+ A
A -
عادل النجار
لم يأت تقديم قطر ملفا رسميا لاستضافة كأس الأمم الآسيوية للمنتخبات للعام 2027 من فراغ، بل هو نتيجة طبيعية لما تمتلكه قطر من قدرات وإمكانيات هائلة على جميع المستويات، فالدولة التي ستنظم كأس العالم 2022 لن يكون صعباً عليها استضافة البطولة الآسيوية، فقد سبق ونظمتها في 2011 وحققت نجاحاً كبيراً وقبلها في 1988، وتسعى مجدداً للفوز بشرف الاستضافة لتقديم نسخة أكثر ابهاراً في ظل المكتسبات الهائلة التي وصلت إليها الدوحة في طريقها نحو استضافة النسخة الأفضل تاريخياً للمونديال.
إن قطر تمتلك سجلا رياضيا حافلا في مجال استضافة البطولات العالمية والقارية والإقليمية، ويكفي ما فعلته مؤخراً عندما أنقذت دوري ابطال آسيا، حيث استضافت منافسات غرب القارة بصورة أكثر من رائعة وتستعد لاستضافة منافسات شرق القارة، في واحد من المواقف المشرفة التي تعكس جدية قطر والتزامها بقضايا القارة رغم جائحة كورونا التي أوقفت الرياضة على المستوى العالمي، لكن وقت الأزمات تظهر المواقف المشرفة لقطر، والجاهزية الكاملة لاستضافة المنافسات الصعبة وأخراجها بالصورة اللازمة التي تؤكد أن ما تسعى قطر لتقديمه للرياضة القارية والعالمية يتجاوز الرياضة ويصل لمرحلة ارسال رسائل للشعوب، أنه بالعمل والإصرار والاجتهاد سنتغلب على الصعوبات ولن نقف عاجزين أمام الأزمات، كما أن قطر لا تسعى خلف مكاسب مادية من تلك البطولات لكنها تسعى لتقديم رسائل حول قيمة الرياضة للشعوب ودورها في حياة البشر، فهى اول دولة في العالم تخصص يوم عطلة رسمية لممارسة الرياضة. بدون شك ما فعلته قطر في تنظيم بطولة دوري ابطال آسيا شرقاً وغرباً سيعزز من ملف استضافة كاس آسيا 2027، فقد تصدت قطر بشجاعة للأزمة رغم جائحة كورونا، وتطوعت لانقاذ دوري الأبطال، في موقف مشرف يعكس الإرادة القطرية والحرص على مصلحة القارة الاسيوية، من واجب المسؤلية والشعور بالرغبة في الحفاظ على المكتسبات الرياضية التي وصلت اليها آسيا، في وقت كان الاتحاد الاسيوي على وشك الغاء البطولة مثلما فعل في بطولات أخرى مثل الصالات والشباب وغيرها من المنافسات، فالقارة الآسيوية هائلة الاتساع ومن الصعب إقامة المنافسات بشكلها الطبيعي في ظل جائحة كورونا، لكن قطر كانت حاضرة وقدمت ملف شامل أخرج الاتحاد الاسيوي من مأزق الإلغاء إلى مكاسب النجاح عبر جهد قطري كبير استحق الإشادة والتقدير.
المنقذ للبطولات
لقد كانت قطر المنقذ في ظروف صعبة كثيرة واجهت الرياضة العالمية، بل سبق وتصدت بشجاعة لمواقف عديدة ليس فقط خلال جائحة كورونا، ففي العام الماضي واجهت دورة الألعاب العالمية الشاطئية أزمة بعد انسحاب سان دييغو الأميركية التي كان مقررا إقامة البطولة بها، إلا أن قطر أنقذت الموقف باحتضان النسخة الأولى من البطولة في غضون فترة قصيرة جداً، ولم يشعر العالم مطلقاً بتلك الأزمة في ظل النجاح الكبير والاشادة العالمية التي خرجت بعد استضافة الدوحة للحدث العالمي بمشاركة 97 دولة، وكتبت العديد من الصحف العالمية العديد من المقالات التي تتناول دور قطر في تقديم صور مميزة وكتبت صحيفة business standard مقالا موسعا، قالت فيه إن المسؤولين في اتحاد اللجان الأولمبية الدولية «أنوك» أظهروا الثناء لقطر على تنظيم دورة الألعاب الشاطئية العالمية، وقدم المسؤولون في الأنوك الشكر إلى قطر لتدخلها لاستضافة الحدث في غضون مهلة قصيرة جداً.
مواقف مشرفة
كذلك خلال جائحة كورونا وبعيداً عن المنافسات الرياضية التي أنقذتها قطر، تم انقاذ المنتخب الصيني الأول للرجال والسيدات عندما عجز عن العودة إلى الصين بسبب تفشي كورونا، وقامت قطر باستضافتهم في معسكر لمدة شهر كامل داخل أكاديمية أسباير للتفوق الرياضي، وتواجد 29 لاعبا (15 لاعبة و14 لاعبا) من أبطال الصين العالميين والمصنفين أوائل في تنس الطاولة على مستوى العالم، بالإضافة إلى عدد كبير من المدربين والإداريين، وقد حضروا إلى قطر مباشرة من ألمانيا بعد مشاركتهم في بطولتها الدولية، وفتحت قطر أبوابها لهم ليواصلوا تحضيراتهم لعدم قدرتهم على العودة إلى الصين من جديد بسبب تفشي فيروس كورونا في مشهد جديد يعكس قيمة قطر على المستوى الدولي كدولة حريصة على تقديم الدعم والمساندة تحقيقاً للمقولة التاريخية «كعبة المضيوم».
تجربة فريدة في صناعة الرياضة
إن تجربة قطر في صناعة الرياضة فريدة ومتميزة، وكشفت أزمة كورونا أهمية العاصمة الرياضية التي تمتلك القدرة الدائمة على استضافة اكبر البطولات بشكل سريع واخراجها بأفضل صورة، فما تمتلكه قطر من بنية تحتية رياضية وكوادر تنظيمية يجعلها جاهزة لحل أي أزمة رياضية تواجه العالم وليس القارة الآسيوية فقط، فكل شيء متوفر سواء فيما يتعلق بالملاعب التي تحظى بأعلى التقيمات العالمية، والتي يتم تحضيرها لاستضافة كاس العالم 2022 بصورة غير مسبوقة تاريخياً، أو الملاعب الخاصة بالتدريب أو فنادق الإقامة أو وسائل النقل والمواصلات، أو مترو الدوحة، أو البنية التحتية التكنولوجية الخاصة بوسائل الاعلام والنقل الفضائي أو مستشفى الطب الرياضي اسبيتار أو غيرها من الإمكانيات الهائلة التي جعلت الدوحة بحق عاصمة الرياضة، وهو أمر يدعو للدراسة لأن تجربة قطر الفريدة اثبتت أهميتها على المستوى الرياضي العالمي بما تمتلكه من جاهزية على مدار الساعة لاحتضان أي مباراة عالمية أو بطولة دولية أو أي معسكر لاي رياضة، وهذا الأمر يحظى باهتمام واسع لدى الاتحاد الدولي الذي بدأ جني ثمار منحه تنظيم كاس العالم 2022 لقطر، كأول دولة في الشرق الأوسط والمنطقة العربية تستضيف ذلك الحدث الكبير، فقد نجحت قطر في كسب الرهان وأكدت ان الاستثمار في استضافة بطولة بتلك القيمة لن يعود بمكاسب لقطر وحدها، بل سيعود على المنطقة والقارة بأكملها وحاليا العالم باثره يحظى بتلك المكاسب لان قطر جاهزة لاستضافة أي بطولة تواجه أزمة أو تحدي، وأثبتت ذلك في العديد من المواقف والظروف واخرها جائحة كورونا.
أكثر من «500» بطولة في آخر «15» عاما
تحرص قطر على استضافة كبرى الفعاليات الرياضية العالمية والأولمبية الإقليمية للمساهمة في دفع وتحفيز حركة السياحة الرياضية في قطر والمنطقة الخليجية عموما، فعلى مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، استضافت دولة قطر أكثر من 500 حدث رياضي كبير بين بطولات ومؤتمرات ومعسكرات تدريبية، ومن ابرز الأمثلة على البطولات التي استضافتها قطر كأس آسيا لكرة القدم 2011 وبطولة العالم لكرة اليد 2015 وبطولة العالم لألعاب القوى في 2019، وبطولة الخليج في 2019 والألعاب العالمية الشاطئية ايضا العام الماضي إلى جانب منافسات دوري ابطال آسيا لمنطقة الغرب في 2020 وبطولة العالم للسباحة التي ستحتضنها في 2023،علاوة عن استعدادها لاستضافة الحدث الاكبر في تاريخ المنطقة العربية والشرق الأوسط وهو مونديال 2022 لكرة القدم. كما شهدت الدوحة استضافة العديد من البطولات العالمية المتنوعة في كرة الطاولة والتنس الأرضي وسباق السيارات والجمباز والسباحة وكرة السلة وكرة اليد وغيرها.
مونديال الأندية والقوى والأنوك وخليجي 24 نجحوا بامتياز
سنوياً تنظم قطر عددا كبيرا من البطولات العالمية والقارية والإقليمية يجعلها الدولة الأكثر استضافة للاحداث الرياضية على المستوى العالمي في السنوات الأخيرة، واذا نظرنا إلى عام 2019 على سبيل المثال سنجد أن قطر استضافت عدد كبير من البطولات التي حققت نجاحاً باهراً، ومن أبرز تلك البطولات التي قامت قطر بتنظيمها، بطولة العالم لألعاب القوى 2019 بمشاركة أكثر من 2000 رياضي، والنسخة الأولى من دورة الألعاب العالمية الشاطئية لاتحاد اللجان الأولمبية الوطنية (أنوك)، وبطولة كأس العالم للأندية FIFA، وبطولة كأس الخليج «خليجي 24»، والسوبر الإفريقي لكرة القدم، بالإضافة إلى استضافة النسخة 12 من كأس العالم للجمباز الفني (رجال وسيدات)، وبطولة العالم للاسكواش في نسختها الأربعين، وغيرها من الأحداث والفاعليات الرياضية في مختلف الألعاب، الأمر الذي يعكس قيمة ومكانة قطر كعاصمة للرياضة العالمية، وبدون شك أن الرغبة في استضافة بطولات جديدة يعكس القدرات الموجودة والجاهزية الدائمة لاستضافة تلك البطولات وإخراجها في أبهى صورة.
تحييد السياسة بعيداً عن الرياضة
تحرص قطر بشكل دائم على إبعاد السياسة عن الرياضة، فعلى الرغم من تعرضها لحصار من دول الجوار، الا أن ذلك لم يمنعها من فتح أبوابها للجميع، بل نالت شهادة تقدير وكلمات شكر وامتنان من ممثلين لتلك الدول التي تشترك في الحصار، فعلى سبيل المثال توج الزمالك المصري بلقب السوبر الافريقي في الدوحة هذا العام 2020، وتم تقديم كل التسهيلات أمام بعثة الفريق المصري على الرغم أن مصر تشترك في حصار قطر، كذلك توج المنتخب البحريني بكأس الخليج العام الماضي في قطر للمرة الأولى في تاريخه، واحتفل بالإنجاز في الدوحة وسط أجواء رائعة تم توفيرها من جانب قطر على الرغم أن البحرين تشترك في حصار قطر، كذلك شاركت أندية سعودية وإماراتية في مختلف البطولات التي أقيمت في قطر وآخرها دوري أبطال آسيا ولقوا معاملة طيبة للغاية، عكست العقلية القطرية الاحترافية في التعامل بشكل مشرف من خلال الفصل بين الرياضة والسياسة، ونرصد هنا عددا من تصريحات لاعبين من أندية إماراتية وسعودية وممثلين لهم بعد مشاركتهم في دوري ابطال آسيا، حيث أشاد وليد عباس لاعب شباب الأهلي الاماراتي بجاهزية الملاعب في قطر، حيث قال عندما سأل عن الملاعب التي احتضنت المباريات «ملاعب رائعة للغاية»، في حين تحدث جيرارد زاراغوسا مدرب شباب الأهلي دبي الإماراتي «الملاعب مميزة وعلى أعلى درجات الجاهزية لمونديال 2022 سواء كانت ملاعب التدريب أو المباريات، وهذا أمر رائع بالتأكيد لكرة القدم»، وقال البرازيلي مايكون بيريرا مدافع نادي النصر السعودي ان تنظيم قطر لمنافسات دوري المجموعات ببطولة دوري ابطال آسيا، كان مميزاً.
copy short url   نسخ
23/10/2020
637