+ A
A -
الفيتوري شعيب كاتب ليبي
يدرك الجميع اليوم أن الحالة الليبية في حاجة اليوم إلى مصالحة داخلية حقيقية لترميم البيت الداخلي الليبي، والانطلاق به نحو الاستقرار ولو نسبياً. وعند الحديث عن المصالحة هنا، فإنه عن كل جوانبها، الاجتماعية والسياسية، باعتبار أنهما صنوان لا يمكن التفريق بينهما، إذا أخذنا بالاعتبار التقلبات التي مرّت بها الدولة والأزمات المتتالية التي أنتجتها الأزمات السياسية بطريقةٍ أو بأخرى، وأثرت في النسيج الاجتماعي للدولة، كما أن المصالحة لا بد أن تكون مقرونةً بالإصلاح والاسْتِصْلاح الرسمي والمجتمعي اللذين هما نقـيض الإِفساد والاستفساد، اللذين لا يمكن تحقيقهما إلا بالإصلاح السياسي الشامل، وهذا ما قامت من أجله ثورة 17 فبراير (2011)، حيث إنها لم تقم إلا لإنجاز الإصلاح والتحول من حال إلى حال أحسن، وليس العكس. وكذلك من أجل إزالة الظلم والطغيان، واستبدالهما بالعدل والمساواة، وتحقيق العدالة بين أفراد المجتمع، والتي أخذت من عمرها العشر سنوات ولم تتحقق بعد، ولو نسبياً.
شهدت الساحة الليبية أزمات سياسية واجتماعية وأمنية؛ بل واقتصادية، نتجت عنها تغيرات كبيرة بين مكونات الشعب الليبي، وصلت إلى ذروتها في السنوات الأخيرة من عمر الأزمة الليبية، مُكَوِّنة تداعيات اجتماعية خطيرة، قد تكون عقبة غير منظورة، في بناء الدولة، وإيجاد الاستقرار الحقيقي لا يكون إلا بها، لتكون الحاجة ملحة للسعي نحو المصالحة الوطنية باعتبارها جزءا مهما وفاعلا من مراحل إنهاء الأزمة السياسية في البلاد ككل، لتحقيق السلام والاستقرار تحت مظلة المصالحة الاجتماعية والسياسية الشاملة.
وفي المقابل، لا يكون بناء الدولة إلا بتضافر جهود جميع أطياف الشعب لبنائها، باعتبار أن رقيّ الدولة وتقدّمها لا يكونان إلا نتيجة تحدّ تواجهه الشعوب، لا بد من إيجاد أرضية توافقية يمكن من خلاها الانطلاق في «معركة» المصالحة الوطنية، والأرضية هذه هي المبادئ الحاكمة التي يجب أن تكون في حلّ الاختلافات بكل صيغها وأشكالها، ضمن إطار قانوني أو دستوري.
copy short url   نسخ
24/01/2021
558