+ A
A -
محمد أحمد بنيس كاتب مغربي
يحفل تاريخ كرة القدم بأسماء لاعبين أفذاذ باتوا جزءا من الذاكرة الكروية الكونية، غير أن قليلين منهم نجحوا في الاشتباك بالمخيلة الجماعية لشعوبهم، والتحوّلِ إلى رموزٍ وأيقوناتٍ شعبيةٍ بعد أن تعدّى تأثيرهم رقعة الملاعب، وما كان ذلك ليتحقق من دون قدر من الدراما الذي طبع مسار هذا اللاعب أو ذاك. ودييغو أرْماندو مارادونا، الذي رحل الأسبوع الماضي عن 60 عاما، كان من بين هؤلاء، فقد نجح في أن يحوز مكانة خاصة في الوجدان الشعبي الأرجنتيني. ولم يتأتّ له ذلك، فقط، بسبب منجزه الكروي، بقدر ما تأتّى، أيضا، بسبب ما شهدته حياته الخاصة من صخبٍ غذّاه فائضُ النجومية الذي تحوّل، بمرور السنين، إلى عبء نفسي وصحي ثقيل رافقه حتى وفاته.
شكل مونديال 1978، الذي نُظم في الأرجنتين، فرصةً بالنسبة لمارادونا لإثبات موهبته، لكن صدمته كانت كبيرة بعد استبعاد المدرب مينوتي له بسبب صغر سنه. وربما كان استبعاده من حسن حظه، فقد ظلت شبهةُ عدم أحقية فوز منتخب بلاده بالكأس تلاحق لاعبيه بسبب ما شاع، آنذاك، بشأن «المستحيل» الذي فعلته الطغمةُ العسكرية الحاكمة لتُبيّض سجلها الحقوقي الأسود، من خلال فوزٍ غير مستحق.
لم يمنح مارادونا بلاده كأس العالم (1986) فقط، بل أعاد إليها ما يشبه الاعتبار الرمزي بفوز منتخب بلاده، في مباراة تاريخية، على إنجلترا التي هزمت الأرجنتين في حرب المالوين (1982). ولم يعد مارادونا، بعد 1986، مجرّد لاعبٍ موهوبٍ منح بلاده كأسا عالمية مستحقة، بل بات بطلا شعبيا.
لم تقتصر رمزية مارادونا على بلده، فخلال لعبه في نادي نابولي أصبح رمزا للعصامية، وجزءا من الوجدان الشعبي للنادي والمدينة التي تنتمي للجنوب الإيطالي الفقير. وتستحضر الذاكرة الشعبية المحلية معاركَ إعلاميةً خاضها مارادونا ضد بعض مراكز النفوذ الكروي والرياضي في إيطاليا. ويرى بعض محبّيه أن سقوطه في فخ المخدّرات كان مؤامرة محكمة نصبتها له هذه المراكز.{ العربي الجديد
copy short url   نسخ
04/12/2020
184