+ A
A -
باسم فضل الشعبي كاتب يمني
طالبت الأمم المتحدة، على لسان منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، مارك لوكوك، المانحين بتقديم أربعة مليارات دولار لتفادي المجاعة في اليمن التي قال إنها على الأبواب، وسوف تؤدي إلى حدوث أبشع كارثة إنسانية في البلاد التي تعاني من أزمات عديدة.
ومنذ وصلت الحكومة اليمنية الجديدة إلى العاصمة المؤقتة عدن، أواخر ديسمبر الماضي، وهي تعيش وسط تحديات كبيرة جدا، وتتجاذبها ملفات عديدة، أبرزها الملف الاقتصادي الناتج عن تدهور سعر صرف العملة اليمنية أمام النقد الأجنبي، وعدم الانتظام في صرف مرتبات الموظفين والمتقاعدين شهورا عديدة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في الأسواق المحلية، بما يفوق قدرات الناس من التأقلم معها، والحصول على حياة كريمة. وهذه الأسباب وغيرها تعتمد عليها المنظمات الدولية في التحذير من المجاعة، مع تدني مستوى التمويل الذي تقدمه دول التحالف والدول المجاورة للعمليات الإنسانية.
ويعيش ملايين من اليمنيين في الجنوب والشمال، بعد توقف صرف المرتبات الشهرية وركود سوق العمل، على المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية والمنظمات التابعة لدول الخليج المجاورة، فيما أعداد أخرى لا تصل إليهم المساعدات، كما ظهر ذلك في محافظات الحديدة وحجّة، غرب اليمن، ولحج جنوبا، ويعيشون مجاعة حقيقية، والخوف كل الخوف من أن تتسع رقعة المجاعة، بفعل الأسباب أعلاه، في ظل عجز الحكومة اليمنية عن تحقيق أي اختراق في الملف الاقتصادي.
الواضح أن الحكومة اليمنية منذ وصلت إلى عدن لم تفتح الملف الاقتصادي، ولم تبدأ بالمعالجات الضرورية والسريعة لتفادي الانهيار الوشيك. ويبدو أنها تنتظر وديعة جديدة، لكن الظروف التي يمر بها البنك المركزي اليمني، ولا سيما بعد صدور تقرير خبراء مجلس الأمن الذي اتهمه بالتلاعب بالوديعة السابقة (مليارا دولار)، والقيام بعمليات غسل أموال ومضاربة بالعملة، قد يؤدّي إلى امتناع المملكة العربية السعودية عن تقديم وديعة جديدة، كما قد يؤدّي إلى امتناع دول مانحة أخرى عن تقديم الدعم للحكومة، ما لم تسارع الأخيرة إلى دحض هذه الاتهامات عن البنك بصورة مهنية ودقيقة.
وإلى جانب الملف الاقتصادي، أو الأزمة الاقتصادية التي تكاد تعصف بالبلاد، هناك ملفات أخرى تشكل أهمية تراتبية في سلم اهتمامات الحكومة، مثل الملف الأمني الذي وردت معالجاته في اتفاق الرياض، ولكن الحكومة لم تحقق النجاح في هذا الملف، بسبب توقف جميع الأطراف عن الالتزام بتنفيذ ما تبقى من بنود في اتفاق الرياض، وهو ما يمكن أن يعرّض جهود الحكومة في إعادة ترتيب المشهد الأمني للفشل، وبقي الوضع كما هو عليه في عدن، حيث نص اتفاق الرياض على إعادة دمج جميع الوحدات الأمنية، سواء التابعة للمجلس الانتقالي، والتي أسسها التحالف ودرّبها، أو التابعة للحكومة تحت سقف وزارة الداخلية اليمنية، بحيث تكون لها مرجعية واحدة وقرار واحد، بدلا من التضارب في المرجعيات والقرارات.
التحدّيات التي تواجهها الحكومة اليمنية كبيرة جدا، وفي حال تخلت عنها دول التحالف، فإن جهودها سوف تؤول إلى الفشل، ولن تستطيع مواجهة الأزمة الاقتصادية بمفردها، ولا إعادة تطبيع الحياة المدنية في عدن التي ما زالت تعيش اختلالاتٍ في المجال الأمني، ناهيك عن البدء بتنفيذ برنامجها الحكومي الذي أعلنت عنه قبل أسبوعين، وذلك في ظل عدم قدرتها على تصدير حصتها الكاملة من النفط والغاز، بسبب وقوع عدد من موانئ التصدير تحت سيطرة طرفٍ في التحالف العربي الذي يرفض السماح لها بالتشغيل والتصدير منذ سنوات، بالإضافة إلى عدم قدرتها على إيجاد آلية شفافة في تحصيل الموارد المحلية من ضرائب وجمارك ورسوم أخرى، وتوريدها إلى البنك المركزي، حيث تذهب معظمها إلى جيوب الفاسدين، فضلا عن امتناع محافظات يمنية عن توريد إيراداتها إلى البنك المركزي في عدن، وغيرها من التحدّيات التي إذا ما استسلمت لها الحكومة، فإنها سوف تفشل فشلا ذريعا في إصلاح الأوضاع وإعادة الأمل لليمنيين في تجنب شبح المجاعة، وفي العيش بكرامة.
copy short url   نسخ
27/02/2021
521