+ A
A -
مستندا على عكازيه، يقفز الشاب محمد عليوة نحو تحقيق حلمه بأن يصبح محترفا في رياضة باركور، وهو يتنقل برشاقة بين كتل إسمنتية خلفتها الحروب الإسرائيلية الثلاث الأخيرة غرب مدينة غزة في القطاع الفقير والمحاصر. ازداد شغف محمد (18 عاما) بهذه الرياضة الحديثة العهد في القطاع، بعد أن فقد ساقه اليمنى قبل عامين برصاص إسرائيلي.
وأصيب محمد حين كان قاصرا خلال مشاركته في «مسيرات العودة» التي دأبت الفصائل الفلسطينية على تنظيمها أسبوعيا على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل منذ عام 2018، قبل أن تصبح شهرية لتتوقف بعدها كليا مع انتشار جائحة كوفيد - 19.
وانطلقت رياضة باركور القائمة على الوثب من نقطة إلى أخرى وتخطي عوائق وأسطح داخل المدن، في فرنسا في تسعينيات القرن الماضي، قبل أن تنتشر في مختلف أرجاء العالم بما في ذلك في القطاع.
خلال زيارته إلى مستشفى الأطراف الصناعية والتأهيل في شمال غزة يتحدث عليوة لوكالة فرانس برس عن شغفه باللعبة. ويقول «بعد إصابتي أصبحت رياضة باركور تحدياً أمامي، شعرت أني إذا نجحت في هذه اللعبة الخطرة والصعبة، فإن اجتياز أي أمر آخر في الحياة يصبح سهلا».
ويضيف الشاب المقيم في حي الشجاعية غرب مدينة غزة، الذي دمرته إسرائيل خلال حربها الأخيرة على القطاع في العام 2014، «شعرت بالحماسة وأنا أرى أصدقائي يلعبون الباركور أمامي».
ويستطرد قائلا «طلبت منهم مساعدتي على السير بواسطة العكازين تدريجيا، إذ بدأت بالتأرجح ثم القفز مثلهم».
ويضيف وهو يحجب بيديه أشعة الشمس الساطعة عن عينيه «أشعر بالإحباط أحيانا، حين ألعب الباركور، أشعر أني قد لا أتمكن من المشي بساقين مرة ثانية، لكنني ما زلت قادرا على القفز والتحليق، هذا يمنحني طاقة هائلة».
ويختار اللاعبون مناطق تعاني دمارا كبيرا كمواقع للتدريب، نظرا لتنوع الارتفاعات في هذه الأماكن المقفرة، إلى جانب توفيرها مساحات واسعة للعب بحرية.
وبدأ الفلسطينيون في قطاع غزة في مارس 2018، تنظيم «مسيرات العودة الكبرى» الأسبوعية مطالبين برفع الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 2006 على القطاع، وتثبيت حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها قبل سبعين عاما.
استغل جهاد أبو سلطان (32 عاما) انتشار رياضة الباركور في السنوات الأخيرة في القطاع لافتتاح «أول أكاديمية متخصصة في تعليم الباركور في فلسطين»، على ما يقول.
وافتتحت الأكاديمية التي يعمل فيها ثلاثة مدربين، والتي تقع في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة قبل شهرين بدعم من مؤسسة (وال رانر) الفرنسية.
وعلى موقعها الإلكتروني تقول الأكاديمية التي تحمل اسم المؤسسة الداعمة نفسه، «بالنسبة لجيل من الشباب الفلسطينيين الذين نشأوا في ظل نقص فادح في فرص العمل، أصبح الباركور وسيلة للتعبير عن الذات والهروب وأسلوب حياة أحيانا، الفكرة في هذه الرياضة أن تجد طريقك الخاص بنفسك».
يقول المدرب أبو سلطان «تعلمت ممارسة هذه الرياضة منذ عام 2005، لم يكن لدينا حينها مكان نتدرب فيه، كنا نشاهد فيديوهات تعليمية على يوتيوب، ونقوم بالتدرب عليها في المقابر وعلى ركام المنازل التي دمرتها إسرائيل».
copy short url   نسخ
26/01/2021
382