+ A
A -
نــزار عــابــديــن
كاتب سوري
أريد أن أبتعد عن السياسة قليلاً، فما أرانا نقول جديداً. اكتشفت أن في الدنيا يوماً «للفستق الحلبي» (يحل في 9 مارس) ولو أنهم تركوا «الفستق» دون نسبة إلى حلب لاختلط الأمر، لأن «الفول السوداني» يسمى الفستق أحياناً. وضحكت وحدي، ماذا بقي في هذه الدنيا لم يخصصوا له يوماً عالمياً؟ اكتشفت اليوم العالمي للزبيب، وربما نجد يوماً عالمياً للفلفل أو الطماطم، ادخل إلى «غوغل» واكتب «اليوم العالمي لـ...» ولعلك ستجد عشرات الأشياء التي تجعلك تضحك، في زمن عز فيه الضحك حتى صار أغلى من الفستق الحلبي. ماذا يفعلون في هذا اليوم؟ هل ينظمون مسابقات أدبية وقصصية وشعرية وغنائية وفنية حول الفستق؟ أجمل قصيدة، وأجمل قصة قصيرة، وأجمل لوحة، وأجمل أغنية أو معزوفة موسيقية. وربما ينظمون مسابقة حول الأسرع في تقشير الفستق أو أكله، وربما مسابقة للطهاة لاختراع أطباق من الطعام أو الحلوى تعتمد على الفستق الحلبي كعنصر رئيسي. من طرائف الفستق الحلبي أن حلب ليست مشهورة بزراعته، ربما كانت تجارته تمر فيها، أما الأشهر فمدينتان سوريتان صغيرتان: الأولى «مُورِك» إلى الشمال من مدينة حماة وتبعد عنها 30 كيلومتراً فقط، وفي سورية تشتهر هذه المدينة بالبطيخ الأحمر، والثانية «خان شيخون»، وتبعد عن حماة 37 كلم وعن حلب 110 كلم، ومع أن سورية مهد هذه الشجرة التي تعود إلى أيام الآشوريين قبل 3500 سنة، كانت سورية في المركز الرابع في إنتاج الفستق، وتسبقها الولايات المتحدة بإنتاج 250 ألف طن، وإيران 200 ألف طن، وتركيا 120 ألف طن وتطمح إلى 300 ألف طن. أما سورية فلم يزد إنتاجها عن 35 – 45 ألف طن، ولعله انخفض بسبب الحرب الدائرة في مناطق زراعته.
ليس الفستق مجرد مكون أساسي في الحلويات والأطعمة، بل هو سلعة استراتيجية، ويكفي أن نذكر أنه يحتل المركز الثالث في الصادرات الإيرانية بقيمة 1.5 مليار دولار سنوياً. للفستق الحلبي جوانب أخرى كثيرة، لكننا لا نجري بحثاً علمياً طبياً. وهو بالإنجليزية Pistachios وبالإيرانية «بسته» وبالتركية antep f?st??? وبالفرنسية pistaches وما زال يسمى في المغرب العربي pistach.
الفستق حلبي، والياسمين دمشقي وكذلك الورد الجوري، ولاحظوا اسمه العلمي Rosa damascene، والترجمة الحرفية له وردة دمشق أو الوردة الدمشقية، والمشمش حموي، ورأى شوقي أن لبنان على جماله ليس إلا طريقاً إلى جنة الخلد في دمشق، وماذا بقي من هذا كله؟ أردت أن أبتعد عن السياسة، لكنني لا أستطيع إلا أن أبكي بلادي التي يدمرونها.
copy short url   نسخ
01/03/2021
391