+ A
A -
أعلن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، عن تعيين أعضاء إضافيين في فريقه بمجلس الأمن القومي، في مقدمتهم بريت ماكغورك، منسق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وجاء في بيان صادر عن مكتب بايدن أن الدور الأساسي لمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض يتمثل في تقديم المشورة ومساعدة الرئيس بشأن الأمن القومي والسياسات الخارجية، وتنسيق تلك السياسات عبر الوكالات الحكومية.
الرئيس بايدن ومساعدته كامالا هاريس، أكدا أن فريقهما الجديد «ذو خبرة وموهوب»، وأنهم سيعملون «بلا هوادة لحماية أمن الأميركيين».
أوباما الحاضر القوي في إدارة بايدن
يمضي بايدن قدماً في السير على خطى الرئيس الأسبق باراك أوباما، ومن المتوقع أن يعلن تعيين مزيد من قدامى المحاربين في إدارة الأخير في الأسابيع المقبلة، خصوصاً بعد سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ في انتخابات الإعادة الضيقة في جورجيا، ما فتح الطريق أمام مرشحي الرئيس المنتخب للموافقة عليها.
ماكغورك هو أحدث مسؤول سابق في عهد أوباما يتم تعيينه من قِبل إدارة بايدن القادمة، وذكرت صحيفة «بوليتيكو» أن ويندي شيرمان التي شغلت منصب وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية خلال إدارة أوباما، وكانت المفاوض الرئيسي في المفاوضات النووية لعام 2015 مع إيران، من المقرر أن تصبح نائبة لوزير الخارجية في عهد أنتوني بلينكين.
كما تم اختيار فيكتوريا نولاند، مساعدة وزيرة الخارجية السابقة للشؤون الأوروبية، والأوروبية الآسيوية، التي قادت الرد الدبلوماسي لإدارة أوباما على الغزو الروسي لأوكرانيا، لمنصب وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية.
لكن الاستثمار الأكبر لأوباما كان عبر كامالا هاريس، التي توصف بأنها النسخة النسائية من أوباما. هاريس التي نجحت في أن تكون أول امرأة تتولى منصب نائب الرئيس في تاريخ الولايات المتحدة لم تكن لتصل لهذه المرتبة لولا الدعم اللامحدود من أوباما وزوجته ميشيل لها في مشوارها السياسي.
ونظراً إلى أن بايدن يبلغ من العمر 78 عاماً فليس من المتوقع أن يسعى لولاية ثانية، ولذا ستصبح هاريس (56 عاماً) مرشحة للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة عام 2024. هذا إن لم يتنحَّ بايدن عن الرئاسة مبكراً.
من هو بريت ماكغورك؟
هو محامٍ ودبلوماسي أميركي، عيّنه أوباما في 23 أكتوبر 2015، ليكون المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم «داعش» خلفاً للجنرال جون ألين، بعدما كان نائباً له منذ 16 سبتمبر 2014.
قبل ذلك عمل ماكغورك نائباً لمساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون العراق وإيران، وقاد مفاوضات سرية مع إيران بين أكتوبر 2014 ويناير 2016، أدت إلى الإفراج عن أربعة سجناء أميركيين من سجن إيفين في طهران، كان من بينهم مراسل صحيفة «واشنطن بوست»، جيسون رضائيان.
كذلك عمل ماكغورك مساعداً خاصاً للرئيس السابق جورج دبليو بوش، ومديراً لشؤون العراق وأفغانستان، أما في عهد أوباما فعمل مستشاراً خاصاً بمجلس الأمن القومي، وكبير مستشاري سفير الولايات المتحدة إلى العراق.
في يناير 2004، عاد ماكغورك ليعمل في القطاع الحكومي مستشاراً قانونياً في سلطة الائتلاف المؤقت، ومستشاراً قانونياً لسفير الولايات المتحدة في بغداد.
خلال تلك الفترة أسهم في صياغة مسودة الدستور العراقي المؤقت والقانون الإداري الانتقالي، وأشرف على الإجراءات القانونية لانتقال الحكم من سلطة الائتلاف المؤقتة إلى الحكومة العراقية المؤقتة برئاسة رئيس الوزراء إياد علاوي.
في العام 2005 انتقل ماكغورك للعمل في مجلس الأمن القومي الأميركي مديراً لشؤون العراق، ثم عمل مستشاراً خاصاً للرئيس الأميركي ومدير شؤون العراق وأفغانستان.
عام 2006 كان ماكغورك أول من دعا إلى تغيير جذري في السياسة الأميركية تجاه العراق، وروّج لفكرة زيادة عدد القوات الأميركية هناك، والتي بدأت بالفعل في يناير 2007.
دوره في العراق
أشار إليه الرئيس جورج دبليو بوش في كتابه «نقاط القرار» على أنه جزء من فرقة المحاربين الشخصية للرئيس، والتي أدت إلى إحداث استراتيجية جديدة وإعادة الحرب إلى مسارها في العراق.
بعد ذلك طلب الرئيس بوش من ماكغورك قيادة المفاوضات مع حكومة العراق بجانب السفير ريان كروكر، لوضع أسس اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية، لضمان الاستمرارية في ذلك النهج السياسي بعد نهاية ولايته.
وفي العام 2009 كان ماكغورك أحد السياسيين الثلاثة الذين انتقلوا من إدارة الرئيس بوش إلى إدارة الرئيس أوباما، وتولى منصب مستشار الرئيس الأميركي ومستشار سفير الولايات المتحدة في العراق.
حصل على جائزة الشرف المتميزة وجائزة الشرف العليا من الخارجية الأميركية تقديراً لجهوده في العراق، كذلك منح جائزة الخدمة المتميزة وجائزة ثناء الخدمات المشتركة من قبل مجلس الأمن القومي الأميركي.
ترك العمل في القطاع الحكومي خريف 2009، ليشغل منصب زميل مقيم في معهد هارفارد للسياسات، حيث أشرف على مجموعة دراسية تعنى ببحث المواضيع المتعلقة بدراسة أعلى مستويات الخطورة في المداولات.
كما شغل منصب زميل الشؤون الدولية في مجلس العلاقات الخارجية، ثم دُعي بعد ذلك للعمل في القطاع الحكومي مرتين، الأولى كانت بعد أزمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة صيف 2010، وفي صيف 2011 بسبب تعثر المفاوضات الخاصة بتمديد الاتفاقية الأمنية، التي كانت قد أُبرمت بنجاح مع الحكومة العراقية عام 2008.
تم تعيين ماكغورك في أغسطس 2013 نائباً لمساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وإيران، في مكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية.
وفي 13 سبتمبر 2014، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري تعيين ماكغورك سفيراً ونائباً للمبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمكافحة «داعش»، وبعدها بثلاثة أيام التقى السفير ماكغورك في البيت الأبيض مع الرئيس أوباما وجنرال مشاة البحرية المتقاعد جون ألين لمناقشة استراتيجية بناء تحالف دولي لمكافحة «داعش».
وفي 3 ديسمبر 2014، عقد اجتماعاً في العاصمة البلجيكية بروكسل، وتم تشكيل تحالف رسمي من 62 دولة لدعم العراق ومساعدة الحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء حيدرالعبادي، في محاربة «داعش»، بالإضافة إلى خمسة أطر عسكرية ودبلوماسية لدعم هذا الجهد.
في يناير عام 2016، زار الدبلوماسي ماكغورك شمالي سوريا كجزء من بعثة مكافحة «داعش»، والتقى مسؤولين من تنظيمي «ب ي د» و«ي ب ك».
ما بين أكتوبر 2014 ويناير 2016، كان ماكغورك المفاوض الرئيسي في مفاوضات سرية ومكثفة أُجريت مع إيران، لإطلاق سراح أربعة سجناء أميركيين وإعادتهم إلى الولايات المتحدة.
ملامح سياسات بايدن في الشرق الأوسط من خلال تعيين ماكغورك
تتيح لنا قراءة السيرة الذاتية لماكغورك، والمهام الحساسة التي اضطلع بها وأشرف على تنفيذها في المنطقة، استقراء طبيعة المهام التي ستسند إليه مستقبلاً من جهة، واستبيان ملامح الاستراتيجية الأميركية لإدارة بايدن من جهة أخرى.
تشير سيرته الذاتية إلى أنه كان معاصراً ومتابعاً لدخول «داعش» إلى الموصل، وأنه كان ينتقل بشكل غير رسمي بين سوريا والعراق، وعند اجتياح «داعش» المشبوه للموصل، كان ماكغورك موجوداً في أربيل، وقبلها في عين العرب «كوباني».
من سيرته الذاتية، يبدو جلياً أنه من أشد المتحمسين لتسليح الميليشيات الكردية الانفصالية المسلحة، وأسهم في تقديم كافة أشكال الدعم والتخطيط والتوجيه لإبعاد شبهة الإرهاب عنها، وإكسابها صفة سياسية تحت مسميات شتى.
لا يُخفي ماكغورك علاقته الحميمة بالميليشيات الكردية الانفصالية، وظهر مرة بتاريخ 1 فبراير 2016، وهو يسلم جائزة لأحد قادة «ب ي د/‏‏ بي كا كا»، ومرة أخرى في 17 مايو 2017، وهو في اجتماع مع قادة ما يسمى بحماية الشعب «ي ب ك».
وقد استقال من منصبه كمبعوث للتحالف الدولي ضد «داعش» بعد قرار الانسحاب الأميركي من شمال شرق سوريا، وأدان أكثر من مرة تخلي الإدارة الأميركية عن (الأكراد)، في ظل الهجمات على مناطق بشمال شرق سوريا، ما دفع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو للقول «إن ماكغورك يدعم بوضوح (بي كا كا) و(ي ب ك)، إنه يعمل ضدنا».
ما من شك بأن ماكغورك عقل سياسي بارز، ويتمتع بخبرة طويلة في المفاوضات السرية، وله باع طويل فيها، وتتيح له معرفته بلغات المنطقة (يتكلم العربية والفارسية) سهولة التواصل وعقد الصفقات السرية والعلنية، وهذا يؤهله ويجعل منه خبيراً مخابراتياً مؤهلاً لترتيب شؤون المنطقة لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.
تشير الاختيارات والتعيينات إلى أن بايدن يعتزم اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه تركيا، وسياسات الرئيس رجب طيب أردوغان، وأنه يعتزم قيادة السياسة الإيرانية بالدبلوماسية بدلاً من العقوبات والقوة العسكرية. تميزت سياسة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بممارسة العقوبات المشددة ضد إيران مقابل المفاوضات مع روسيا وتركيا، بينما تتجه إدارة بايدن إلى عكس البوصلة تماماً، من خلال ممارسة ضغوط على روسيا وتركيا مقابل مفاوضات مع إيران.
copy short url   نسخ
22/01/2021
959