+ A
A -
نوزاد حسن كاتب عراقي
أتذكر جيدا ظهر الخامس والعشرين من تشرين الأول من العام الماضي، حين انطلقت حركة الاحتجاج بقوة مرة اخرى، قبل وصولي مع صديق إلى ساحة التحرير شممت دخان الغاز المسيل للدموع، كانت هذه المرة الأولى التي أشم بها الفلفل الحار، وهو يعوم في هواء راكد، يغطي الساحة بكاملها.
وكانت الجموع تهتف بالروح بالدم نفديك يا عراق، وتتحرك هنا وهناك على إيقاع القنابل القادمة من جسر الجمهورية، وعند الغروب بدأ تدفق الجماهير نحو الساحة، وهطل مطر الرحمة ذلك لأن رائحة الدخان خفت كثيرا.
بعد عام كامل بفصوله الأربعة، وبكل أعداد الضحايا والجرحى والمعاقين تعود حركة الاحتجاج من جديد، ظن الكثيرون أنَّ التعب والملل وانهيار المعنويات كسر ذراع المتظاهرين.
قد يقال إن الحراك الشعبي لم يغير شيئا، وما زالت الأمور على حالها، وكي يثبت المتشائم وجهة نظره يقول: حتى قانون الانتخابات وهو مطلب مهم من مطالب المتظاهرين لم يقر بالكامل، وسط خلافات الاحزاب السياسية، لا سيما بعد تأجيل حسم وضع مدينتي نينوى وكركوك.
كما ان هناك تساؤلات كثيرة تطرح مثل الكشف عن قتلة المتظاهرين، وقانون المحكمة الاتحادية، وحصر السلاح بيد الدولة، وقضايا أخرى.
كل هذا صحيح لكن هل من الممكن أن ينكر أي مراقب للوضع، ان حراك تشرين المستمر يدل على ان هناك حسا وطنيا بدأ يتحول إلى احساس بالهوية الحقيقية لإنسان يعرف ماذا يريد، علينا ان نفرق بين تحقيق نصر ما وكأننا نخوض حرب عصابات، وبين احتجاج يصنع عندنا وعيا بهوية نقية هي صورة الوطن غير المجزأ الذي يكون للجميع بلا استثناء.
في منطقة هذه الفكرة فكرة الهوية النقية، يعمل الحراك الشعبي عملا رائعا، وقد لا يكون هذا العمل ناضجا حتى هذه اللحظة، لكنه مع الوقت سيكون أشبه بعقيدة عامة تخلو من التطرف أو القهر أو الفساد الذي دمر بنية البلد.
copy short url   نسخ
31/10/2020
154