+ A
A -
القاهرةـ السعيد يس
ستظل الاغنيات القديمة التي تغني بها كبار المطربين عن الحج هي الخالدة.. فمنذ أن غنت أم كلثوم «الى عرفات الله» وغنت ليلى مراد «يارايحين للنبي الغالي» وغيرهما من الكبار لم تنجح أغنية حديثة... تراجعت خلال العقود الماضية الأغنيات التي تعبر عن الحج وطقوسه، واكتفى القائمون على الأغنية بما تم تقديمه من أغنيات شهيرة، وتولت الإذاعة المصرية منذ العام 1938 زمام المبادرة في إنتاج إغنيات عن الحج، وكانت باكورة انتاجها اغنية «محمل الحجاج» من كلمات بديع خيري، وأسندت إدارة الإذاعة تلحينها وغناءها للمطرب والملحن الجديد آنذاك فريد الأطرش الذي قبل التحدي، وقدم واحدة من اخلد اغنيات الحج، وأعادت شقيقته اسمهان تسجيل الاغنية وقدمتها الاذاعة في سهرة الجمعة 1 سبتمبر 1939، باسم «عليك صلاة الله وسلامه» وهو الشطر الاول من البيت الاول في الاغنية والذي يتكون مذهبها من الأبيات التالية: عليك صلاة الله وسلامه، شفاعة يا جد الحسنين، ده محملك رجعت ايامه، هنية واتهنت به العيد.
واللافت أنه ظهرت أغنيات لا عدد لها قبل هذه الأغنية وبعدها، فغيب معظمها النسيان والضياع، وحدها «محمل الحجاج» بصوت اسمهان بعد ضياع تسجيلها بصوت فريد، واغنيات قلائل تتردد في الاسماع حتى ايامنا هذه ومن ثم تستعصي على النسيان، وتوالى إنتاج الاذاعة من اغنيات الحج فيما تبقى من اعوام الثلاثينيات وعلى امتداد الاربعينيات من القرن الماضي. ولا يوجد بالاذاعات العربية عملا يعبر عن الحالة التي يكون عليها الحجيج كتلك التي وصفت في أغنية ام كلثوم «الى عرفات الله » والتي وصفت رحلة الحج منذ بدايتها وحتى عودة الحجيج ..
وقال الباحث والمؤرخ محمود الحنفي إنه لا يُعلم على وجه التحديد متى ألف المصريون اغنيات عن الحج، ولكنه يمكن القول إن تلك الاغنيات واكبت ظهور المحمل في المجتمع المصري، والمحمل هو هودج يحمل على ظهر فحل من الابل، وتكون بصحبته كسوة الكعبة المشرفة ونفقات الحرمين الشريفين، وتقول المصادر التاريخية إن أول ظهور للمحمل كان 675 هجرية «1277 ميلادية» خلال سلطنة الظاهر بيبرس البندقداري، وقد ألف الناس الاستماع الى الموشحات والأدوار والمدائح النبوية من المنشدين عند رحيل الحجاج وعقب قدومهم، واستمر الأمر على ذلك حتى بزوغ عصر الإرسال الإذاعي مع افتتاح محطة الاذاعة الحكومية في 31 مايو 1934، عندما بدأت الاذاعة تقديم اغنيات عن الحج، ولما كانت شركة مصر للتمثيل والسينما تمتلك من الامكانيات الفنية ما يمكنها من الانتاج الغنائي وهو ما جعل انتاجها الاول يجيء متمثلاً في فيلم «وداد» لأم كلثوم وكان عرضه الاول في 10 فبراير 1936 فإن الشركة وبحس تجاري راق سخرت تلك الامكانيات لإنتاج مجموعة من الاغنيات عن الحج، واستعانت ببعض الملحنين من ذوي النشأة الدينية مثل زكريا أحمد وأحمد عبدالقادر ومحمد الكحلاوي لتلحين تلك المجموعة من الأغنيات، بل إن أحدهم وهو محمد الكحلاوي نهض بتأليف وتلحين وغناء واحدة من تلك الاغنيات، وهي اغنية «اشتياق الحجاج» التي اذيعت في 26 ابريل 1936. وبلغ اهتمام الشركة بما انتجت من اغنيات عن الحج حد أنها ضمنت أول حفلة غنائية نقلتها الاذاعة مساء الثلاثاء 5 يناير 1937 تحت مسمى حفلة بنك مصر الموسيقية، مجموعة اعمال غنائية تناولت شعائر الحج، وضمت انشودة «ذهاب الحجاج» لبديع خيري وزكريا احمد وغناء نجاة علي التي غنت أيضاً موال «سيري يا زمزم» و«ياللي انت رايح تحج البيت» و«عودة الحجاج»، وغنى أحمد عبدالقادر «قيام المحمل» و«فوتنا الحبايب والخلان» و«سفر المحمل»، وكارم محمود «يا مسعد الحجاج» و«يا هناه»، وغنى ولحن سيد مصطفى «حنين الحجاج»، وغنت ولحنت لورد كاش «هذا الحجيج اقبل»، وسعاد رأفت «مبروك عليك يا اللي حجيت»، ومديحة عبدالحليم «ياريتني معاك»، وشهدت اربعينيات القرن الماضي ذروة انتشار الافلام الغنائية، وتسبب الاقبال الهائل على تلك الافلام في تعدد ما كان يقدم فيها من انواع الغناء، وكان الغناء الديني على رأسها سواء أكان موضوع الفيلم دينياً او دنيوياً، ويعد فيلم «أفراح» الذي عرض 1 مايو 1950 اول فيلم تضمنت احداثه اغنية عن الحج، وغنت فيه نور الهدى «مبروك يا حج وعقبالنا» من كلمات حسن توفيق ولحن عبدالعزيز محمود، وجاء فيلم «الصبر جميل» الذي عرض في 10 ديسمبر 1951 الثاني في قائمة الافلام التي تضمنت اغنيات عن الحج، وغنى فيه محمد الكحلاوي من ألحانه أغنية «الحج»، وهو ما حفز ليلى مراد على تقديم اغنيتها الشهيرة «يا رايحين للنبي الغالي» في فيلم «بنت الاكابر» 1953، واكتسبت اغاني الحج جماهير عريضة عندما تجلت على شاشات دور العرض السينمائي، وقدمت أغنيات «مع السلامة» لرقية العطار، و«يا رسول الله» لابراهيم حمودة، و«من كل واد بعيد» لبرلنتي، و«يارب يا رحمان» لعباس البليدي.
copy short url   نسخ
08/09/2016
2525