+ A
A -
أدى الديمقراطي جو بايدن اليمين الدستورية، أمس ليصبح الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، ويتولى السلطة في بلد يعاني انقسامات سياسية عميقة وتعصف به جائحة فيروس كورونا.
انتقلت الرئاسة إلى جو بايدن، الذي أصبح أكبر الرؤساء الأميركيين سناً في التاريخ، خلال مراسم مصغرة في واشنطن لم تشهد القدر المعتاد من الأبهة والأجواء الاحتفالية بسبب الجائحة والمخاوف الأمنية بعد الهجوم الذي شنه أنصار ترامب على مبنى الكونغرس.
حضور محدود للجمهور والمسؤولين
في حضور جمهور محدود، أدى الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، ليدخل هذا اليوم كتب التاريخ في الولايات المتحدة، خصوصاً بسبب وصول امرأة إلى منصب نائب الرئيس للمرة الأولى في تاريخ أكبر قوة في العالم. حيث أصبحت كامالا هاريس (56 عاماً) أول امرأة سوداء من أصول هندية تتولى هذا المنصب.
أقيمت المراسم أمام مبنى الكابيتول الذي جرى تشديد إجراءات الأمن حوله في أعقاب هجوم أنصار ترامب عليه واقتحامه قبل أسبوعين، واستُدعي الآلاف من قوات الحرس الوطني إلى المدينة بعد حصار المبنى الذي شهد مقتل خمسة أشخاص وأجبر النواب على الاختباء لبعض الوقت.
في المقابل، حضر باراك أوباما وجورج بوش وبيل كلينتون في الصفوف الأمامية خلال حفل تنصيب الرئيس الديمقراطي وسط انتشار كثيف للقوات الأمنية في العاصمة الفيدرالية.
آلاف الأعلام الأميركية
بسبب عدم حضور الحشود التي تتدفق عادة في مثل هذا اليوم إلى جادة «ناشونال مول» في واشنطن لرؤية الرئيس الجديد، فإن بايدن وقف أمام أكثر من 190 ألف علم أميركي نصبت لتمثيل المواطنين الغائبين. ونصبت حواجز وأسلاك شائكة لحماية «المنطقة الحمراء» الواقعة بين تلة الكابيتول والبيت الأبيض.
فينا بدأت عملية تثبيت الوزراء الذين اختارهم الرئيس المنتخب الثلاثاء في مجلس الشيوخ، لكي تبدأ الحكومة عملها في أسرع ما يمكن في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها أميركا.
سياسة جو بايدن مختلفة «كلياً» عن ترامب
على الصعيد الدبلوماسي، وعد أنتوني بلينكن الذي اختاره جو بايدن لتولي منصب وزير الخارجية بإعادة إحياء تحالفات الولايات المتحدة والعودة إلى العمل المتعدد الأطراف.
لكن بلينكن اعتبر أن دونالد ترامب «كان محقاً» في اتخاذ «موقف أكثر حزماً تجاه الصين»، وإن كان أكد أنه «يخالفه» بشأن استراتيجيته «حول عدد من النقاط».
من جهتها اعتبرت المرشحة لمنصب وزيرة الخزانة جانيت يلين أن إدارة جو بايدن ستستخدم كل الأدوات المتاحة لمواجهة «ممارسات الصين غير العادلة وغير القانونية» التي تقوض الاقتصاد الأميركي.
لم تتأخر ردود الفعل الدولية على انتهاء ولاية ترامب، حيث أشاد الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأربعاء، بنهاية عهده، في إشارة إلى اليوم الأخير من ولاية الرئيس الأميركي الذي اعتمد سياسة «ضغوط قصوى» حيال الجمهورية الإسلامية.
أزمات خلفها ترامب في انتظار بايدن
غادر ترامب مغادرة البيت الأبيض قبل تنصيب جو بايدن، مخالفاً تقليداً سياسياً يعود إلى أكثر من 150 عاماً، ليرفض بذلك لقاء خلفه والتأكيد على الانتقال السلمي للسلطة.
وحضر نائب الرئيس مايك بنس والرؤساء الأميركيين السابقين باراك أوباما وبيل كلينتون وجورج دبليو بوش مراسم التنصيب.
جاء التنصيب تتويجاً لمسيرة جو بايدن التي بدأها قبل خمسة عقود وشملت أكثر من 30 عاماً في مجلس الشيوخ الأميركي وفترتين في منصب نائب الرئيس في إدارة أوباما.
لكنه سيواجه سلسلة من الأزمات المتداخلة التي ستمثل تحدياً حتى لشخصية مثله تتمتع بالخبرة السياسية.
من بين هذه الأزمات جائحة فيروس كورونا التي وصلت إلى مرحلة قاتمة الثلاثاء آخر أيام ترامب في السلطة؛ حيث وصل عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس في الولايات المتحدة إلى 400 ألف وفاة، كما سجلت الإصابات 24 مليوناً، وهو أعلى عدد لحالات الإصابة على مستوى العالم.
وقبل ساعات من تنصيب الرئيس الأميركي الجديد، تحوّلت واشنطن العاصمة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية والحصن المنيع، وسط شكوك حول وجود تهديدات داخلية من قِبل عناصر الحرس الوطني المنتشرين في واشنطن؛ من أجل تأمين مراسم تنصيب بايدن، إضافة إلى المخاوف من اندلاع مظاهرات مسلحة لبعض أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.
حيث أعلن وزير الدفاع الأميركي بالوكالة، كريستوفر ميلر، مساء الإثنين أن سلطات إنفاذ القانون تقوم بإجراء فحص أمني لعناصر الحرس الوطني المنتشرين في العاصمة واشنطن؛ من أجل تأمين مراسم تنصيب بايدن.
ميلر قال في بيان نشرته شبكة «سي إن إن» الأميركية، إنه لا توجد معلومات استخباراتية تشير إلى وجود تهديد من الداخل.
ونشرت سلطات العاصمة الاتحادية ما لا يقل عن 25 ألفاً من عناصر الحرس الوطني؛ لتأمين مراسم التنصيب، التي أقيمت وسط غياب ترامب، في سابقة تحدث للمرة الأولى منذ أكثر من قرن ونصف القرن.
مخاوف من تهديدات محتملة
لكن عكس ميلر، عبّر مسؤولون في «البنتاغون» عن قلقهم من احتمالات حدوث «هجوم من الداخل» من قِبل بعض أفراد الحرس الوطني؛ فقد يشكّل بعض الأشخاص الذين تم تكليفهم بحماية مراسم التنصيب، تهديداً مباشراً للرئيس ولكبار الشخصيات التي ستحضر حفل التنصيب.
حيث أكدت وسائل إعلام أميركية، أن هناك مخاوف من «تهديد داخلي» لدى مسؤولين بوزارة الدفاع، إذ يخشى هؤلاء أن يشنّ بعض أفراد القوات النظامية هجمات في أثناء تنصيب بايدن.
هذا القلق دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» إلى فحص جميع قوات الحرس الوطني، طبقاً لما أوردته وسائل إعلام أميركية.
كما أشار وزير الجيش في «البنتاغون»، رايان مكارثي، إلى أن المسؤولين الأمنيين يدركون هذا التهديد المحتمل، وجرى إبلاغ القادة ضرورة أن يكونوا على اطلاع على أي مشكلات داخل صفوفهم.
خاصةً أنه تم توجيه الاتهام لنحو 70 متظاهراً؛ لمشاركتهم في أعمال الشغب والعنف خلال حادثة اقتحام الكونغرس في 6 يناير 2021، كما تُجرى تحقيقات بشأن مئات الأشخاص، من بينهم أعضاء بالكونغرس، وعناصر حاليون وسابقون
القائد العام للحرس الوطني في واشنطن، الجنرال ويليام ووكر، صرّح لشبكة «فوكس نيوز» الإخبارية الأميركية،بأنهم يريدون التأكد من أنهم ينشرون الأشخاص المناسبين ضمن الفريق الذي سيتولى حماية أمن الرئيس ونائبته.
وبالفعل أعلن مكتب الحرس الوطني الأميركي، الثلاثاء استبعاد 12 عنصراً من المهام الموكلة إليهم في حفل تنصيب الرئيس جو بايدن «بسبب سلوكيات مثيرة للشك».
ونقلت شبكة «سي إن إن» المحلية عن المكتب قوله إنه تم استبعاد اثنين من الحرس بسبب تعليقات غير ملائمة، فيما استبعد 10 آخرون لسلوكيات مشكوك فيها، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
مظاهرات مسلحة
من قِبل أنصار ترامب
يشار إلى أن بعض التقارير حذَّرت من احتمالية اندلاع مظاهرات مسلحة من قِبل أنصار ترامب، بالتزامن مع تنصيب خلفه بايدن.
إزاء ذلك، كثفت الولايات الأميركية الرئيسية الخمسون، خاصةً العاصمة واشنطن، الإجراءات الأمنية ورفعت مستوى التأهب والإجراءات الأمنية إلى مستوى غير مسبوق في البلاد.
إذ قامت السلطات الأميركية بإغلاق قطاع متنزه «ناشونال مول» الضخم، حيث يتدفّق مئات الآلاف من الأميركيين كل أربع سنوات لحضور مراسم التنصيب، وبدت الطرق شبه مقفرة.
كما حل العسكريون المسلحون والشرطيون المتمركزون قرب عرباتهم المصفحة لالعاصمة واشنطن، بدلاً من الفضوليين والمارة في الطرق المقطوعة بالحواجز الأسمنتية.
تم توقيف مدنيين مسلّحين على الأقل في الأيام الماضية، بمحيط ضمان «منطقة حمراء» شاسعة تمتد من حي كابيتول هيل الواقع ضمن نطاقه مقر الكونغرس وصولاً إلى البيت الأبيض.
«حريق صغير قرب مبنى الكونغرس»
قبل يومين من تنصيب بايدن، أعلنت الشرطة الأميركية إغلاق مجمع الكونغرس الأميركي (الكابيتول)، ومنع الدخول إليه أو الخروج منه؛ لوجود تهديد أمني خارجي، أتضح لاحقاً أنه كان بسبب حريق صغير نشب قرب مبنى الكونغرس.
وكالة رويترز نقلت، الإثنين عن أحد شهود العيان قوله إنه تم إغلاق مبنى الكونغرس؛ نظراً إلى وجود تهديد خارجي، وتم إدخال كل المشاركين في التدريب على مراسم تنصيب بايدن، والذين كانوا خارج مبنى الكونغرس، إلى داخل المبنى، حيث كانوا يجرون تحضيرات للحفل الذي سيقام الأربعاء 20 يناير 2021.
لكن مسؤولين أميركيين استبعدوا وجود أي تهديد أمني، من جرّاء حريق صغير نشب قرب مبنى الكونغرس، بحسب ما نقله موقع قناة «الحرة» الأميركية، الذي أضاف أنه طُلب من أفراد الأمن أخذ مواقعهم بالكونغرس، فيما انتشر جنود الحرس الوطني وأفراد الشرطة في المنطقة المحيطة بالمبنى.
كما أوضح جهاز الخدمة السرية الأميركي، على «تويتر»، أن الإغلاق مؤقت، ولا وجود لتهديد على الجمهور.
كانت قوات الأمن في العاصمة واشنطن، الإثنين، قد أجْلت فريق تحضيرات حفل التنصيب، بسبب «تهديد أمني».
إلا أن السلطات الأميركية أكدت أنه تمت السيطرة على الحريق «الصغير» الذي اندلع في خيمة مجاورة للمبنى، بعد أن شوهدت سحب دخان تتصاعد على مسافة من مبنى الكونغرس.
الشرطة المُكلفة بحراسة الكونغرس أشارت، في بيان، إلى أنه تم إغلاق المبنى بشكل مؤقت، وأنه تم نُصح أعضاء الكونغرس وموظفيه بالتزام أماكنهم، بينما يجري تحري الأمر.
من جهتها، قالت إدارة الإطفاء الأميركية، على «تويتر»، إن فرقها أخمدت حريقاً في مكان مفتوح قرب مجمع الكابيتول، منوهة إلى عدم وجود إصابات، لكن كان هناك دخان رآه كثيرون.
فيما نقلت وكالة أسوشييتد برس عن مسؤولين محليين تأكيدهم أن حريقاً اندلع في عدة مبانٍ، وتم إخلاء مبنى الكونغرس بدافع الحرص والحذر.
copy short url   نسخ
21/01/2021
351