+ A
A -
كتب محمد الجزار
"Adi?s»..Diego Maradona» أو وداعا مارادونا " ...
لكل بداية نهاية.. ولكل قصة فصول أخيرة لا بد أن تروى، وتكتب سطورها كاملة ‏حتى ولو كانت بالدموع.‏
رحل دييجو.. وبكت كرة القدم أحد أبرز من أنجبتهم على مر تاريخها فكانت ‏الصدمة التي أكمل معها عام 2020 ضرباته الموجعة لكل البشرية.‏
توفي أسطورة كرة القدم الأرجنتينية عن عمر 60 عامًا، جراء سكتة قلبية في ‏ضواحي العاصمة بوينوس أيريس، ليودع عشاقه، ومن ارتبط حبهم لكرة القدم باسم ‏دييجو أرماندو مارادونا.. ‏
من يمكن أن ينسى مونديال 86، وحكاية نادي مدينة الجنوب «نابولي» الذي سطر ‏معه مارادونا أجمل الحكايات، وترك لمشجعيه ذكريات لا تنسى بعدما صنع المجد ‏ووضع النادي في مصاف الكبار بإيطاليا وألمانيا.‏
وفاة مارادونا جاءت نتيجة سكتة قلبية، بعد فترة من الصراع مع المرض منذ مطلع ‏نوفمبر الجاري حيث خضع لجراحة في دماغه ورغم خروجه من المستشفى إلا أن ‏حالته تدهورت ليرحل عن دنيانا ويبكي العالم بأسره‏‎.
وفيما أعلن الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديس فورًا الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام، تسابق نجوم الكرة العالمية لرثاء دييجو والنحيب على رحيله، بعد أن هز خبر ‏وفاته هزّ العالم بأسره.‏
صراع من المرض ‏‎
ومنذ فترة ليست بالقصيرة ومارادونا يعاني من مشاكل صحية، كادت بعضها ‏تودي بحياته، وكانت البداية عام 2000 عندما أصيب بنوبة قلبية بعد جرعة زائدة ‏من المخدرات في مدينة بونتا ديل إستي الساحلية، خضع بعدها لعلاج طويل في ‏كوبا‎.
وفي عام 2004، عندما كان وزنه أكثر من 100 كيلوغرام، تعرض لنوبة قلبية ‏أخرى في بوينوس آيرس، لكنه نجا.‏
‏ ثم خضع لعملية جراحية في المعدة سمحت له بانقاص وزنه 50 كيلوغراماً‎.
وفي 2007 أسفر تعاطيه المفرط للكحول عن نقله إلى المستشفى‎.‎
رحلة الأسطورة ‏
وكالة الأنباء الفرنسية تحدثت عن رحلة الأسطورة في تقرير مطولة أكدت فيه أن ‏مارادونا لم يكن نجمًا رياضيًا «خارقًا» وحسب، فهو ليس مثل بيليه أو بكنباور أو ‏دي ستيفانو، فهؤلاء شرّفوا ملاعب كرة القدم العالمية بفنهم الرفيع وهو جاراهم ‏تماما في ذلك، لكنه تفوق عليهم حتما في احتلال العناوين العريضة في صفحات ‏الصحف إنما لأسباب اخرى لا يمكن وضعها دائما في خانة الايجابيات‎.‎
وقال التقرير: «لقد شغل مارادونا العالم بمواهبه ومشكلاته وحتما سيتذكره الجميع ‏بأنه ذلك اللاعب الذي ربح العالم بعبقريته وخسر نفسه بسبب المخدرات وابتعد عن ‏ملاعب كرة القدم مرغمًا، بعدما خدّر هذا المنشط أسلوبه وفنه ونقله من أمام مرمى ‏كرة القدم إلى رهبة القضاة والمحاكم وأروقة المختبرات الطبية‎.‎
المونديال.. أمل وخيبة ‏
مرّ مارادونا الذي اختير رياضي القرن في الأرجنتين، في علاقاته مع بطولات ‏كأس العالم بشتى المراحل بحلوها ومرّها على مدى 16 عاما، فقد قال بعمر ‏السابعة عشرة: لدي حلمان، الأول أن أشارك في كأس العالم والثاني أن أحرزها.‎
بدأت علاقة الولد الذهبي للكرة الأرجنتينية بالمونديال بخيبة أمل عندما تجاهله ‏المدرب سيزار لويس مينوتي لدى اختيار تشكيلته الرسمية لمونديال عام 1978 ‏لصغر سنه وافتقاده إلى الخبرة‎.‎
مونديال 82‏
شارك في مونديال إسبانيا 82 للمرة الأولى وكانت فرصة له للتعويض عما فاته في ‏كأس العالم السابقة. ولأن الأرجنتين كانت حاملة اللقب، سلطت الأنظار عليها ونال ‏مارادونا قسطا من الاضواء خصوصا أنه كان وقع عقدًا للانتقال إلى برشلونة ‏الاسباني‎.‎
وعلى الرغم من تسجيله هدفين، فإن حادثة طرده في المباراة ضد البرازيل في ‏الدور الثاني بقيت عالقة في الاذهان‎.‎
مونديال مارادونا ‏
بلغ مارادونا الذروة عام 86 في مونديال مكسيكو عندما قاد منتخب بلاده إلى اللقب ‏الثاني بعد 1978‏‎.‎
يمكن إطلاق اسم مونديال مارادونا على كأس العالم 86 لأن النجم الأرجنتيني طبع ‏البطولة بطابعه الخاص وكان عزفه المنفرد مفتاح الفوز‎، حيث افتتح مارادونا رصيده من الأهداف بهدف جميل في مرمى إيطاليا وقد خرج ‏المنتخبان متعادلين 1-1‏‎.‎
وفرض مارادونا نفسه ايضا في المباراة ضد بلغاريا (2-صفر) ومرر كرة حاسمة ‏إلى زميله خورخي بوروتشاغا. وساهم ايضا في الفوز على الاوروغواي 1-صفر ‏في الدور الثاني لكنه ادخر أفضل ما لديه للأدوار التالية‎.‎وكانت المباراة ضد انجلترا مشهودة لانها اتخذت طابعا سياسيا من جراء حرب ‏المالوين بين الدولتين وقد سبقتها حرب كلامية بين المعسكرين‎.‎
انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي، وفي مطلع الشوط الثاني سجل ‏مارادونا هدفا بيده في مرمى الحارس بيتر شيلتون فاحتج الإنجليز طويلا، لكن ‏الحكم التونسي علي بن ناصر لم يكترث وأصر على احتساب الهدف. ‏
واعترف مارادونا بعد المباراة بأنه استعمل يده للتسجيل معتبرا أنها «يد الله» بحسب ‏قوله‎.‎
أجمل هدف ‏
وبعد أربع دقائق سجل مارادونا أجمل هدف في تاريخ كؤوس العالم، إذ قام ‏بمراوغة ستة لاعبين إنجليز، بمن فيهم الحارس قبل أن يودعها في شباكهم‎.‎
وتقابلت الأرجنتين مع بلجيكا في نصف النهائي وقد وقف دفاع الاخيرة عاجزا عن ‏ايقاف العبقري الأرجنتيني الذي سجل هدفين في منتهى الروعة من مجهودين ‏فرديين فاتحا الطريق أمام منتخب بلاده لخوض المباراة النهائية‎.‎
وفرضت رقابة لصيقة على مارادونا في النهائي وتقدم منتخب بلاده 2- صفر ثم ‏ادركت المانيا الغربية التعادل 2-2 قبل النهاية بنحو 13 دقيقة، ولان مارادونا كانت ‏له اليد في معظم أهداف منتخب بلاده فإنه مرر كرة امامية إلى بوروتشاغا الذي ‏انفرد بالحارس الالماني وسجل هدف الفوز 3-2‏‎.‎
دموع 90 ‏
في مونديال ايطاليا 90، ذرف مارادونا دمعة شهيرة بعد خسارة النهائي أمام المانيا ‏الغربية. آنذاك قاد منتخب بلاده تقريبا بمفرده، قبل أن يسقط فريقه بركلة جزاء ‏متأخرة لاندرياس بريمه‎.‎
ودّع مارادونا المونديال من الباب الضيق بسبب حادثة المخدرات التي كان بطلها ‏في مونديال الولايات المتحدة 94‏‎ بعد ‏ثبوت تناوله منشطات من خمس مواد ممنوعة، فسحبه الاتحاد الأرجنتيني من ‏صفوف المنتخب قبل أن يوقفه الاتحاد الدولي 15 شهرا‎.‎
أزمات مع الإعلام ‏
كانت لمارادونا مواجهة دائما مع الصحفيين والإعلاميين إلى حد انه شبه حاله ‏عندما كان يواجه ضغطا من هؤلاء بالحال التي كانت عليها الليدي ديانا اميرة ويلز ‏التي قضت في حادث، ورأى أن الصحفيين تخطوا حدودهم معهم‎.
وكان سقوط مارادونا في وحول المخدرات إيذانا بإعلان نهاية مسيرة الولد الذهبي ‏على الصعيد الدولي ليخرج بالتالي من الباب الضيق‎.‎
copy short url   نسخ
26/11/2020
1751