+ A
A -
تحت عنوان «وزير خارجية بايدن الجديد مستعد لتولي زمام أمور الشرق الأوسط»، نشر موقع «المونيتور» الأميركي تقريراً عن خيار الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لأنتوني بلينكن كوزير للخارجية وخلف لمايك بومبيو المعروف بأنّه أحد صقور الإدارة الأميركية.
وأوضح «المونتيور» أنّ بايدن كلّف بلينكن (58 عاماً)، الذي يُعدّ «مساعداً مؤتمناً»، بإعادة تثبيت موقع الولايات المتحدة الأميركية على الساحة العالمية.
وتابع الموقع قائلاً إنّ بلينكن عمل إلى جانب بايدن لمدة عقديْن من الزمن تقريباً، حيث بدأ العمل مع الرئيس المنتخب إبان توليه رئاسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.
وأضاف «المونيتور» بالقول إنّ بلينكن شغل منصب مجلس الشيوخ، وانضم إلى فريق عمل بايدن عندما كان نائباً للرئيس، كما كان بلينكن نائب مستشار الأمن القومي ونائب وزير الخارجية في عهد الرئيس باراك أوباما من العام 2015 حتى 2017. وفي عهد الرئيس بيل كيلنتون، تولى بلينكن كتابة خطاباته المتعلقة بالسياسة الخارجية، هذا وتولى بلينكن منصب كبير مستشاري السياسة الخارجية لبايدن خلال الحملة الرئاسية.
ومن المتوقع أن يقود بلينكن الخارجية الأميركية في وقت تشتعل فيه حروب أهلية فتاكة في ليبيا واليمن وسوريا، وبالتزامن مع تمثيل تنظيم «داعش» تهديداً متزايداً، ومع بقاء الخلاف بين الدول الخليجية من دون حل، بحسب ما رأى الموقع. وبيّن الموقع أن بايدن سيشرف على سياسة خارجية مختلفة بشكل جذري بالمقارنة مع بومبيو، موضحاً أنّ بلينكن تعهّد بقلب مفاعيل سياسة «أميركا أولاً» التي تبناها سلفه.
ورجح الموقع أن يشكل إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني إحدى أولويات سياسة إدارة بايدن الخارجية الأساسية، مذكراً بأنّ الرئيس الأميركي المنتخب دعا إلى العودة إلى الاتفاق إذا ما عاودت إيران الامتثال لبنوده.
توازياً، حذّر «المونيتور» من أنّ الإدارة العتيدة ستواجه لائحة طويلة من التحديات في سوريا، مشيراً إلى بلينكن- الذي لعب دوراً بارزاً في بلورة قرار الانسحاب الأميركي من العراق في عهد أوباما- انتقد خطوة ترامب العام الماضي القاضية بسحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، حيث نبّه من أنّها تقوّض المصداقية الأميركية.
وفي حديث مع شبكة «سي بي أس» في أيار الفائت، قال بلينكين إنّ بلاده فشلت في «منع وقوع خسائر مروعة في الأرواح» في سوريا وفي «منع النزوح الجماعي»، مشيراً إلى أنّه يستيحل أن يتخيل بايدن يطبع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد.
على مستوى اليمن، لفت الموقع إلى أنّ بايدن تعهد بإنهاء الدعم الأميركية للحملة العسكرية في اليمن، مضيفاً بأنّ بايدن وغيره من المسؤولين السابقين في إدارة أوباما وقعوا على رسالة مفتوحة دعوا بموجبها إدارة ترامب إلى وقف الدعم لهذه الحملة.
في ما يختص بمصر، فسبق لبلينكين أن اتهم ترامب بتقويض «مكانتنا (الولايات المتحدة) الأخلاقية عالمياً وقدرتنا على القيادة» من خلال علاقته بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي.
على صعيد الاحتلال الإسرائيلي، لفت «المونيتور» إلى أنّه سبق لبلينكن أن تحدّث عن «التزام (بايدن) الراسخ» بأمن «إسرائيل»، مضيفاً بأنّه تساءل مؤخراً عما إذا ستؤدي صفقة طائرات الـF-35 الإماراتية إلى تقويض التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي. وفي حديث مع صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، قال بلينكن إنّ بايدن يؤمن أنّ «وطناً آمناً لليهود في إسرائيل يمثّل الضمانة الفضلى والوحيدة لضمان عدم خضوع الشعب اليهودي للتهديد بالدمار مجدداً»، إلى ذلك، قال بلينكن إنّ بايدن سيحرص على إبقاء الخلافات مع «إسرائيل» «طي الكتمان».
من جهتها، اعتبرت الصحافية المتخصصة بالشؤون الأميركية جويس كرم أنّ بلينكن يُعد خياراً نقيضاً لبومبيو، مشيرةً إلى أنّه يُعرف بأنّه براغماتي ودبلوماسي وغير تصادمي في آرائه التي يحتفط بعدد كبير منها لنفسه، كما أوضحت كرم أنّ بلينكن- عازف الغيتار- لم يكشف حتى اليوم عن طموحات رئاسية (تحدّثت تقارير عن نية بومبيو الترشح في العام 2024)، لافتةً إلى أنّه «معسول اللسان»، ويتبنى «مقاربة إنسانية» في ما يتعلق بقضايا اللاجئين، كما أنّه من أشد منتقدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تنتظر بلينكن مهمة صعبة لإصلاح العلاقات مع حلفاء تقليديين للولايات المتحدة التي تعرضت لهزة في عهد دونالد ترامب، وهو فضلاً عن كونه دبلوماسيا مخضرما يملك شغفاً بآلة الغيتار وميولاً تدخلية. وعلى بلينكن الفرانكوفوني الذي يعمل منذ وقت طويل مستشاراً للرئيس المنتخب، أن يردم الهوة التي خلفتها إدارة ترامب.
وبحضور يوصف باللائق والأنيق، يبدو بلينكن الفرانكوفوني البالغ من العمر 58 عاماً نقيض سلفه مايك بومبيو، الأكثر خشونة.
ويقول صديقه منذ الطفولة روبرت مالي الذي يدير مركز الأزمات الدولية «لا يمكن للمرء أن يكون أشدّ لطفاً وتواضعاً وتكتماً منه»، مضيفاً «لا أحد يذكر أنه رآه قط في نوبة غضب أو فاقداً لأعصابه».
أعرب بلينكن الذي كان مساعداً في وزارة الخارجية في عهد أوباما مراراً في السابق عن تأييده لتدخل عسكري أميركي في سوريا تحت عنوان حماية حقوق الإنسان.
وحذر أكثر من مرة من أن «القوى العظمى لا تخادع» في إطار حديثه عن الملف السوري الذي قرر أوباما التدخل فيه بشكل محدود في نهاية المطاف.
لكن قرار إدارة أوباما ترك شيئاً من المرارة في صدر بلينكن الذي قال في مايو في مقابلة مع محطة سي بي إس «لقد فشلنا في منع وقوع كارثة إنسانية مريعة»، مضيفاً «هذا أمر لن أنساه أبداً».
يعود تمسكه بحماية حقوق الإنسان خصوصاً من قصة زوج والدته سامويل بيسار الذي كان من بين أصغر الناجين سناً من محرقة اليهود.
واستقرّ هذا المحامي المختص بالعلاقات بين الغرب والاتحاد السوفياتي، المولود في بولندا، مع عائلته في باريس، حيث تلقى أنتوني بلينكن تعليمه في مدرسة جانين مانويل العريقة، فيما كانت الولايات المتحدة تخوض حرب فيتنام.
يروي صديق طفولته روبرت مالي أن «توني، كأميركي، كان متمسكا جداً بقيمه وهويته، لكن كونه كان يعيش في بلد غريب، كان مرغماً على رؤية العالم من هذا المنظور، في حقبة لم تكن فيها الولايات المتحدة بالضرورة تحظى بشعبية كبيرة».
والد بلينكن البيولوجي مصرفي أعمال كبير، أما والدته جوديث بيسار فقد أدارت لسنوات المركز الأميركي في باريس، وهي مؤسسة ثقافية وفنية.
في باريس، بدأ شغف بلينكن بالموسيقى. هناك خاض غمار الجاز ونما حبه للروك، لدرجة أنه كتب على صورته في كتاب التخرج من الثانوية جملة من أغنية لفرقة الروك البريطانية الشهيرة «بينك فلويد».
رافقه هذا الشغف إلى واشنطن، حيث لعب الغيتار في فرقة كانت تستعيد أغاني كلاسيكية لفرقة «بيتلز»، واستغل وقت فراغه خلال فترة الوباء لتأليف أغانيه الخاصة، التي لاقت نجاحاً نسبياً.
ويستمع ما متوسطه 50 شخصاً في الأسبوع على منصة «سبوتيفاي» لأغنيتي «أب بلينكن»، اسمه «الفني»، اللتين تندرجان في إطار موسيقى الروك يؤديها بصوته.
تلقى أنتوني بلينكن تعليمه في جامعة هارفرد، ما مهد له لمسيرة مهنية في مجال المحاماة ومن ثم السياسة، حيث عمل خصوصاً في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ حين كان بايدن عضواً فيها.
وأقرّ خلال مؤتمر في العام 2017 أن قصة زوج أمه الذي نجا من معسكري أوشفيتز وداخاو وتمكن من الفرار، قد أثرت به بشكل عميق.
بعد فراره، اختبأ في غابة ليومين، حيث سمع فجأة صوت دبابة تقترب قبل أن يخرج منها عسكري أميركي. وروى بلينكن «نزل على ركبتيه وقال الكلمات الثلاث التي كان يعرفها بالإنكليزية وتعلمها من أمه: ليبارك الله أميركا»، مضيفاً «رفعه العسكري عن الأرض وأدخله الدبابة - مجازياً كأنما أدخله الولايات المتحدة على طريق الحرية».
وأضاف «هذا هو البلد الذي نشأت فيه، الولايات المتحدة التي تلعب دوراً مضيافاً جدا ًوفريداً ومميزاً».
copy short url   نسخ
26/11/2020
1274