+ A
A -
الدوحة - قنا - تتجه أنظار العالم اليوم نحو العاصمة الأميركية واشنطن، حيث ستجري مراسم حفل تنصيب جو بايدن الرئيس الأميركي السادس والأربعين المنتخب، وسط أجواء سياسية وإجراءات أمنية غير مسبوقة تشهدها واشنطن وعواصم الولايات المتحدة الأميركية الخمسين أيضا.
وتأتي هذه الإجراءات بعد الأحداث التي تسبب بها أنصار الرئيس دونالد ترامب المنتهية ولايته باجتياحهم مبنى الكابيتول مقر مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، وانتهت بمقتل خمسة أميركيين بينهم امرأة ورجل شرطة وجرح آخرين واعتقال العشرات.
وفي هذه المناسبة، اعتاد الآلاف من الأميركيين الحضور احتفالا بها ويعتبرونها عيدا وطنيا يحتفلون به كل أربع سنوات، ولكنهم في هذه المرة لن يتمكنوا من الاقتراب من مقر الاحتفال وربما لن يتمكن الراغبون في القدوم إلى واشنطن من دخولها.
وتبدو العاصمة الأميركية، التي تعج بنحو 25 ألفا من رجال الحرس الوطني وأعداد أخرى من رجال الشرطة المحلية وعناصر الشرطة السرية، كمنطقة خضراء كما أشار رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب النائب الديمقراطي آدم شيف، الذي قال أن ما يحدث يذكّره «بزيارة المنطقة الخضراء في بغداد ورؤية كثير من الجنود والحواجز».
وباتت مداخل العاصمة الأميركية مؤمنة بالكامل بنقاط وحواجز الحرس الوطني والشرطة، بعد تقارير استخباراتية عن خطط تستعد لتنفيذها مجموعات من أنصار ترامب للهجوم بالأسلحة والعبوات الناسفة على مقر احتفال التنصيب، فيما أجرى الحرس الوطني تدريبات خاصة لإحباط تلك الخطط والتي يقف وراءها ما بات يعرف هناك بـ «الإرهاب المحلي».
وفي موازاة تلك الإجراءات الأمنية الهائلة، تتوالى تفاعلات المسارين السياسيين الداخليين وأولهما المسار المتعلق بمحاكمة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب والخيارات المحدودة أمامه لتفادي قرار العزل الذي سيحرمه حتى لو صدر بعد خروجه من البيت الأبيض من تولي أي عمل يتعلق بالشأن العام، ومن خياراته التي يدور حولها الجدل إصداره عفوا رئاسيا عن نفسه خلال الساعات المتبقية من ولايته. وسيكون آخر عمل لترامب غدا الأربعاء بصفته رئيسا للولايات المتحدة الأميركية كما تفيد المصادر، هو استخدامه طائرة الرئاسة الأميركية لمغادرة واشنطن متجها إلى منتجعه الخاص بولاية فلوريدا لكي يتجنب «تقديم طلب» يوم تنصيب غريمه بايدن الذي أعلن أنه لن يحضره، لاستخدام الطائرة باعتباره صار«رئيسا سابقا».
أما المسار السياسي الثاني، فهو استعداد بايدن لمباشرة مهام مسؤولياته فور الانتهاء من مراسم حفل التنصيب، وعلى رأسها التوقيع على نحو اثني عشر مرسوما تنفيذيا في اليوم الأول تليها عشرات من المراسيم خلال الأيام والأسابيع الأولى لرئاسته.
ومن شأن معظم تلك المراسيم التنفيذية إلغاء قرارات اتخذها الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب. وتشمل الأوامر، وفقا لما ذكره رئيس موظفي البيت الأبيض الجديد رون كلاين، إعادة الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ، وإنهاء حظر السفر المفروض على دول ذات أغلبية مسلمة، ووقف عمليات الإخلاء ومدفوعات قروض الطلاب أثناء تفشي فيروس كورونا، والإلزام بارتداء الكمامات في جميع المقار الفيدرالية.
وتدخل هذه المراسيم الرئاسية ضمن صلاحيات الرئيس ولا حاجة لموافقة الكونغرس عليها.
أما أول قرارات بايدن التي سيحتاج فيها إلى موافقة الكونغرس، فستكون كما أعلن في وقت سابق، فهو إصدار قانون بتقديم حزمة إغاثة بقيمة 1.9 تريليون دولار تدفع مباشرة للأميركيين المتضررين من جائحة فيروس كورونا، تليها في الأسابيع المقبلة خطة استثمارات من أجل إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد، ثم إصدار قانون خلال أول 100 يوم له في منصبه لإقرار خطة تؤمن الحصول على الجنسية لملايين المهاجرين غير الشرعيين الموجودين حالياً في الولايات المتحدة.
أما على الصعيد الدولي، فتبدو ملامح السياسة الخارجية لإدارة الرئيس المنتخب من خلال تصريحات سابقة لبايدن تتناول في معظمها ترميم الصدوع التي أحدثها ترامب في العلاقات الأميركية الخارجية، وخاصة علاقاتها مع اتفاقيات ومؤسسات الأمم المتحدة وعلاقات واشنطن بشركائها في حلف شمال الأطلسي الناتو - والاتحاد الأوروبي وإلغاء قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
وتشير التعيينات التي اتخذها بايدن سواء لعناصر فريقه الرئاسي في البيت الأبيض أو في طاقم وزارة الخارجية إلى ملامح السياسة الخارجية الأميركية في عهدها الجديد.
فقد اختار بايدن يوم السبت الماضي الدبلوماسية المخضرمة ويندي شيرمان، التي كانت عضوا رئيسيا في فريق المفاوضات حول الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، لشغل ثاني أعلى منصب في وزارة الخارجية. كما رشح بايدن فيكتوريا نولاند، التي كانت أكبر دبلوماسي أميركي في أوروبا وسفيرة لدى حلف شمال الأطلسي ومتحدثة باسم وزارة الخارجية، لمنصب وكيل الوزارة للشؤون السياسية. وسيعمل أنتوني بلينكن، الذي اختاره بايدن لمنصب وزير الخارجية على إصلاح الأضرار التي ألحقها ترامب بسياسة بلاده الخارجية، وفي مقدمتها العودة إلى اتفاقية باريس للمناخ وإلى عضوية منظمة الصحة العالمية، وإنعاش الاتفاق النووي مع إيران الذي شارك بلينكن في صياغته إلى جانب جون كيري وزير الخارجية في عهد الرئيس باراك أوباما، الذي عينه بايدن في منصب موفد الرئيس الأميركي الخاص لشؤون المناخ.
copy short url   نسخ
20/01/2021
329