+ A
A -
جاسم الشمري
كاتب عراقيتسببت ربكة أسواق النفط في إدخال العراق في العديد من الدوّامات، وفي مقدّمتها دوّامة صعوبة توفير الرواتب لأكثر من ستّة ملايين موظّف ومتقاعد، ممّا سبّب إحراجاً كبيراً لحكومة مصطفى الكاظمي التي تقول إنّها استلمت خزينة العراق وفيها أقلّ من مليار و300 مليون دولار من حكومة عادل عبد المهدي السابقة!
ويعاني العراق، منذ عقد ونصف، من ركود اقتصاديّ وصناعيّ محلّيّ شبه تامّ، وغالبيّة الموادّ الغذائيّة والاستهلاكيّة والقطنيّة والمنزليّة تستورد من دول العالم القريبة والبعيدة!
ولقد سمعنا مئات الوعود من الحكومات السابقة بخصوص تنشيط قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة المحلّيّة، إلا أنّها لم تر النور، ولم تُطبّق على أرض الواقع، ولهذا بقيت غالبيّة تلك القطاعات في شلل شبه تامّ بسبب غياب الخطّة الوطنيّة الشاملة للنهوض بالاقتصاد المحلّيّ أسوة ببقيّة دول العالم!
ويعزو غالبيّة السياسيّين التدهور الاقتصاديّ إلى أنّ الدولة انشغلت بمحاربة الإرهاب، وهذه حجّة سقيمة لا تقوى على الصمود أمام واقع غالبيّة البلدان بما فيها الدول الضعيفة، لأنّ محاربة الإرهاب من مهام وزارتي الدفاع والداخليّة، ولا يعني ذلك تجميد بقيّة مفاصل الدولة الأخرى.
الواقع الماليّ الهشّ وصل لدركات مخيفة، ولهذا شهد العراق خلال الأسبوعين الماضيين لغطاً وفوضى واحتجاجات كبيرة لعجز الدولة عن سداد رواتب الموظّفين والمتقاعدين، وسط فوضى التعيينات لملايين الموظّفين غير المنتجين!
وفي محاولة حكوميّة لحلحلة الأمور، قدمت حكومة الكاظمي يوم الثلاثاء الماضي للبرلمان ما أسمته «الورقة البيضاء الإصلاحيّة والكفيلة بمعالجة الكثير من نقاط الخلل التي تراكمت على مدى سنوات طويلة»!
إنّ الدعوة الحكوميّة للاقتراض الداخليّ لتأمين رواتب الموظّفين لا يمكن أن تقود لحلّ المعضلة، ذلك لأنّ البنوك المحليّة ستقرض الدولة بموجب فوائد ضخمة وهذا سيزيد من تعقيدات المشكلة!
خلاصة القول هو أنّ «الورقة البيضاء» بعيدة عن الواقع الماليّ العراقيّ، وتفتقر للخُطَط التنمويّة الواقعيّة والعمليّة الواضحة للنهوض بالاقتصاد العراقيّ المتردّي!عربي 21
copy short url   نسخ
18/10/2020
137