+ A
A -
يعقوب العبيدلي
اعتدنا ونحن صغار أن نقرأ على الحيطان والجدران، عبارات خارجة عن الذوق العام شتائم وسباب في هذا النادي أو ذاك، أو شعارات لها أول مالها آخر، وغيرها من المفردات والهرطقات، والقلوب المجروحة بالسهام ونحوها، طوال تلك الفترة كنا نقرأ العبارات وبعض الشخابيط تاركة آثار سيئة عن مراهقة ذلك الزمن، اليوم تبدل الحال غير الحال وازدانت الجدران والحيطان بأجمل الصور واللوحات المعبرة، تسميها الفنانة التشكيلية المتألقة والتربوية القديرة ‏سعاد السالم‏ رئيس قسم الفنون والمسرح بوزارة التعليم والتعليم العالي «بفن الشارع» إنه متنفس للمواهب الفنية، ووسيلة للتعبير عن أفكارهم، حوّل المساحات والأبنية القديمة، والخرابات مفردها «خرابة» إلى «متاحف مفتوحة للجميع» وبدون رسوم دخول، انطلق هذا الفن الجرافيكي في الدول الأجنبية ووصل للعربية وفي بعض المؤسسات والمنازل، انتشر كوسيلة للتجميل وللتعبير وللتغيير، يجدد المكان وينعشه ويجمله، يضفي على المكان لمسات جمالية، يمحو آثار النسيان والإهمال والخراب، وإزالة الآثار الموحشة في المكان، إلى أن أصبحت مثل هذه الرسوم محسنات وعلاجا ومتنفسا لمن يرسمها كما للناظر إليها، وعلى الرغم من شهرة «فن الشارع» وانتشاره بشكل ملحوظ، واتساع مساحته، ويبدو أن بلديات المناطق سمحت بالتوسع فيه أكثر فأكثر، فلماذا لا نراه على حيطان مدارسنا وأسوارها بمراحلها ؟ بدل «اللويث» واللوحات البائسة، والتي غيرت ملامحها الرطوبة والأمطار وعوامل التعرية، أسوار المدارس التي صرفت عليها الملايين، تشوهها لوحات بائسة، لا تحمل مضموناً ولا محتوى ولا شكل بألوانها الباهتة، أوجدت البشاعة بدل الجمال، لا تحمل فكراً ولا رأياً ولا رسالة، والمطلوب في تقديري الشخصي إزالة اللوحات القديمة البالية المعلقة على أسوار المدارس، واستبدالها بما يسمى «فن الشارع» لجماله وجدواه ورسالته التعليمية والثقافية الحضارية، وكم من كفاءات في مدارسنا بمراحلها نجوم في هذا الفن الراقي، فقط امنحوهم الفرصة للإبداع وصنع لمسات جمالية على المكان، كما يمكن أن يكون مبنى وزارة التعليم والتعليم العالي -المقر الدائم- له نصيب الأسد، والحظ الأوفر من هذا الفن الجميل، وتشكل جدرانه لوحات كبيرة للأعمال المميزة، وأنا على ثقة أننا نمتلك عينات رائدة ونماذج إبداعية قادرة على أن تحول أي مبنى أو مساحة جرداء إلى متحف مفتوح يسكنه الجمال، وعلى الخير والمحبة نلتقي.
copy short url   نسخ
28/02/2021
1056