+ A
A -
د.إسلام فريحات كاتب عربي متخصص في الشؤون الصينية
في الآونة الأخيرة، انهالت الصحافة الغربية وخاصة الأميركية والبريطانية بهجمات عنيفة على الصين فيما يتعلق بقضية إقليم شينجيانغ والمسلمين الإيغور، ومنه اتهام الصين بالعنصرية ومحاولات طمس الهوية العرقية والدينية وانتهاك حقوق الإنسان، والتنديد الدائم بما يسمى مراكز الاعتقال والعمل القسري. واستغلت هذه الدول كل الفرص الممكنة لطرح هذا الموضوع أمام المنظمات الحقوقية العالمية محاولة فرض عقوبات على بعض الأفراد والشركات الصينية والقيام ببعض التقليصات الدبلوماسية بناء على ذلك، وقد تزامن ذلك أيضاً مع طرح العديد من القضايا مثل أزمة انتقال هونغ كونغ وادعاءات التسبب بجائحة كورونا العالمية. ولكن هل لقصة شينجيانغ بقية؟ والى ماذا تسعى الصين لتحقيقه هناك ؟
بعد الندوة المركزية الثالثة التي انعقدت في بكين بشأن العمل المتعلق بشينجيانغ، كانت هناك العديد من المخرجات التي أعلنها الرئيس الصيني شي جين بينغ والتي تسلط الضوء بشكل مباشر على سياسة الحزب الشيوعي في حكم شينجيانغ في العصر الجديد، والتي تشرح المسألة من وجهة النظر الصينية كالتالي. بدايةً، الترتيبات الشاملة في شينجيانغ هي جزء من الخطة الإستراتيجية التنموية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لعصر جديد، والتي تهدف ل «التجديد العظيم» للأمة الصينية وتحقيق الازدهار وبناء الحضارة، لذا فإن الترتيبات الجديدة في شينجيانغ تهدف أولا للتطوير الاقتصادي وإنشاء تحسينات على مستوى العمل والإنتاج، حيث إن الإقليم هو جزء أساسي من مبادرة الحزام والطريق ويعتبر من أهم الأقاليم الصينية المساهمة في الإنتاج الزراعي، فالأرقام الرسمية تشير إلى تحسنات تنموية ملحوظة منذ 2014 تمثلت في ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لشينجيانغ من 135.71 مليار يوان إلى 919.59 مليار يوان بمتوسط نمو سنوي 7.2 % وارتفاع إيرادات الموازنة العامة، كما استمرت البنية التحتية في التطور، ودخلت جميع المحافظات والمدن عصر الطرق السريعة، واكتملت ملايين مشاريع الإسكان الريفية والحضرية.
أما على الصعيد الفردي فقد نما نصيب الفرد من الدخل المتاح، وطرأت تحسينات على التامين الصحي وأصبح نظام الضمان الاجتماعي أكثر اكتمالا وساهمت الانجازات في تخفيف حدة الفقر هناك من 19.4 % في عام 2014 إلى 1.24 % العام الماضي، ومن باب تعزيز الكفاءة، التحول والارتقاء بالقاعدة الصناعية والزراعية وسد حاجة السوق للأيدي العاملة لجأت بكين لمراكز التأهيل (التي تقول بعض الجهات الغربية أنها مراكز اعتقال)، حيث تفيد الأخبار الصينية أن معظم المتدربين في هذه المراكز حصلوا منها على مهارات مهنية أو شهادات مؤهلات متخصصة، ما سمح لهم فيما بعد بالحصول على عمل مستقر ورفع مستواهم المعيشي وسد جزء من حاجة السوق.
ومن الناحية الأمنية وشكل الحكم، فإن مركزية الحزب الشيوعي الصيني تبعثه على تعزيز القيادة التنظيمية والتنسيق، دمج مسؤوليات العمل وتعزيز الإشراف والتفتيش،الذي يضم تحت أجنحته كل مراكز القوة في مناطق الحكم شبه الذاتي بالإضافة إلى مراكز الحكم المحلية في ولايات الأراضي الصينية الرئيسية، فيما يضمن الاستقرار الأمني وسيادة القانون، ومن هذا المنطلق جاءت فكرة صيننة الدين الإسلامي في شينجيانغ ضمن احترام التعددية الدينية وهو ما ينص عليه الدستور الصيني الأساسي، فيما يحقق وجود شبكة دينية صينية كاملة من مختلف التوجهات الاعتقادية تصب في فكرة روحية واحدة وهي الصين العظمى وموجّه بوصلتها الحزب الشيوعي، حيث قال شي جين بينغ إن الدين يجب أن يتكيف مع المجتمع الاشتراكي وأن يروج بنشاط للأفكار الجيدة التي تعود بالنفع على البناء الاشتراكي حتى يتمكن الناس من العيش حياة سعيدة وجميلة. يرى الحزب الشيوعي أن بكين تتطلع لإنشاء نمط حوكمة اجتماعية يتسم بالبناء المشترك من كافة الأعراق والأقليات، تتعايش وتعمل معا لصالح الدولة الأم بعيدا عن كل أشكال العنصرية والتطرف، حيث إنها لا تنكر أن مراكز التدريب المهني تهدف أيضا لمحاربة الإرهاب والتطرف كما يحاربه كل من برنامج التقويم الاجتماعي الأميركي وبرنامج «دي دي بي» البريطاني السري، وهو ما قدم مؤشرات أمنية مهمة منها أن الإقليم لم يشهد أي هجوم إرهابي في السنوات الثلاث الأخيرة.كما تنفي الصين أي نوايا قمعية أو اقصائية تجاه المسلمين الإيغور، بل هي وعلى حسب وصفها سياسة جمعية لقطع الشطرنج الوطني وبناء هيكلية شعبية متينة تحتكم لأرضية واحدة ومشروع واحد.
copy short url   نسخ
28/10/2020
2528