القاتل عبر الأروقة، وبدأت مستشفيات العواصم في أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية تستقبل الحالات المصابة، وانتشرت أخبار العزل والخلود المستكين إلى المنازل، وصور الشوارع الفارغة في مدينة ووهان الصينية، والقصص العاطفية عن ساعات العزل الطويلة المملّة.. لم يعهد العالم لحظاتٍ كتلك التي فرض فيها الفيروس نفسه على كل شيء.
تحدث العالم، خلال العام الماضي، بخوف وشغف وكثير من التردّد عن اللقاح المرتقب الذي سيمنح المجتمعات حصانةً تعيدها إلى سابق نشاطها المعهود. وعلى الرغم من ظهور تقارير مربكة عن بدء ظهور سلالات جديدة من الفيروس في بريطانيا والبرازيل وغيرهما، ظهرت تقارير أيضاً عن انحساراتٍ هنا وهناك. وبدأت بالفعل حملات التطعيم، وجرى بشكل كبير تجاوز الخوف من تقارير عدم اكتمال الاختبارات السريرية على اللقاحات المطروحة في الأسواق. كان ذلك كله كفيلاً بجعل مؤشر أسعار البترول يرتفع إلى الأعلى، ليصل إلى مستوياتٍ جيدة، تتجاوز أحياناً أسعار زمن ما قبل كورونا.
أحدث الفيروس اضطراباً جماعياً على سطح الأرض، وأدخل انحسار النشاط البشري بعض مناطق النزاع في هدنةٍ إجبارية انتظاراً لما سيحدث. تلك القصة المختصرة لما جرى في العالم. أما داخل الأسوار السورية، أو ما تُسمى مناطق سيطرة النظام، فكانت قصة مختلفة تجري، وكأن هذه القطعة من الكرة الأرضية معزولة عزلاً طبيعياً، ولا تتفاعل مع ما حولها، وحوّل النظام المرض الذي أصاب العالم إلى نكتة سخيفة، فيما اقتصاده يتجه إلى الحضيض. والآن بدأت الدنيا بالتعافي، وبدأ اللقاح يبني سوراً بين الناس وبين الإصابة والمرض. وما زال الاقتصاد السوري مواظباً على الانخفاض من دون توقف، فلا بادرة تظهر لإنقاذ النظام، وشركاؤه مفلسون مثله، وكل ما يستطيعون أن يقدّموه مزيد من الجرع السياسية، من قبيل إعلان انتخابات رئاسية جديدة، يعرف نتيجتها الجميع، في خطوةٍ تدل على أن هذه البلاد تقع في جهةٍ بعيدة عن بقية دول العالم.العربي الجديد
copy short url   نسخ
01/03/2021
114