+ A
A -
د. فاطمة سعد النعيمي[email protected]بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
يسوّي معظم العلماء بين السّفه والسّفاهة ومن ثمّ يكون تعريفهما واحدا.
يقول الجاحظ: السّفه: نقيض الحلم وهو سرعة الغضب، والطّيش من يسير الأمور، والمبادرة في البطش، والإيقاع بالمؤذي، والسّرف في العقوبة، وإظهار الجزع من أدنى ضرر، والسّبّ الفاحش.
وقال الجرجانيّ: السّفه عبارة عن خفّة تعرض للإنسان من الفرح والغضب فيحمله ذلك على العمل بخلاف العقل وموجب الشّرع.
وقد فرّق المناويّ بين السّفه والسّفاهة: فعرّف السّفه بما عرّفه به الجرجانيّ، ثمّ عرّف السّفاهة فقال: السّفاهة: خفّة الرّأي في مقابلة ما يراد منه من المتانة والقوّة.
ذكر الرّاغب أنّ الأصل في السّفه هو خفّة في البدن ثمّ استعمل في خفّة النّفس لنقصان العقل، ويكون ذلك في الأمور الدّنيويّة، ومن ذلك قول الله تعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) وقد عرّف الفقهاء هذا النّوع من السّفه فقالوا: هو عبارة عن التّصرّف في المال بخلاف مقتضى الشّرع والعقل بالتّبذير فيه والإسراف- مع قيام خفّة العقل- والسّفيه إذن: هو من ينفق ماله فيما لا ينبغي من وجوه التّبذير، ولا يمكنه إصلاحه بالتّمييز والتّصرّف فيه بالتّدبير.
وفي الأمور الأخرويّة، ومن ذلك قول الله تعالى: (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً) وقوله سبحانه: (أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ) قال الرّاغب: فهذا من السّفه في الدّين.
والسّفيه بهذا المعنى هو كما وصفه الكفويّ: ظاهر الجهل، عديم العقل، خفيف اللّبّ، ضعيف الرّأي، رديء الفهم، مستخفّ القدر، سريع الذّنب، حقير النّفس، مخدوع الشّيطان، أسير الطّغيان، دائم العصيان، ملازم الكفران، لا يبالي بما كان، ولا بما هو كائن أو سوف يكون.
والفرق بين العبث والسّفه: قال الكفويّ: العبث ما يخلو عن الفائدة، والسّفه ما لا يخلو عنها، ويلزم منه المضرّة، والسّفه أقبح من العبث، كما أنّ الظّلم أقبح من الجهل، وقيل: العبث فعل فيه غرض، ولكنّه ليس بشرعيّ، والسّفه ليس فيه غرض أصلا.
فالسفاهة تورث غضب الجبّار وعظيم النّيران، كذلك بعد النّاس عن السّفيه لخوفهم منه، دليل على سوء الخلق ومظنّة سوء الخاتمة.
اللهم ارزقنا الذهن والتنبيه، وأبعدنا عن السفاهة والتمويه، واجعل لنا نصيباً في كل خير أنزل فيه، بجودك يا أجود الأجودين.
{ أستاذ التفسير وعلوم القرآن
كلية الشريعة جامعة قطر
copy short url   نسخ
07/02/2021
531