+ A
A -
كتب - محمد أبوحجر
قال فضيلة الشيخ عبدالله النعمة، في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب، إن الآداب والأخلاق عنوان صلاح الأمم والمجتمعات ومعيار فلاح الشعوب والأفراد، مؤكدا أن سلامة المجتمع وقوة بنيانه وسمو مكانته وعزة أبنائه في تمسكه بفضائل الأخلاق.
وأضاف: لذلك فقد جاءت تعاليم الدين وقيمه بالأمر بالمحافظة على الأخلاق الحسنة في كل أحوال المسلمين أفرادا وجماعات، موضحا أنه يكفي لبيان ذلك أن يحصر النبي صلى الله عليه وسلم مهمة بعثته في إصلاح الأخلاق بقوله عليه الصلاة والسلام «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، لذلك جاءت وصيته صلى الله عليه وسلم لأبي ذر وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ»، وقد بشر صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق الحسن بالثواب العظيم من الله عز وجل يوم القيامة: «إنَّ مِن أحبِّكم إلىَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا، وإنَّ مِن أبغضِكُم إلىَّ وأبعدِكُم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ والمتشدِّقونَ والمتفَيهِقونَ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، قد علِمنا الثَّرثارينَ والمتشدِّقينَ فما المتفَيهقونَ؟ قالَ: المتَكَبِّرونَ».
وقال الشيخ عبدالله النعمة إن المسلم قد يفوز بأخلاقه العابدة، لافتا إلى ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه قال: «إن المسلم المسدَّد، ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله عز وجل لكرم ضريبته وحسن خلقه»، مضيفا أن أثقل ما يكون في ميزان العبد يوم القيامة مستشهدا بقوله صلى الله عليه وسلم مَا مِنْ شَيءٍ أَثْقَلُ في ميزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيامة مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وإِنَّ اللَّه يُبْغِضُ ألفَاحِشَ البَذِيء.
وأشار الخطيب إلى ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رسولُ اللَّه ? عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ، قَالَ: تَقْوى اللَّهِ وَحُسْنُ الخُلُق، وَسُئِلَ عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ: ألفَمُ وَألفَرْجُ».
وأوضح الشيخ عبدالله النعمة أن المطلوب من المسلم هو أن يعيش ذا تعامل حسن وذا خلق نبيل مع أهله وإخوانه وذويه وجيرانه بل ومع عامة المسلمين وخاصتهم، لدوام المحبة وحسن العشرة ورفع المنزلة عند الله عز وجل يوم القيام مؤكدا أن حسن الخلق ذهب بخيري الدنيا والآخرة.
وأشار خطيب جامع الإمام إلى ما أخرجه البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك».
وأكد النعمه أن الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب لنا أروع الأمثلة في الأخلاق الحسنة، فلم يكن عليه الصلاة والسلام فاحشا ولا متفحشا ولا لعانا ولا سبابا وكان من أحسن الناس وجها وأطيبهم خلقا، وكان صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه ولا ينتقم لها بل كان غضبه عندما تنتهك حرمات الله تعالى، مضيفا أن لنا فيه عليه الصلاة والسلام الأسوة والقدوة الحسنة، حيث كان عليه الصلاة والسلام يبدأ من لقيه بالسلام ويجيب دعوة من دعاه، ولو إلى شيء يسير، وأنه كان عليه الصلاة والسلام كريم الطبع، جميل المعاشرة، طلق الوجه، بساما، متواضعا من غير ذلة، جوادا من غير سرف رقيق القلب، رحيما بكل مسلم، خافضا جناحه للمؤمنين، لين الجانب لهم، يعود مريضهم، ويشهد جنازتهم، ويفرح عليه الصلاة والسلام لفرحهم. وتابع الخطيب: ولنا في الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، ولنتأمل سيرته عندما دخل مكة فاتحا منتصرا عزيزا مؤيدا على أولئك الذين طردوه وأذوه وحاصروه، حتى أكل عليه الصلاة والسلام مع أصحابه ورق الشجر فما رحموه ووضعوا سلى الجزور على ظهره الشريف، ورصدوا الجوائز لمن يأتي بها حيا أو ميتا.
وقال: لقد دخل عليه الصلاة والسلام مكة متواضعا قائلا لأؤلئك: «يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم»، قالوا: خيراً. أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: صلى الله عليه وآله وسلم «اذهبوا فأنتم الطلقاء». وأضاف الخطيب: هكذا يجب ان تكون أخلاق المسلم والاهتداء بهديه وسنته وأخلاقه، مشيرا إلى أن هذا هو منهج الاسلام الذي ارتضاه الله عزوجل لنا منهجا متكاملا ودينا قويما وصرطا مستقيما وهو منهج السلف الذين فهموا الإسلام وطبقوه في واقع حياتهم قولا وعمل ومنهجا وسلوكا. وأردف: لنا عباد الله أن نتساءل: ما هو نصيبنا من هذه الأخلاق وأين موقعنا من هذه الخلال الحميدة؟ مؤكدا أنه ينبغي علينا نتعلم أخلاقه صلى الله عليه وسلم ونعلمها من نعول ونغرسها في نفوسهم ونؤسس عليها أبناءنا. وأشار إلى أن الأخلاق الحسنة سجية الأنبياء والمرسلين، ووصف المؤمنين المتقين تزيد الشريف شرفا وترفع للوضيع ذكرا، وما وصل المرء إلى المنازل العالية إلا بالتواضع والتخلق بالأخلاق الفاضلة، مضيفا أنه ليس أقرب إلى قلوب الناس وألصق بهم من صاحب الأخلاق الحسنة، وليس أوحش ولا أبعد إلى قلوبهم من صاحب الخلق السيئ.
وأشار إلى قوله عليه الصلاة والسلام: «أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: صدْقُ الحديثِ، وحفْظُ الأمانةِ، وحُسْنُ الخُلقِ، وعفَّةُ مَطْعَمٍ». وأكد أن الأمة ما ضعفت ولا ابتعدت عن طريق الإسلام إلا بعد أن ضيعت أخلاق الإسلام التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم والذي مدحه ربه، فقال جل وعلا له: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ».
copy short url   نسخ
31/10/2020
4910