+ A
A -
محمد موسى
كاتب لبنانيبين تشرين وتشرين عاد سعد الدين، ولكن كم كانت التكاليف باهظة على كل اللبنانيين وفي كل الاتجاهات وعلى الصعد كافة؟ فالفاتورة السياسية للأحزاب والشخصيات الدائرة في الفلك الحزبي كلها أصبحت منبوذة، ما عدا أنصاف الآلهة الذين لهم حصانات لا تنتهي إلا بالموت، حتى الحياة السياسية خلت من أدبيات اعتدنا عليها عشرات السنين، وبات الكذب والخداع فن الممكن. أضف إلى ذلك نظريات من التناقضات التي تشمل الجميع بدون استثناء وبمختلف المسميات؛ من الوطنية إلى السيادة مرورا بالميثاقية وأبعادها المختلفة بحسب المصلحة والحاجة، فالذي يصلح اليوم ويمجد ميثاقية ما يخذلها غدا وينسحب منها، وكأني بالسيدة ماجدة الرومي تغني: كلٌ يغني على ليلاه وأنا على ليلاي أغني.
أما حزبيا، فالحياة الحزبية في أضعف أحوالها، فقد ملت الناس الأحزاب والحزبين، علما أن الأحزاب عنوان من عناوين الديمقراطية التي تشكل أساس الحياة السياسية. فالحقيقة تقول إن الأحزاب اللبنانية بمعظمها لا تفهم إلا لغة المحاصصة وتقسيم المغانم، وللأسف بلا حياء وبوجه مكشوف فاقع، ويُخشى أن تقتل الحكومة الحريرية القادمة قبل أن تولد.
وعلى الصعيد الاقتصادي، المؤشرات حدث ولا حرج، فالانهيارات بالجملة من الكتلة النقدية المتضخمة إلى مستويات قياسية.
لقد سلك التكليف دروبه الوعرة بمعركة خاضها الحريري باللحم الحي من جهة وبلبن العصفور الذي وفره رئيس البرلمان نبيه بري من جهة أخرى، حيث كان اللاعب الأساسي الداخلي الذي ساهم في إجراء الاستشارات إن التناقض في ترتيب بيت حكومي جديد للحريري يدور في توليفة حكومة اختصاصيين مستقلين، وبعضهم مقربون من الأحزاب وليسوا حزبيين بالمعنى الفج للخروج بأقل الخسائر والحصول على ثقة البرلمان وقليل من ثقة الناس أولا.
وعليه، عدنا إلى المربع الأول الذي يتجلى في معيار الثقة من الداخل والإقليم والخارج الذي قد يمل قريبا من الحالة اللبنانية المستعصية. ويكفي التذكير بكلام وزير الخارجية الفرنسي في مجلس الشيوخ منذ أيام؛ بأن لبنان قد يكون إلى زوال إن لم تأت حكومة فاعلة تقوم بالإصلاحات التي ستكون عنوان المرحلة القادمة. فهل يُقدِم اللبنانيون لإنقاذ بلدهم، أم الأنانية والشخصانية والارتهان للخارج سيبقى سيد الموقف؟!
copy short url   نسخ
25/10/2020
1569