+ A
A -
كتب محمد الأندلسي
قال مراقبون لأسواق المال إن المستثمرين الأجانب في البورصة القطرية يستهدفون الأسهم الثقيلة والتشغيلية ويقومون بعمليات بناء مراكز على أسهم التوزيعات، وهي الأسهم المتوقع إقرارها توزيعات سنوية جيدة بالتزامن مع بدء موسم الإفصاح عن النتائج المالية السنوية للشركات المدرجة بقيادة قطاع البنوك، فيما ستشهد الفترة المقبلة توالي الإعلان عن النتائج والتوزيعات السنوية.
ويرى المراقبون أن المحافظ والصناديق الأجنبية لديها نظرة إيجابية لأسهم الشركات المدرجة في البورصة القطرية، وسط عمليات شراء تتم بوتيرة هادئة وانتقائية للأسهم، مرجحين زيادة حجم المخصصات المرصودة من جانب المحافظ الأجنبية لشراء الأسهم في بورصة قطر خلال العام الحالي، لا سيما مع تحسن البيئة الجيوسياسية والتشغيلية وأساسيات الاقتصاد القوية، واستمرار الإنفاق الحكومي الرأسمالي على المشاريع التنموية الكبرى، والذي ينعكس إيجابا على مختلف القطاعات في السوق المحلي، علاوة على التوقعات بتزايد وتيرة الإدراجات بالبورصة خلال الفترة المقبلة.
وتوقع المراقبون زيادة الوزن النسبي لأسهم الشركات القطرية المدرجة ضمن مؤشري مورغان ستانلي كابيتال للأسواق الناشئة MSCI ومؤشر فوتسي FTSE، وذلك بعد إدراج شركة كيو إل إم لتأمينات الحياة والتأمين الصحي، والتي من المتوقع انضمامها لأحد المؤشرين أو لكليهما، الأمر الذي سيعزز من شهية المؤسسات الأجنبية نحو ضخ المزيد من الاستثمارات في السوق.
وأشار المحلل المالي لدى الأكاديمية الدولية مبارك التميمي إلى أن البورصة تشهد منذ بداية عام 2021 ارتفاعا في الجاذبية الاستثمارية لها مع نظرة إيجابية من قبل المستثمرين الأجانب، الأمر الذي أفضى إلى ضخ استثمارات جديدة مع استهداف الأسهم الثقيلة والتشغيلية، خصوصا في ظل بلوغ بعض الأسهم لمستويات مغرية بالشراء في قطاعات البنوك والصناعة والخدمات.
وأكد التميمي أن إقرار البنوك التي أعلنت عن نتائجها وتوزيعات السنوية لتوزيعات نقدية جاء ليعكس القوة المالية لها رغم جائحة كورونا، حيث إن هناك بنوكا كثيرة حول العالم اتخذت قرارات بعدم إقرار توزيعات عن عام 2020 بوصفه عاما شهد ظهور جائحة كورونا، غير أن البنوك القطرية ونتيجة سلامة أوضاعها المصرفية وقوتها ووفرة سيولتها وربحيتها وجودة ونوعية أصولها العالية أقرت توزيعات نقدية متماثلة تقريبا مع التوزيعات التي قامت بها عن عام 2019، ومن المرجح أن تحذو باقي الشركات حذو القطاع المصرفي، وهو ما يعكس نجاح التدابير الاقتصادية التي أقرتها الدولة لدعم الشركات والقطاع الخاص فور نشوب أزمة كورونا من خلال محفزات اقتصادية بلغت قيمتها 75 مليار ريال، علاوة على إعفاءات وتسهيلات كبرى والتوجيه للصناديق الحكومية بزيادة استثماراتها في السوق بمبلغ 10 مليارات ريال، فضلا عن حزمة من المبادرات الأخرى التي ضمنت استمرارية الأعمال ودفعت القطاع الخاص لتجاوز تداعيات كورونا بسرعة قياسية والتوجه نحو تحقيق النمو.
البيئة التشغيلية
من جانبه، قال المستثمر حسن الحكيم إنه مع التحسن المستمر في البيئة التشغيلية في السوق المحلي وأساسيات الاقتصاد القوية واستمرار الإنفاق الحكومي الرأسمالي على المشاريع التنموية الكبرى تنفيذا لاستحقاقات موازنة 2021، باتت البورصة القطرية من أهم أوجه الاستثمارات في المنطقة والأكثر جاذبية للصناديق والمحافظ الأجنبية، خاصة مع انفراد كل من بورصتي قطر والسعودية بتحقيق مكاسب سنوية في 2020 على المستوى الخليجي، ومن المتوقع أن يقوم مديرو الأصول في الشرق الأوسط من الأجانب بزايدة مخصصاتهم للأسهم القطرية خلال الفترة المقبلة نتيجة الآفاق الواعدة التي تحظى بها الأسهم والاقتصاد القطري.
وأكد الحكيم أن جرعة التفاؤل والثقة ارتفعت في أوساط المستثمرين نتيجة الإعلان عن ترتيبات لإدراجات جديدة وتسارع وتيرة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في أعقاب الإعلان عن طرح 3 فرص استثمارية لإنشاء منتجعات شاطئية في دولة قطر بالشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، والذي يعد ثمرة جديدة لتطبيق القانون رقم (12) لسنة 2020 بتنظيم الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.
وتباشر هيئة قطر للأسواق المالية تطوير نظام الطرح والإدراج الجديد الجاري وضع اللمسات الأخيرة عليه، بهدف تخفيض متطلبات الإدراج وتشجيع الشركات بمختلف القطاعات على أخذ زمام المبادرة والتقدم خطوة إلى الأمام نحو الإدراج في السوق الرئيسية، من خلال تخفيض الحد الأدنى لرأسمال الشركات التي تدرج في السوق الرئيسية، وتخفيض الحد الأدنى لنسبة الأوراق المالية المطلوب طرحها للاكتتاب العام، إلى جانب تنظيم طرق تسعير الأسهم في الطروحات العامة، وإتاحة المجال نحو تطبيق آلية «البناء السعري» في تسعير الأسهم، بالإضافة إلى إمكانية الإدراج المباشر بالسوق الرئيسية.
وبحسب هيئة قطر للأسواق المالية، فإن فكرة البناء السعري تتلخص في قيام مستشار الطرح بتقديم تقييم للشركة الراغبة في طرح أسهمها لمجموعة من المستثمرين المؤهلين، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مثل شركات الخدمات المالية والبنوك وشركات التأمين ومؤسسات الدولة والشركات المملوكة لها، حيث يتم طرح جزء من أسهم الشركة الراغبة في طرح أسهمها للمستثمرين المؤهلين، ومن خلال المفاوضات يتم التوصل إلى قيمة يرتضيها أطراف العملية، ويتم بناء سجل أوامر من خلال طلبات الاكتتاب المقدمة منهم وبناء على ذلك يتم تحديد سعر طرح الأسهم لعموم المستثمرين.
وفي المقابل، فإن الإدراج المباشر يعني إدراج أسهم الشركة دون المرور بمرحلة الطرح العام الأولي «الاكتتاب العام»، الأمر الذي يوفر الكثير من الوقت والتكلفة ويختصر قائمة كبرى من الإجراءات، ومن المرتقب أن يؤدي تحديث نظام طرح وإدراج الأوراق المالية إلى ارتفاع وتيرة إقبال الشركات العائلية على التحول إلى شركات مساهمة وإدراج أسهمها، الأمر الذي سينعكس إيجابا على أداء البورصة.
اصطياد الأسهم
من جهته، قال المحلل المالي فواز الهاجري إن المؤسسات الأجنبية تدرك جيدا مدى صلابة الشركات المدرجة في البورصة القطرية، وقوة الاقتصاد القطري الذي ترتكز عليه، والفرص الاستثمارية التي توفرها البيئة الاقتصادية في قطر، لذلك يقوم مديرو الصناديق باقتناص واصطياد مستمر لأسهم التوزيعات والتي من المتوقع أن تقر توزيعات جيدة خلال موسم الإفصاح عن النتائج المالية السنوية للشركات المدرجة.
وأشار الهاجري إلى أن المحافظ الأجنبية ستزيد من المخصصات المرصودة للاستثمار في البورصة القطرية خلال العام الجاري، لا سيما مع ارتفاع أعداد الشركات المدرجة عبر الوافد الجديد شركة كيو إل إم لتأمينات الحياة والتأمين الصحي، وتزايد التوقعات بإدراج أسهمها في مؤشري مورغان ستانلي كابيتال للأسواق الناشئة MSCI، ومؤشر فوتسي FTSE أو أحد هذين المؤشرين على الأقل، مما سيعمل على زيادة الوزن النسبي للشركات المدرجة بالمؤشرات العالمية، وسيعزز فرص استقطاب الأسهم لسيولة أجنبية «ساخنة» في الأجل القصير أو استثمارية طويلة الأجل.
إدراجات جديدة
بدوره، قال المستثمر يوسف أبو حليقة إن هناك زيادة في عمليات الشراء من قبل المستثمرين الأجانب منذ مطلع العام الجاري، خاصة مع وجود الكثير من الفرص الاستثمارية في البورصة القطرية، والتي تعتبر أكبر سوق ناشئة في الشرق الأوسط وثاني أكبر سوق في المنطقة، كما تمتلك مميزات متعددة مقارنة بالقطاعات والقنوات الاستثمارية الأخرى مثل الصناعة والزراعة والخدمات أبرزها سهولة التسييل والتخارج في أي وقت وبصورة سريعة، علاوة على العديد من العوامل المحفزة على الاستثمار في البورصة القطرية مثل مستويات الربحية الجيدة التي ترضي تطلعات المستثمرين ومعدلات التوزيع المرتفعة مقارنة بأسواق المنطقة.
وأكد أبو حليقة أن إدراج شركة كيو إل إم لتأمينات الحياة والتأمين الصحي -مؤخرا- زاد عدد الشركات المدرجة إلى 48 شركة، وهناك ارتفاع في منسوب التفاؤل بإدراج المزيد من الشركات القطرية خلال العام الجاري خاصة مع إعلان مجموعة سهيل القابضة -التي تعتبر أكبر مجموعة صناعية في قطر- نيتها إدراج أسهمها في بورصة قطر، بالإضافة إلى شركتي قطر فارما ومياه الريان، ومن المعروف أن الإدراجات تزيد من قوة وعمق وسيولة السوق وتحفز فرص استقطاب مستثمرين جدد.
وتعتبر بورصة قطر أكبر سوق ناشئة في الشرق الأوسط وثاني أكبر سوق في المنطقة من حيث قيمة الرسملة السوقية، كما أن بورصة قطر مدرجة في مؤشري مورغان ستانلي كابيتال للأسواق الناشئة MSCI ومؤشر فوتسي للأسواق الناشئة. وخلال السنوات الماضية، شهدت بورصة قطر إدراج 4 شركات واثنين من صناديق المؤشرات المتداولة، حيث تم إدراج كل من مجموعة استثمار القابضة في شهر أغسطس من عام 2017، وشركة قطر لصناعة الألومنيوم «قامكو» في ديسمبر 2018، وشركة بلدنا للصناعات الغذائية في ديسمبر 2019، وشركة كيو إل إم لتأمينات الحياة والتأمين الصحي في يناير 2021، بالإضافة إلى إدراج صندوق مؤشر بورصة قطر (QETF) في شهر مارس 2018، وهو أول صندوق مؤشرات متداول (ETF) يدرج في البورصة ويعد الأكبر على مستوى دول الخليج، ويتتبع المؤشر العام للبورصة ويقيس الأداء السعري لأسهم أكبر 20 شركة قطرية مدرجة وأكثرها سيولة، بالإضافة إلى إدراج صندوق الريان قطر المتداول، تحت الرمز «QATR» في شهر مارس 2018 أيضا، وهو أكبر صندوق مؤشرات إسلامي مدرج في دولة واحدة، حيث يتتبع الصندوق مؤشر بورصة قطر الريان الإسلامي (السعري) الذي يتألف من الشركات القطرية المدرجة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
copy short url   نسخ
22/01/2021
944