+ A
A -
يعيش أكثر من 800 شخص في تونس، أغلبهم من الأطفال والشباب، بعيدًا عن الضوء والشمس، ويلقّبون بـ«أطفال القمر».
هؤلاء هم حاملو أحد الأمراض النادرة في العالم الذي يسمّيه الأطباء «المرض اليتيم»، وهو داء وراثيّ ينتشر في عدد من بلدان المغرب العربيّ واليابان وبعض الدول في قارتي أميركا الشماليّة والجنوبيّة وأوروبا، ويقول الأطباء إنّ زواج الأقارب أحد أهم أسبابه.
«أطفال القمر» أو مرضى متلازمة جفاف الجلد المصطبغ، يعانون حساسيّة مفرطة من الأشعة فوق البنفسجيّة، سواء الآتية من الشمس أو من أنواع معيّنة من الإضاءات، وعادة ما يولدون بصحة جيّدة لكن بمجرد تعريضهم لأشعة الشمس في الأشهر الأولى تظهر أعراض غير معتاد، مثل احمرار الجلد وعدم القدرة على النظر إلى الضوء.
ومع الاستمرار في التعرّض للشمس، تظهر علامات أكثر خطورة، منها التصبغات الجلديّة البيضاء والبنية التي تتحوّل بمرور الوقت إلى سرطان في الجلد، وقد يطور المرض أيضًا سرطانات داخليّة سريعة الانتشار في بعض الحالات.
من ناحيته، يقول الدكتور محمد الزغل، الأخصائي في الأمراض الجلدية والفوتوبيولوجيا، ورئيس جمعية مساعدة «أطفال القمر» في تونس، إنّ هناك 8 أصناف لهذا المرض، تختلف خطورتها بحسب نوعيّة التصبغات، وأخطرها المجموعة «س» التي يوجد مرضاها أساسًا في محافظات سيدي بوزيد والقصرين وجهة الساحل، حيث تنتشر الزيجات ببين الأقارب.
وتزيد خطورة المرض بظروف المناخ، فعند التعرّض لأشعة الشمس تظهر الأورام وتتكاثر، فيما تتسبب إزالتها في تغيّر شكل المريض.
يؤكد الطبيب أنّه لا مجال لإيقاف تطور المرض النادر إلا بالعيش في مكان خال من الأشعة فوق البنفسجيّة، وحماية حامله عبر ارتداء ملابس وأقنعة ونظارات واقية، فضلا عن استعمال دهانات جلديّة على كامل الجسد.
يجاهد «أطفال القمر» ومن ورائهم عائلاتهم، لعيش حياة طبيعيّة، حيث يدرسون ويعملون رغم صعوبة ظروفهم، التي تضطرهم للخروج للأماكن العامة بلباس خاص منسوج من 3 أنواع من الخيوط التي لا تسمح بمرور الضوء، وهي قابلة للغسل 25 مرة، فضلًا عن أقنعة خاصة تغطي الوجه بالكامل مع بلورة أماميّة مجهزة وقناع واق من أشعة الشمس، يلازمهم مدى الحياة.
تسمح هذه الأقنعة لمرتديها بالتجول في الخارج تحت أشعة الشمس، من دون أن تطالهم أضرارها بفضل الحماية التي توفرها.
ويضيف الطبيب الطبيب: «في الماضي القريب كان أطفال القمر يغادرون الحياة في سن صغيرة، ولكن مع تطور أساليب الحماية أصبحت معدلات العيش لحاملي المرض تقترب من الطبيعيّة في بعض الحالات».
كما تأمل نادية في تغيير نظرة الناس لـ«أطفال القمر»، الذين أثبتوا قدرتهم على التأقلم والنجاح.
copy short url   نسخ
31/10/2020
3900