+ A
A -
كتب - محمد الأندلسي
أعرب مراقبون عن تفاؤلهم الكبير بخطة إطلاق سوق للمشتقات في بورصة قطر ضمن عملية تطوير وتعزيز البيئة الاستثمارية للسوق المالية، مشيرين إلى أن هذه الخطوة ستعزز من تدفقات الاستثمارات الأجنبية الواردة للبورصة ، وتساهم في تعميق سيولة السوق وتوسع من خيارات المستثمرين مع تقديم فرص استثمارية جديدة، علاوة على تعزيز مواكبة البورصة المحلية لأفضل وأحدث الممارسات المتبعة في الأسواق والبورصات العالمية.
وتعتبر المشتقات عقودا تتم بين طرفين، تشتق هذه العقود قيمتها من سعر الأصل الأساسي، وهذه العقود مقيدة بوقت وسعر محددين في العقد لتسليم الأصل الأساسي، أو أن تتم التسوية نقدياً في تاريخ مستقبلي. وتستمد المشتقات سعرها من أصل يمكن أن يكون سهما أو مؤشر أو غيره وتنقسم العقود المتداولة في الأسواق المنظمة إلى : أولا : العقود المستقبلية، وهي عبارة عن اتفاق طرفين لشراء أو بيع الأصول في زمن محدد في المستقبل وسعر محدد وثانيا : عقود الخيارات : والتي توفر خياري البيع والشراء في وقت محدد في المستقبل وبسعر محدد، ويمكن لجميع العملاء من المؤسسات والشركات والأفراد التداول في سوق المشتقات.
ووفق التقرير السنوي لبورصة قطر لعام 2019، فإن البورصة بدأت بتنفيذ مشروعين مهمين، أولهما إقامة سوق للمشتقات، وثانيهما العمل على ترقية السوق القطرية من سوق ناشئة إلى سوق متقدمة لدى أهم مؤشرات الأسواق العالمية.
وتباشر إدارة البورصة تطبيق خطة لزيادة الأدوات والمنتجات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين، حيث بحثت مؤخرا إمكانية الإدراج المزدوج لصناديق المؤشرات القطرية في بورصة ناسداك الأميركية. وفي مارس 2018، تم إدراج صندوق مؤشر بورصة قطر (QETF) في البورصة القطرية، وهو أول صندوق مؤشرات متداول (ETF) يدرج في السوق، كما يعد الأكبر على مستوى دول الخليج، ويتتبع المؤشر العام للبورصة ويقيس الأداء السعري لأسهم أكبر 20 شركة قطرية مدرجة وأكثرها سيولة. وفي مارس أيضا من 2018، تم إدراج صندوق الريان قطر المتداول، تحت الرمز «QATR» وهو أكبر صندوق مؤشرات إسلامي مدرج في دولة واحدة، حيث يتتبع الصندوق مؤشر بورصة قطر الريان الإسلامي (السعري) الذي يتألف من الشركات القطرية المدرجة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وتتميز صناديق المؤشرات المتداولة بأنها يمكن شراؤها وبيعها خلال يوم التداول، وأنها أرخص من غيرها من الصناديق المدارة بشكل نشط، كما توفر للمستثمر الفرصة لتداول الأوراق المالية التي قد يكون من الصعب الاستثمار فيها، فعلى سبيل المثال قد تدرج بورصة قطر صناديق مؤشرات متداولة تتبع مؤشرات وأسهم شركات مدرجة خارج دولة قطر، بما يظهر مدى ملاءمة هذه الصناديق لحاجات وتطلعات المستثمرين.
أدوات استثمارية
وقال المستثمر محمد السعدي إن هناك حالة من التفاؤل تسري في أوساط المستثمرين تجاه عملية التطوير المستمرة للبورصة التي تهدف إلى إضافة خيارات استثمارية وأدوات مالية جديدة للمستثمرين مع خطة لترقية السوق المالية من المرتبة الناشئة إلى المرتبة المتقدمة، حيث إن البورصة مدرجة حاليا على مؤشري مورغان ستانلي كابيتال انترناشيونال للأسواق الناشئة MSCI ومؤشر فوتسي للأسواق الناشئة، وقد ساهم ذلك في زيادة منسوب التدفقات الاستثمارية الأجنبية الواردة للبورصة، كما قامت إدارة بورصة قطر مؤخرا بتعزيز معايير الإفصاح والشفافية من خلال إطلاق النظام الجديد للإفصاح الإلكتروني اعتبارا من مطلع شهر أكتوبر الماضي، ويحمل نظام الإفصاح الإلكتروني اسم «منصة إفصاح» ويعتمد بشكل رئيسي على لغة XBRL، وسيتم استخدام هذا النظام للإفصاح عن البيانات المالية (السنوية ونصف السنوية وربع السنوية) والبيانات غير المالية مثل أخبار الشركات وأحداث الشركات غيرها من البيانات الإفصاحية الأخرى المطلوبة من الشركات المدرجة، الأمر الذي يعزز من جرعة ومستويات الشفافية والإفصاح لدى الشركات المدرجة، ويرفع من الجاذبية الاستثمارية للأسهم أمام المستثمرين المحليين والأجانب، ويعتبر نظام XBRL (لغة التقارير المالية الإلكترونية) ثمرة للتوجهات المتزايدة نحو تبني معايير ونماذج عالمية إلكترونية موحدة للإفصاحات المالية.
وأوضح السعدي أن خطة إطلاق سوق للمشتقات في البورصة يعكس مضيها قدما لمواكبة الأسواق العالمية في أنشطتها ومنتجاتها الاستثمارية، كما أن سوق المشتقات سيزيد من منسوب السيولة ويرفع معدلات الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى الأسهم القطرية، مبينا أن تداول المشتقات في البورصة يختلف عن التداول التقليدي، حيث إن المستثمر لا يحصل على عوائد مثل الأسهم المجانية (أسهم المنحة) أو التوزيعات النقدية. وتسمح المشتقات للمستثمرين ببناء مراكز مالية بتكلفة منخفضة، غير أن ذلك ينطوي على جانبين الأول هو إمكانية تحقيق مكاسب كبرى مضاعفة وإمكانية تكبد خسائر أيضا في ظل إتاحة الرافعة المالية التي تعمل على مضاعفة القيمة الشرائية للمبلغ محل الاستثمار، كما تتيح سوق المشتقات إمكانية البيع على المكشوف في العقود المستقبلية.
تعاف من الجائحة
ومن جهته، قال المستثمر يوسف أبو حليقة إن الكثير من المستثمرين لديهم استثمارات بالأسواق والمنصات العالمية في المشتقات المالية مثل المعادن والسلع، وتوفير هذه الخيارات الاستثمارية الجديدة في البورصة القطرية سيعيد حصة من هذه السيولة الخارجية إلى السوق المحلي ويقوم بتوطينها محليا، مما سيرفع من منسوب السيولة في السوق، ويزيد من مستويات التفاؤل لدى المستثمرين ويعزز من جرعة الثقة لديهم، بالإضافة إلى أن زيادة الأدوات الاستثمارية يعزز استقطاب البورصة للتدفقات الاستثمارية الأجنبية سواء المؤسسية والفردية ويزيد من فرصة ترقية السوق القطرية من مرتبة سوق ناشئة إلى مرتبة سوق متقدمة.
ولفت إلى أن البورصة القطرية تعد أكبر سوق ناشئة في الشرق الأوسط وثاني أكبر سوق في المنطقة من حيث قيمة الرسملة السوقية، وقد نجحت البورصة خلال الفترة الماضية في التعافي من تداعيات جائحة كورونا، حيث تقترب من محو جميع الخسائر المسجلة منذ بداية 2020 وتتجه إلى تحقيق أداء إيجابي، فيما يترقب المستثمرون الإدراجات الجديدة في السوق بوصفها المحرك الرئيسي للنشاط، ويأتي ذلك بالتزامن مع قيام المستثمرين المراكز بعمليات بناء مراكز على أسهم تشغيلية وثقيلة منتقاة، بينما حققت الشركات المدرجة في بورصة قطر أرباحا جيدة خلال الأشهر التسعة الأولى من 2020 في ظل جائحة كورونا.
وبلغ إجمالي أرباح الشركات المدرجة في بورصة قطر للفترة المنتهيـة في 30 سبتمبر 2020 (الأشهر التسعة الأولى من 2020) مستوى 23.8 مليار ريال، ويتداول في بورصة قطر 47 شركة موزعة على 7 قطاعات، وهي البنوك والخدمات المالية، والصناعة، والعقارات، والنقل، والاتصالات، والبضائع والخدمات الاستهلاكية، والتأمين.
شروط الإدراج
ومن جانبه، قال المستثمر راشد السعيدي إن خطة إنشاء سوق للمشتقات في بورصة قطر تعكس بوضوح استمرار البورصة في تطوير آلية عملها ومنتجاتها وخياراتها الاستثمارية، ويأتي ذلك بالتزامن مع الشوط الكبير الذي قطعته هيئة قطر للأسواق المالية وبورصة قطر من أجل تحديث نظام طرح وإدراج الأسهم في البورصة لتصبح الإجراءات أكثر سهولة، ويترقب المستثمرون هذه الخطوة بفارغ الصبر كونها ستنعكس إيجابا على عدد الشركات المدرجة، وستساهم في تحفيز الشركات العائلية على الإدراج كما ستعزز الجاذبية الاستثمارية للبورصة، مبينا أن هناك خطة أيضا لدى البورصة لإطلاق سوق للشركات الصغيرة والمتوسطة في ظل الدور المتنامي الذي يلعبه قطاع ريادة الأعمال في تنويع الاقتصاد الوطني وتحقيق رؤية قطر 2030.
وشهدت الفترة الماضية اتفاق كل من إدارة بورصة قطر وهيئة قطر للأسواق المالية على نظام الطرح والإدراج الجديد، ويتم حاليا وضع اللمسات الأخيرة عليه تمهيدا لدخوله حيز التنفيذ، وبموجب النظام الجديد سيتم تخفيف قيود وتيسير شروط الإدراج من خلال السماح للشركات الراغبة في إدارج أسهمها بالبورصة بالإدراج المباشر، أو اتباع نظام البناء السعري، علما بأن النظام الجديد كان قد سبق وطرحته هيئة قطر للأسواق المالية على جميع الأطراف المعنية بالسوق للتشاور والاستئناس بالآراء.
وبحسب هيئة قطر للأسواق المالية، فإن فكرة البناء السعري تتلخص في قيام مستشار الطرح بتقديم تقييم للشركة الراغبة في طرح أسهمها لمجموعة من المستثمرين المؤهلين، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مثل شركات الخدمات المالية والبنوك وشركات التأمين ومؤسسات الدولة والشركات المملوكة لها، حيث يتم طرح جزء من أسهم الشركة الراغبة في طرح أسهمها للمستثمرين المؤهلين، ومن خلال المفاوضات يتم التوصل إلى قيمة يرتضيها أطراف العملية ويتم بناء سجل أوامر من خلال طلبات الاكتتاب المقدمة منهم وبناء على ذلك يتم تحديد سعر طرح الأسهم لعموم المستثمرين.
وفي المقابل، فإن الإدراج المباشر يعني إدراج أسهم الشركة دون المرور بمرحلة الطرح العام الأولي «الاكتتاب العام»، الأمر الذي يوفر الكثير من الوقت والتكلفة ويختصر قائمة كبرى من الإجراءات، ومن المرتقب أن يؤدي تحديث نظام طرح وإدراج الأوراق المالية إلى ارتفاع وتيرة إقبال الشركات العائلية على التحول إلى شركات مساهمة وإدراج أسهمها، الأمر الذي سينعكس إيجابا على أداء البورصة.
copy short url   نسخ
21/11/2020
1589