+ A
A -
بقلم: داليا الحديدي
كاتبة مصرية
تحية لمن يعيش اللحظة قبل أن تؤول لماض
لمن يستمسك بالموجود قبل أن يُمسي مفقودًا
لمن يستعيض بتزيين مضارعه، عوضًا عن التحسر على الماضي الجميل
ولمن يقدرون الآن.. الآن، وليس غدًا..
تقديري لمن يَرى الجميل في يومه، لا في قصة الأمس
للملتفتين للمتوفر، عوضًا عن العسعسة عن النواقص.
لمن يَعي أن أربع ساعات من الهموم، تَهزمهم عشرون ساعة صفو، إن أقسمنا على البحث عن المتلألئ في ليلتنا.
تحية لمن يوقن أن الواقع ليس بهذا المرار، وأنه بإزاء كل لوحة قاتمة، هنالك ألف «بورتريه» لنعم مغبونة.
طوبى للمستمتع بشمس الصيف في آب، مستعينًا عليها بمظلٍة.
ولفاتح فاه لأمطار الشتاء أو للمحتمي منها بمعطٍف.
وقاتل الله قومًا احترفوا استفقاد صيفهم في شتائهم، وشتائهم في صيفهم.
تحياتي للمنتبهين لخيرية الفلاح في الحقل ولتضحية الجندي في الخندق ولوقفة الزوجة في المطبخ ولتركيز الطيار في السماء ولمثابرة المُمَرض في وردية المساء، أثناء دوامهم لا حال انقطاعهم عن العمل.
تحية لمن تجدون خدوشًا في طاولاتهم ونقصًا في صحونهم وشموعًا ذائبة على موائدهم، فذاك دليل لتمتعهم بهدايا الوهاب.
وأسفي على من يُرجئ التَرف ادخارًا لضيوف المستقبل المجهولين.
الله الله على من يكافئ شريكه بالإحسان إليه وهو بين ظهرانينا، وأفٍ لمن يجعل نصيب زوجته من التقدير منشورا على منصات التواصل، فينعيها بدمع سخي سخين لكن بعد فوات الحياة.
تحية لمن يقدر وظيفته قبل التقاعد وتحايا لمن فقد الوظيفة، فصبرا على صعوبات المعاش قبل الإحالة من قيد الحياة.
طوبى لمن رضي بقدم صناعية بُعيد بتر قدميه.
وسلام على من يقرر كبح جماح صاري الهموم، وفرد شراع السرور، لمن لا يُعطي هواجس المستقبل فوق ما تستحق.
ولمن لم تَهزمه هُموم أرزاق الغد، فتحرمه فرحة النصر بوفرة خبز اليوم.
بورك لمن يستعذب الماء حال تدفقه، لا ساعة انقطاعه عن السريان في الجدول.
ومن يتعمد الابتعاد عن المشهد فاصلة، ليطالع صورته عن بعد، دون التركيز في الصغائر.
تحية لمن يكبس زرً، فإن وجده يضارع ويصارع ويعمل، ارتفعت أسهمه الخضراء في بورصة راحته وشعر أن الله يَصُب على أقداره من السكينة، صبّ الهوينى..
رحم الله من يرى في قوارير مؤن بيته الرُبْع ممتلئة، طمأنينة.
تحية للفعل المضارع..
لمن ينتبه لحتمية التعامل مع هدايا السماء كمعجب بنجمه المفضل، لا كزوج امتلك زوجته بعقد قران مؤبد، فإن فقد هداياه، فلقد كان يعلم سلفًا أنها لم تكن من ممتلكاته.
تحية لأزواج لا يفتأون يعربشون عن حلاوة سلام أول لقاء بأيديهم.
حيا الله من عجز سارق الأحزان من نشل محافظ أفراحهم إلا كمُختَلِس شلنات السعد، التارك لمجوهرات الراحة، وأصول الرضا وعقارات السكينة والحبور.
سلام على من وصفهم الدكتورعدنان ابراهيم بأنهم يتعاملون مع نِعم المُنعم على أنها شيء (غيرعادي) .
copy short url   نسخ
31/10/2020
593