+ A
A -
إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لنبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، لا يمكن فهمها إلا في إطار تغذية ثقافة التطرف والعنف المدانة بشكل كامل، والتي تستهدف اليوم دينا بعينه هو الإسلام دونما سبب منطقي على الإطلاق.
إن أي أعمال إرهابية تُرتكب باسم الدين هي محل شجب واستنكار، ومن ذلك الجريمة البشعة التي ارتكبت في حق المواطن الفرنسي صامويل باتي الذي قُطع رأسه قبل أيام في باريس، لكن ربط الإسلام والمسلمين بالإرهاب لا يقل بشاعة عن عملية القتل ذاتها، والذين يفعلون ذلك ينطلقون من سياسات تمييزية تستهدف المجتمعات الإسلامية، وتسيء لمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم، وبطبيعة الحال فإن إهانة الرموز الدينية، من أي ديانة، باسم حرية التعبير أمر غير مقبول وغير أخلاقي.
في فبراير «1998»، أصدرت محكمة الجنح في باريس حكما بالغرامة ضد الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي بتهمة التشكيك في جرائم ضد الإنسانية على خلفية الكتاب الذي أصدره قبل ذلك بعامين، وشكك فيه بعدد ضحايا المحرقة النازية خلال الحرب العالمية الثانية، وقال إنه مبالغ فيه (ستة ملايين يهودي)، مبديا اعتقاده بأن إسرائيل تتخذ هذه المسألة ذريعة لكل التجاوزات التي ترتكبها في فلسطين.
ما فعله النازيون جريمة، هذا أمر لا يمكن نكرانه، وما تفعله إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني جريمة مماثلة، ولم يشفع للمفكر الفرنسي مبدأ «حرية التعبير» لدرء المحاكمة عنه في قضية «تاريخية» تحتمل التأويل والتفسير والقراءة من زوايا مختلفة، في حين أن الذين «صمتوا» عن محاكمته، ترتفع أصواتهم اليوم لتبرير الإساءة للإسلام والمسلمين بزعم حماية «حرية التعبير»، في تناقض صارخ لا يمكن فهمه إلا في إطار السياسات التمييزية التي تستهدف المجتمعات الإسلامية، وتسيء لمشاعر المسلمين وتغذي ثقافة التطرف والعنف.
ما نحن أمامه هو نوع من الازدواجية غير المفهومة، عندما تصبح الإساءة للدين الإسلامي ورموزه قضية «حرية تعبير» مباحة، مع أن نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم عملية تشهير مبتذلة كان يتعين تطويق تأثيراتها منذ البداية، وليس العمل على تبريرها واستمرارها.
copy short url   نسخ
26/10/2020
1420