+ A
A -
بقلم - د. بثينة حسن الأنصاري
خبيرة تطوير التخطيط الاستراتيجي والموارد البشرية
مجتمعنا القطري مفعم بالنشاط والحيوية، فاعل ومتفاعل مع أساليب الحياة الحديثة ومستحدثات التطور التكنولوجي، يرنو إلى المستقبل ويستشرف واقعه بعين ثاقبة وبصيرة متقدة، يستعد لكل جديد ويتهيأ لأي تحديث، كل هذا من خلال التركيز على العنصر البشري، فهو الأساس المتين في كل بناء، وفي هذا الإطار جاء بيان وزارة التنمية الإدارية حول المرسوم بقانون 21 لسنة 2020 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة، بهدف معالجة الإشكاليات التي واجهت الجمعيات ومجالس إداراتها وأعضاء جمعياتها العمومية، كما تفضل وأوضح سعادة السيد يوسف بن محمد العثمان فخرو وزير التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، الذي تناول الكثير من الجوانب المهمة التي أفادتنا كثيرا.
وقبل أن نستطرد في الحديث نتمنى أن يتسع نطاق هذه الجمعيات في مجتمعنا القطري ولا يقتصر على ما هو موجود الآن، لأن وجودها وتنظيمها ودعمها يؤثر تأثيرا إيجابيا في نسيج المجتمع وتماسكه، ويعطي خبرات أعلى جودة للتنمية الإنسانية مثلما هو موجود في دول العالم المتقدم، ويقدم صورة صحيحة أو تشخيصا دقيقا للواقع ولفهم أوضاع التنمية البشرية والتنظيم المجتمعي داخليا وخارجيا كقاعدة أساسية لاستشرف المستقبل.
إن التطور التكنولوجي المتسارع في العالم يفرض التوسع في نطاق الجمعيات الأهلية والخاصة، التي من بين أهم أدوارها تعظيم قيمة التنمية المستدامة، وتوثيق التعاون المشترك مع القطاعات الحكومية، والحفاظ على العنصر البشري المدرب، ففي ظل جائحة كورنا وذروتها في منتصف هذا العام لم ينج من آثارها السلبية من المؤسسات الكبرى حول العالم من مكَّن للتنمية البشرية، القائمة على التميز – وليس التمييز – في المهارات والخبرات والكفاءات، وأذكر أنه في المملكة المتحدة عزف الناس عن شراء الكماليات لصالح تخزين الضروريات، ولما وجدت الشركات المنتجة أنها سوف تتكبد خسائر كبيرة انتقت مجموعة من الأفراد ممن ينضوون تحت لواء الجمعيات الأهلية ويتمتعون بمهارات عالية للعمل كمندوبي مبيعات، فجاءت النتائج مبهرة، لأنهم استطاعوا إقناع المستهلكين بقيمة السلع التي عزفوا عنها وذلك من خلال القيام ببناء جسر من الثقة بين المنتج والمستهلك.
أرى بصدور هذا المرسوم أن قيادتنا الحكيمة تدفع بالمجتمع إلى الأمام، وبقي على الأفراد ممن ينخرطون في عمل هذه الجمعيات أن يحدثوا من مقاييسهم وتقديرهم، ويطوروا من أهدافهم وتفكيرهم، فالمدقق النظر في حديث سعادة الوزير وفي بنود القانون والمرسوم يجد أن الخدمات التي من المفترض أن تقدمها الجمعيات الأهلية تتضمن مكونات اجتماعية وثقافية واقتصادية، بل وسياسية أيضا، تقوم بها هذه الجمعيات الأهلية لتحسين الظروف في الحياة الاجتماعية لدى الناس، وليس لزيادة الإنتاج أو تحقيق فوائد اقتصادية فقط، بل تمتد إلى أبعد من هذا، وعلى سبيل المثال لا الحصر بناء الثقة بين قطاعات المجتمع الحكومي والخاص والأهلي للخروج بأفضل النتائج وتحقيق الأهداف المرجوة من المشروعات القومية التي تخدم المجتمع ككل.
وفي دراسات عديدة حول ما تقدمه الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة حتى لو كانت مصادر التمويل لديها ناضبة نوعا ما، وبرغم ما قد يقابلها من معوقات إلا أن لديها مجموعة من مكامن القوة التي تدعم دورها في عملية التنمية وهي كالتالي:
{ وجود طاقات تطوعية منخفضة التكلفة المادية ومتوفرة بشكل مستمر في المجتمع.
{ القدرة على الوصول إلى كل أفراد المجتمع والعمل على إشراكهم في العملية التنموية.
{ حشد الموارد المحلية وتعبئتها وتحفيز وتشجيع أفراد المجتمع على المشاركة في تنمية مجتمعاتهم.
{ تقديم الخدمات بتكلفة أقل نسبيا في مختلف القطاعات التنموية.
{ المرونة الإدارية في تعبئة الطاقات المحلية والموارد المتاحة واستغلالها في تنمية المجتمع.
{ تستطيع الجمعيات الأهلية ملء الفجوة الموجودة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص والقيام بأنشطة ومشروعات تنموية تعمل على تنمية المجتمعات المحلية.
هذا – فما بالنا لو كانت مصادر التمويل الجيد متوفرة كما هو الحال في بلدنا، فلا شك يكون الدور أعظم والأداء أكفأ والنتائج أفضل والفائدة أعم وأشمل، وكلي ثقة في أن الجمعيات الأهلية بالدولة تتوفر أمامها جميع المعطيات والأسباب التي تهيئ لها القيام بدور فعال ومتفاعل في عملية التنمية المستدامة، لما لها من إمكانيات وقدرات فائقة على التعامل مع بعض القضايا التي تواجه الأفراد في القطاعات المختلفة وأيضاً لما لها من استعداد على القيام بدور مكمل للقطاع الحكومي في تنمية المجتمع المحلي بفضل المخلصين من أعضائها وبفضل الدورات التدريبية التي تقوم بتنظيمها.
أختم بالقول إنني استبشر خيرا بمستقبل هذه الجمعيات في قطر ودورها المنوط بها، فالدولة قد هيأت لها كل سبل النجاح، وعلينا كمهتمين أن نعيد ترتيب أنفسنا وأفكارنا، ونبتكر في تجديد الهياكل التنظيمية، ونضع استراتيجيات مرنة وأهدافا ورسائل ورؤى جميلة لحياة أجمل حاضرا ومستقبلا، فهذا أقل ما نقدمه لقطر ونرد لها الجميل.
copy short url   نسخ
26/10/2020
729