+ A
A -
صبيحة الجمعة، اعتدت أنا وصديقاتي أن نصحو ونسارع للجلوس مع بعضنا عبر الهواء- كما يقال – فكل واحدة منا تقطن في بلد يبعد فقط بالمساحات الجغرافية، ولكننا نتجاوزه بلقاءاتنا الدائمة.
حملتنا أطراف أحاديثنا إلى كل الأماكن التي نرغب أن نزورها، وربما كانت أجمل المحطات في ذلك اليوم حينما حملتنا إلى سنوات الدراسة الأولى، فقالت إحداهن:«كانوا يقولون عني أنا أجمل الفتيات على الإطلاق»... وبدأت العبارات تدور حول معالم جمالنا.. فمنا من كانت صاحبة أجمل جدائل شعر ناعمة، ومنا من تباهت بأنها صاحبة أجمل ضحكة... وحدث ولا حرج عن الجمال الذي حاولت كل واحدة منا ترجمته بأجمل العبارات، ليس هذا فحسب بل لقد أرفقنا الجمل بصورنا محاولات إثبات ما نذكره...
.. وفي لحظة، حدث ما لم يكن في الحسبان... حينما بدأت الصور تظهر معالم مختلفة عما كنا نعرف... فقالت إحداهن: «قد كنا سابقًا... ولكن مع التجميل، تغيرت الكثير من معالمنا الحقيقية»، في تلك اللحظة سألتني صديقتي:«متى ستقتنعين بعمليات التجميل، وتجربين إحداها»...لتتابع الأخرى: «هل ستبقين محتفظة بالموضة القديمة»... ضحكت محاولة الهروب من أسئلتهن بلطف وأدب... إلا أن سؤال صديقة العمر أثار حفيظتي، حينما بادرت مستهزئة:«صديقتكم تؤمن بمعايير جمال جدتها وأمها»...
هنا شعرت بالغضب، ولم أتمكن من الصمت، فأجبت باختصار وبصوت يحمل الحزن من الاستهزاء الذي طالني:«ومن حدد لنا معايير الجمال، ومن أخبركن أن لنبقى جميلات، نحتاج نفخ الخدودوالشفاه، وإخفاء معالم العمر الحقيقية... المرأة كالورد لا يعيبها أن تقتص منها أشعة الشمس، فتزيل قليلاً من وريقاتها، والورد يبقى وردًا، فائحًا بالعطر والطيب، حتى لو طال اليباس جمال الورد ورقته، الورد يبقى وردًا، وعلى الرغم من فقدانه للقليل من جماله، إلا أننا نخبئه في صفحات كتبنا لنعود له نتنشقه، ليعيد لنا أجمل الصور في عيوننا وأجمل إحساس».
وهكذا «أنا» أود أن أحتفظ بنفسي كما أنا، كأمي وجدتي، فلا بأس بقليل من التجاعيد تحوم حول عيوني لتخبرني أنني مررت بمراحل من فرح أو حزن تركت أثرًا على وجهي، ولا بأس أن أعيش كل مراحل الجمال... فلكل عمر جماله الخاص.... ثم هممت بإحضار صورة قديمة لنا وأرسلتها إلى قروب صديقاتي قائلة: «هل تعرفن أنفسكن، الجمال ليس له موضة، وليس له معايير، الجمال هو أن نبقى كما نحن نشبه وجوهنا القديمة، نحتفظ بمعالم وقسمات سرقناها من جمال وجوه أمهاتنا وجداتنا، وهل هناك أجمل من الأصل دون تقليد»..
ربما سأبقى أعيش في قالب أمي وجدتي، وربما لن أنضم إلى قافلة جميلات هذا الزمن، ولكن يكفيني أنني ما زلت حقيقية، وما زلت أنا كما أنا في زمن الزيف... ربما لن أكون أجملكن... ولكنني جميلة كما خلقني الله.
copy short url   نسخ
05/12/2020
794